صحيفة الثوري- كتابات:
مراد حسن بليم
لا شيء سوى الرزايا تتساقط على رؤوس الشعب منذ عشر سنوات خلت،منذ ان تضرجت كل البلاد بدم الانقلاب الأسود وحتى آخر شهيد يسقط في الجبهات،ولا جديد يُرى او يروى سوى الاجترارات ذاتها والموال القديم الجديد ومعركة الاقتصاد والأسعار وظلام الكهرباء والاخبار العاجلة التي تنطلق من منصات المواقع ووسائل التواصل كصواريخ حارقة لا تدري أهي عليك ام لك،ليختلط الحابل بالنابل في معركة افتراضية لا تقل خطورة عن معركة الميدان.
واقع بائس وغيوم ما زالت تحجب السماء،وعناوين فشل كثيرة رافقت المرحلة الضبابية التي يمر بها البلد،لم يتحسن شيء ولم يتطور شيء ،واستمرار اجترار ذات الشعارات وذات الأعذار لتبرير الاخفاق في تغيير ماهو موجود والفشل في انتاج واقع مغاير يذهب بالناس نحو المستقبل بدلا من اقتسامهم كتابعين.
سنة تلو الأخرى تمر،ليس هناك من تقدم،ليس هناك من خطوات عملاقة إلى الأمام،وليس هناك ما يوحي بحدوث المعجزات،وكأن الارض عقرت عن انجاب اللحظة التاريخية التي ينتظرها الناس،اولئك الناس الذين صمدوا وصبروا واحتسبوا طوال هذه الفترة الممتدة من اول طلقة انقلاب إلى آخر حزن،تآكلت بها الأحلام،وفنيت بها الرجاءات،وتلاشت بها الامال ولم يكن هناك سوى قيعان السراب وأفواج الجوع والأحزان والفواجع.
ومابين صراعات مذهبية ومناطقية وجغرافية وسياسية ومسلحة تفشى الفساد والتخلف والطائفية والمناطقية وتقاسم النفوذ وصار البلد اشبه بالكانتونات القديمة حيث القوي هو المستحوذ والمسيطر وما عداه مجرد وقود غزوات وأدوات صراع،وتسابقت الجوقات في تقديم الولاء لهذا او ذاك تبعا للمصلحة الشخصية وبعيدا عن الولاء للقضايا الجمعية،فتأخر الحسم والنصر،وتصدع الجهد المقاوم وتأخرت كتابة التاريخ إلى حين .
نافذين ومستحوذين ومضاربين وغاسلي أموال يتصدرون المشهد،تغييب القانون والمواطنة،وتغول ما دون ذلك وغياب النموذج الايجابي الجاذب وممارسة الإقصاء في كثير من المؤسسات والأجهزة والمصالح،فتفوق الفساد على سابقه وتفوقت المحسوبية على ماعداها وتشكلت قوى عصبوية تدافع عن مصالحها بعيدا عن مصلحة المواطن وتجلت اللا دولة بأزهى صورها،لينتكس التاريخ إلى الوراء بمائة عام او يزيد مخلفا شظايا تتطاير على الرؤوس والحياة معا،في مشهد حزين يقبع في أتون حرب لم تحسم وسلام لم يأتي.