آخر الأخبار

spot_img

جماعة الحوثي والموقف منها: نحن والآخرون

صحيفة الثوري- كتابات: 

محمد عبد الرحمن

سنستعرض في هذه المقالة وبصورة موجزة، موقفنا نحن كيساريين واشتراكيين وقوميين وعلمانيين وحداثيين من جماعة الحوثي، وخلفيات ومنطلقات هذا الموقف، وموقف الآخرين (جماعات الإسلام السياسي السني) وخلفيات موقفهم منها، وطبيعة الفرق بين موقفنا وموقفهم من هذه الجماعة.

(1) موقفنا نحن من جماعة الحوثي

نحن نختلف ونتناقض ونتصارع مع جماعة الحوثي، لا لكونها جماعة زيدية المذهب، فليس لدينا أي عقدة ثقافية أو نفسية من الزيدية كمذهب فقهي، ولكن انطلاقًا من:

خلفياتنا ومنطلقاتنا الوطنية والسياسية والفكرية والاجتماعية والنضالية.

طبيعة وهوية الجماعة تكوينًا وبنيةً وفكرًا ونهجًا ومشروعًا.

وبصورة محددة وموجزة، نستعرض ذلك فيما يلي:

(أ) طبيعة وهوية جماعة الحوثي

جماعة عصبوية استعلائية تدّعي الاصطفاء والتميز السلالي والعرقي، وترفض وتعادي مبادئ وحدة المواطنة وحقوقها المتساوية.

جماعة ميليشياوية مسلحة تعتمد العنف والقوة كسبيل وحيد لفرض وتحقيق خياراتها وطموحاتها.

ترفض الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وتدّعي أحقيتها في الحكم والسلطة كحق إلهي حصري لها.

ترفض وتعادي قيام الدولة المدنية الاتحادية الحديثة، وتسعى لإقامة وفرض دولة دينية مذهبية كهنوتية مستبدة.

تمردها على الشرعية التوافقية وإشعالها للحرب الداخلية، ودورها كسبب مباشر في الحرب الخارجية.

(ب) خلفيتنا ومنطلقاتنا الوطنية والسياسية والفكرية والاجتماعية والنضالية

نختلف ونتعارض بالمطلق مع طبيعة وهوية وفكر وتكوين ونهج ومشروع جماعة الحوثي، ويتجسد ذلك في:

هويتنا ورؤيتنا الوطنية اليمنية الشاملة، التي تتجاوز التقسيمات والانتماءات الماضوية المتخلفة – المذهبية والطائفية والقبلية والجهوية، ومشروعنا الوطني الحداثي التقدمي من أجل “وطن يمني حر ديمقراطي موحد وشعب سعيد”.

مشروعنا السياسي الوطني التاريخي، ونضالنا من أجل التحرر من حكم الاستبداد الإمامي الكهنوتي والاستعمار الأجنبي، وتحرير واستقلال الوطن، وإقامة النظام الجمهوري، والدفاع عن الثورة والجمهورية، وتحقيق وحدة الوطن.

كوننا قوى سياسية حداثية مدنية غير ميليشياوية وغير مسلحة، نرفض العنف واستخدام القوة في العمل السياسي لتحقيق أهداف أو مطالب سياسية، ونعتمد الحوار والكفاح السياسي المدني السلمي.

مشروعنا السياسي الوطني الديمقراطي الراهن من أجل إقامة دولة مدنية اتحادية حديثة قائمة على مبادئ:

مرجعية الشعب كمصدر ومالك وحيد للسلطة.

العقد الاجتماعي وسيادة القانون.

المواطنة المتساوية.

الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

التداول السلمي للسلطة.

الحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية.

 

لهذه الأسباب وغيرها، ينطلق موقفنا من جماعة الحوثي ويحكم خلافنا وتعارضنا معها.

(2) الآخرون وموقفهم من جماعة الحوثي

نقصد هنا بـ”الآخرين” في الموقف من جماعة الحوثي تحديدًا ما يُعرف بـ الإسلام السياسي السني، تكويناتٍ وجماعاتٍ وأشخاصًا.

