آخر الأخبار

spot_img

مطلب مكافحة الفساد؛ هل يمكن ان يصير حقا يراد به حق؟! (2-2)

(عدن) – “صحيفة الثوري”:

كتب المحرر السياسي 

مع احتدام النقاش حول احتمالية عودة الحسم العسكري الى الساحة اليمنية، وفرصة الخوض مجددا في معركة عسكرية تعمل على تعديل ميزان القوى لصالح الشرعية، فان ثمة معركة اخرى اقل اهتماما وأكثر اهمية تأبى القوى السياسية في معسكر الشرعية اليمنية ان تخوضها بصدق وفاعلية.

انها معركة البناء الداخلي لمؤسسات الشرعية ومنع عجلة الانهيار في مناطق سيطرتها وكبح حالة التآكل الذاتي في صفوفها؛ وفي مقدمة البناء تأتي اولوية العمل على مكافحة الفساد والهدر كشرط اساسي لإنصاف المواطنين الذين يعانون من الافقار المتسارع، وكضرورة حتمية لإعادة الاعتبار لكيان الدولة داخليا وخارجيا.

لقد بدى لافتا كيف ان عمليات مكافحة الفساد قد جاءت معكوسة في بلادنا، فهي تصعد كشعار تعبوي او كإجراءات انتقائية على خلفية تصفية الخلافات السياسية. في حين ان الواقع الحالي يحتم ان تكون عملية مكافحة الفساد تتويجا لتوجه وطني جماعي ينقد ما يمكن انقاذه من مصالح المواطنين المهدورة والتي تقود حتما الى تقويض دور القوى السياسية و تقوض من قاعدتها الشعبية وثقة الناس بها.

ان مطلب العمل على مكافحة الفساد يجب ان يصبح “حق يراد به حق”، وذلك بالكف عن اعتباره ماده للحشد الشعبي في الشارع، او عن كونه اداة للتنابز السياسي بين شركاء السلطة.

وهذا يحتم الدعوة الى ان يصير لدى جميع اصحاب المصلحة، برنامج عمل متوافق عليه وقابل للتطبيق يتم اقراره سريعا من قبل مجلس القيادة الرئاسي يتلزم به مجلس الوزراء وباقي المؤسسات التنفيذية، ويستند على مبادى الحوكمة “المشاركة، الرقابة، الكفاءة، المحاسبة”.

وبالطبع فان مكافحة الفساد لا تتم من خلال الشكوى، ويبدو معيبا جدا ان تشتكي النخب السياسية، لاسيما تلك الشريكة في السلطات العليا للدولة، من مخاطر الفساد، وان تصدح بضرورة القضاء عليه في الاعلام والشارع، في حين ان ممثليها لا ينجزون المطلوب منهم حينما يكونوا في مركز صناعة القرار وداخل الغرف المغلقة.

ان محاربة الفساد لا تتم بالشعارات او المظاهرات او الحملات الاعلامية، صحيح تلك عوامل مساعدة. ولا من خلال المساومات التي تدعو الى تلطيفه وتقاسم غنائمه.

ان الجهد الحقيقي لمكافحة الفساد يقتضي وجود سياسات رشيدة ومؤسسات فاعلة، وعليه فان القوى السياسية مطالبة بتقديم مبادرة مستوفية خلال الشهرين القادمين لكيفية مكافحة الفساد، على ان يتم تبنيها من مجلس القيادة الرئاسي و ان تصبح برنامج عملي للحكومة، وان يتم حشد الدعم والتمويل الدولي لإنجاحها من خلال الدول الحليفة والصديقة ومن المؤسسات المالية مثل صندوق النقد العربي و البنك الدولي.

علينا ان نتذكر جميعها بان استمرار الوضع الراهن سيقود الى تقويض الشرعية اليمنية كسلطة حاكمة في مناطقها وينهي فرصها في استثمار الظروف الدولية لإضعاف الانقلاب الحوثي، وقد كان لنا عبرة في عام ٢٠٢٤، الذي حال فيه ضعفنا الداخلي وتنازعنا البيني دون استثمار الفرص الاقليمية والدولية.

وعلى كافة القوى السياسية ان تقف عند مستوى المسؤولية، وان تطلق بيانا مشتركا وواضحا حول دعم اجراءات مكافحة الفساد، وحول الدور المناط بالسلطة الشرعية، وان تحاسب نفسها قبل غيرها كشريك بهده السلطة.

ويجب ان نتذكر ان ممارسات الفساد ادت الى تقويض امكانية التنمية سابقا، ثم اعاقة امكانيات بناء الشرعية لاحقا، اما اليوم فان الفساد لا يحتمل التلاعب والانتهازية لان استمراره يقود الى الانهيار التام وليس الفشل الجزئي.