آخر الأخبار

spot_img

في رحيل الرفيق حسن عبدالوارث الراحل الحي والغائب الحاضر

الثوري – كتابات

سأقول كما قال الشاعر محمد محمود الزبيري:

ما كنت أعرف أني سوف أبكيه *** وأن شعري إلى الدنيا سينعيه

بألم بالغ وحزن عميق تلقيت خبر رحيل الهامة الوطنية والصحفية ونبراس الكلمة الحرة، ومنور أدراج الصحافة اليمنية والعربية، والقائد الاشتراكي المخضرم واليساري المثقف، الرفيق المناضل حسن عبد الوارث، يوم الأربعاء الموافق 25/9/2024، في العاصمة صنعاء، بعد حياة حافلة بالمنجزات والعمل الدؤوب في جميع المجالات، ومسيرة نضال وكفاح ومآثر وطنية كبيرة وخالدة وعظيمة في سبيل خدمة الإنسانية جمعاء.

تعددت منجزاته وفاحت روائحها العطرة في كل مجالات الحياة الثقافية والصحفية والإعلامية والحقوقية والسياسية.

تعرفت على الفقيد معرفة شخصية بعد الحرب الظالمة لعام 1994، وقبل ذلك كنت أقرأ له في صحيفة العمال والثوري والوحدة، والتي كانت تعتبر درراً ومنارة نستدل بها في دروب الأمل والحرية.

كان مديراً لتحرير صحيفة الثوري، وكان رئيس تحريرها – إذا لم تخنني الذاكرة – الكاتب والهامة الوطنية والثقافية الأستاذ القدير عبدالباري طاهر. كان مقر الصحيفة والحزب في شارع بغداد،

وكانت سلطات حرب صيف 1994 تحتل مقرات الحزب وممتلكاته بما فيها المقر الرئيسي في العاصمة صنعاء، والتي لا تزال أغلبها إلى الآن بيد سلطات الأمر الواقع المتعاقبة على اغتصاب الحكم في البلاد.

وفي حينها وصلت إلى الصحيفة ومعي موضوع متعلق بنشاط منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة ريمة، وموضوع آخر متعلق بمعاناة الناس وحرمانهم من المشاريع والخدمات الضرورية لغرض نشرها في الصحيفة.

كان المتواجد في المقر الفقيد حسن عبده الوارث، تبادلنا الحديث عن الوضع وأعطيته الموضوعين وطلبت منه نشرهما في العدد القادم للصحيفة حينها. فاستعد وأبدى تفاعله وقال لي:

“نحن نواجه مشكلة يا رفيق أبو الفضل في الصحيفة مع العقول التي تريد أن تجعل من صحيفة الثوري صحيفة أيديولوجية وفي مسار ضيق. لا يريدون أن تكون صحيفة لكل الناس ومعبرة عن تطلعات الحزب والجماهير اليمنية عامة. البعض يعتبر أن تبني هموم المجتمع الخدمية والاجتماعية وغيرها ليست من مهام الصحافة وأعضاء الحزب، بل يعتبرونها من مهام السلطات المختصة. وهذه حقيقة كانت فعلًا أثناء حكم الحزب الاشتراكي في الجنوب قبل الوحدة؛ إذ كانت السلطة تقوم بدورها المؤسساتي دون أن يتابعها أحد، ولكن هنا الوضع يختلف”.

كان يهتم بالمجتمع وشؤونه ليس فقط الجانب السياسي والأيديولوجي كما كان البعض ولا يزالون إلى الآن لم يستوعبوا متطلبات الحياة واحتياجات المجتمع. وكان يهتم بصفته الشخصية وكصحفي وقيادي دون أن تكون تلك من مهامه. لم يكن يحب الظهور أو الجاه، ولكنه بقلمه وكلمته الحرة الصادقة والنبيلة والمعبرة عن الجميع احتل القلوب البيضاء وسكن الأفئدة. وبعزيمته وحبه لوطنه وشعبه تمكن من الذود عن الوطن والدفاع عن حقوق الشعب بالكلمة الحرة في جميع المراحل والمجالات المختلفة والمنعطفات الخطيرة وفي أحلك الظروف دون استثناء.

اعتلى الرفيق حسن عبد الوارث أعلى مراتب الوفاء، وحلق في سماء الوطن ينثر بذور الحب والسلام والمحبة والشرف والنزاهة والوفاء. حمل على عاتقه رسالة نبيلة عبرت عن قيم أصيلة تمثلها الفقيد في حياته كصحفي، تعمقت في جوارحه وأحاسيسه وقيمه النبيلة أولًا، وثانيًا عكست بكل فخر واعتزاز أهداف الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه واليسار بشكل عام، وكان نموذجًا صادقًا لذلك.

إن رحيله فاجعة كبيرة ومؤلمة في هذه الظروف والمرحلة العصيبة التي تعتبر الأخطر في تاريخ اليمن المعاصر، وخسارة لقوى اليسار بشكل عام والحزب الاشتراكي بشكل خاص. وأنا أكتب هذه الكلمات ينتابني الحزن والألم على فقداننا رفيقاً موهوباً كان يشع منه النور في أحلك الظلام، وكان بكلماته الحرة والمستنيرة يحطم أصنام الضلال، وتخرس عندها الأبواق المأجورة.

وما يؤلمني أكثر، رفيقي العزيز، حجب أغلب رفاقك عن الكتابة عنك، لا أدري هل هي إصابة المجتمع بداء المناطقية والجهوية التي كنت تمقتها وتناضل من أجل القضاء عليها كونها من أهم عوامل التخلف والتشرذم وتقزيم المجتمع، أم أنها العناية الإلهية اختارت ذلك بعد أن اختارك الله إلى جانبه بعد أن أصبحت الحياة في هذه الدنيا لا تتسع لمن هم مثلك من الزهاد والأتقياء، بل صارت ملاذًا للأشرار وأقزام البشر.

نعزي أنفسنا بهذا المصاب الجلل والأليم، ونعزي أولاد الفقيد وأسرته وجميع رفاقه ومحبيه.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

أبو الفضل صالح الريمي

عضو اللجنة المركزية، سكرتير منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة ريمة