لا شك أن هذه القوى تُعد إحدى أبرز أطراف التحالف الداخلي المدعوم خارجيًا ضد هذه الجماعة، أي أنها أحد أطراف الحرب الراهنة ضد جماعة الحوثي. ولا شك أن لهذا الموقف أسبابه وخلفياته، والتي يمكن تلخيصها في الآتي:

الأضرار الكبيرة التي تعرضت لها هذه القوى من قبل جماعة الحوثي، خاصة منذ ما بعد عام 2011م.

ترى هذه القوى أنها مستهدفة وجوديًا من قبل جماعة الحوثي، وأن صراعها معها هو صراع وجود وبقاء.

ترى هذه القوى أنها وجدت نفسها مضطرة لخوض الحرب والصراع الدموي والعنيف مع جماعة الحوثي للدفاع عن نفسها وذاتها المستهدفة، وعن مصالحها ومكتسباتها المتحققة والمهددة، وعن طموحاتها المستقبلية.

الطبيعة العصبوية المذهبية والطائفية لجماعة الحوثي، وما يمثله ذلك من تعارض وتصادم مع هذه القوى ذات الطبيعة العصبوية المذهبية والطائفية أيضًا.

جماعة الحوثي، بصفتها جماعة سياسية دينية، تُعد منافسًا قويًا لهذه القوى، بل وكسرًا لحالة احتكار تمثيل الإسلام والفكر والخطاب السياسي الإسلامي، التي مارستها جماعات الإسلام السياسي السني لسنوات طويلة.

جماعة الحوثي أحيت الفكر والمذهب الزيدي، مما شكل تحديًا استراتيجيًا أمام ما يسمى بـ “توحيد الذهنية الثقافية اليمنية”، التي صاغها وعمل على تحقيقها الإسلام السياسي السني منذ سنوات طويلة.

توسع وانتشار جماعة الحوثي حركيًا وجغرافيًا وديمغرافيًا، وما نتج عنه من تحجيم وإضعاف الوجود المجتمعي والسياسي لجماعات الإسلام السياسي السني، مثل تحديًا كبيرًا لطموحاتهم في الوصول إلى السلطة والتفرد بها.

(3) الفرق بين موقفنا وموقفهم من جماعة الحوثي

بعد استعراض موقفنا وموقفهم من جماعة الحوثي، تبرز الفروق الجوهرية بيننا وبينهم:

نحن نعارض جماعة الحوثي بسبب طبيعتها العصبوية ونهجها السياسي ومشروعها الديني الكهنوتي، بينما هم يعارضونها بسبب مذهبها الفقهي الزيدي.

نحن نختلف جذريًا مع الجماعة فكريًا وتكوينيًا ونهجيًا ومشروعًا، بينما هم يماثلونها في العصبوية المذهبية والطائفية والتكوين الميليشياوي المسلح، وفي تبنيهم مشروع الدولة الدينية المستبدة، وإن اختلفوا معها في الشكل فقط.

مشروعنا ونضالنا الوطني ضد الحكم الإمامي ومن أجل الجمهورية أحد الخلفيات الرئيسية لموقفنا منها، بينما الآخرون لا يمتلكون هذه الخلفية في موقفهم منها.

نحن نرى في هذه الجماعة انقلابًا على الثورة والجمهورية ومخرجات الحوار الوطني وعائقًا أمام الدولة المدنية الاتحادية، بينما الآخرون يرون فيها فقط خطرًا على مصالحهم الخاصة وطموحاتهم السياسية.

نحن نمثل بديلاً جذريًا لهذه الجماعة، بينما هم يتطابقون معها في موقفهم من سيادة الشعب، والمواطنة المتساوية، والحريات العامة، واستقلالية المؤسسة الدينية عن السلطة.

بهذه المظاهر وغيرها، يتجلى الفرق بين موقفنا نحن وموقف الآخرين من جماعة الحوثي، ولهذا يتحاملون علينا وعلى موقفنا من هذه الجماعة.