(الخرطوم) – “صحيفة الثوري”:
تدخل الحرب في السودان عامها الثالث، والمواطن السوداني لا يزال ينوء تحت أثقال الخراب والدمار والموت والنهب وجرائم الاغتصاب والاستعباد الجنسي. يعيش الناس بين أنياب المسيرات الدامية في الفاشر وسائر المدن، أو تائهين في المنافي ومآسي النزوح واللجوء. وعلى الرغم من تفاقم الكارثة وتعمق المأساة، يعجز المجتمعان الدولي والإقليمي عن الوصول إلى تسوية توقف هذه المذبحة وتنقذ البلاد وأهلها من السقوط الحر نحو الانهيار الكامل.
في هذا المشهد المظلم، يبرز فشل مؤتمر لندن الذي دعت إليه الحكومة البريطانية، حيث فضحت الخلافات بين القوى الإقليمية المتورطة في حرب السودان حقيقة ما يدور خلف الكواليس، إذ تدور معاركهم حول اقتسام الغنائم لا حول خلاص الشعب أو وقف نزيف البلاد. هذا الواقع الكالح يؤكد صواب ما نبه إليه حزبنا وقوى الثورة مرارًا، بأن أي تسوية تأتي مفروضة من الخارج متجاهلة حقوق ومصالح الشعب السوداني، مصيرها الفشل الذريع، فهي إمتداد لصراعات المصالح والتناقضات الإقليمية والدولية، لا إمتدادًا لطموحات محمد أحمد الإنسان البسيط.
لذا فإن الطريق الوحيد أمامنا هو العودة إلى قلب الجماهير، والعمل وسطها، والانخراط في معاناتها، وتنظيمها حول أهدافها في السلام والحرية والحياة الكريمة. إن مبادرة الحزب لإيقاف الحرب واسترداد الثورة لا تتحقق إلا بالتماهي مع الجماهير، بالاستماع لها والتعلم منها، وإكتشاف ما تختزنه من طاقات وقدرات جبارة قادرة على المواجهة والتغيير.
تبدأ معركة الوصول إلى الأهداف الكبرى ببناء القواعد الجماهيرية في الشوارع والأحياء والمدن، عبر المبادرات التي تسد حاجات الناس في الغذاء والدواء والتعليم والرعاية الصحية، في فتح المدارس والعيادات، وفي إعادة دمج النازحين في نسيج الحياة اليومية. هنا، وفقط هنا، يبدأ ردم الهوة الفاصلة بين الشعار والفعل، بين الحلم والواقع، فالمشروع السياسي لا يقوم على الوعظ ولا تنسجه الخطب الرنانة، بل يصنعه النضال والعمل المرتبطان مباشرة بأهداف الجماهير وتطلعاتها.
هدفنا هو بناء وحدة الجماهير القاعدية، تلك الوحدة الحقيقية التي تنبت من الأرض، تطلق قياداتها الصادقة التي تثق بها الناس، وتدفع بقوة لكسر الحلقة الجهنمية، لتوحيد الصفوف في مواجهة أمراء الحرب والقطط السمان، والسير بثبات نحو الغاية العظمى التي لا تراجع عنها: غاية السلام والحرية والعدالة.
صحيفة الميدان السودانية 4311،، الثلاثاء 29 أبريل 202