آخر الأخبار

spot_img

اليمن في قلب البيان الخليجي… قراءة في معادلة الأمن والغذاء

“صحيفة الثوري” – كتابات:

د. فائزة عبدالرقيب

حين يضع وزراء خارجية مجلس التعاون الملف اليمني في صدارة بيانهم الختامي بدورته الـ165 في الكويت، فذلك ليس مجرد تفصيل عابر، بل رسالة واضحة بأن القلق الخليجي والدولي من تداعيات الازمة بلغ مستوى غير مسبوق. إنها بمثابة انذار سياسي وامني واقتصادي معا، يؤكد أن الازمة خرجت عن حدودها واضحت تهدد الامن الخليجي من باب المندب حتى البحر الاحمر.

المجلس هذه المرة لم يكتفِ بترديد عبارات الحل السياسي والتسوية الشاملة كما جرت العادة في بيانات سابقة، بل سمّى المخاطر بصراحة: التدخلات الاجنبية، دعم الجماعات الارهابية، وتهريب الخبراء العسكريين والاسلحة. وهي مؤشرات تؤكد أن اليمن تحول الى ساحة صراع مفتوحة تضع المنطقة بأكملها على فوهة بركان.

ومن اللافت أن البيان لم يقتصر على البعد الامني، بل ربط الازمة بالجانب الاقتصادي والانساني. كما ان الإعلان عن التحضير لمؤتمر دولي للامن الغذائي في اليمن، المقرر عقده في اكتوبر المقبل بمقر الامانة العامة للمجلس، يعكس ادراكا عميقا بأن الحرب لم تعد تُخاض فقط على الجبهات العسكرية، بل ايضا على جبهة الاقتصاد ومعيشة المواطنين. فأي استقرار سياسي او امني سيظل وهما ما دام اليمنيون غارقين في اسوأ ازمة انسانية يشهدها العالم.

شدد البيان على ضرورة تمكين البنك المركزي في عدن من اداء دوره كسلطة نقدية شرعية، إذ يُعد البنك قضية سيادية تحدد مصير الدولة والشرعية، والعمل على استقرار العملة يُعد مفتاحا للاستقرار الاقتصادي. وبالتالي، فإن دعم مؤسسات الدولة الرسمية يمثل خيارا استراتيجيا لتعزيز حضور السلطة الشرعية وافشال محاولات الحوثي لفرض مؤسسات بديلة تتغذى من الانقسام والفراغ.

يتضح من البيان أن الخليج بات يقرأ المعادلة بجلاء: لا أمن بلا اقتصاد، ولا اقتصاد بلا أمن في اليمن. غير أن التحدي الأكبر يبقى في الداخل اليمني، فالحكومة مطالبة بالتقاط هذه اللحظة وتحويل الدعم الخليجي والدولي إلى إصلاحات ملموسة تعيد الثقة داخلياً وتمنح الخارج سبباً لمواصلة الدعم، والا ستتبدد الفرصة وسط صراعاتها البينية ومناوراتها العقيمة.

من الواضح أن المؤشرات الواردة في البيان تلامس محاور استراتيجية اساسية في الازمة اليمنية، يدرك مجلس التعاون اهميتها لاستعادة الامن والاستقرار في المنطقة، واعادة بناء الدولة في اليمن. وهي مؤشرات تحفّز الحكومة اليمنية على معالجة الاختلالات السياسية والامنية والعسكرية والاقتصادية، واحداث تغييرات حقيقية في ادارة الازمة، برؤية مشتركة ودعم من الدول الاعضاء في مجلس التعاون، استنادا الى المستجدات الراهنة، بما يمهد الطريق لانهاء الحرب واستعادة الاستقرار والدولة.