آخر الأخبار

spot_img

حلم ترامب بنوبل يصطدم بـ «الأعضاء الخمسة»

“صحيفة الثوري” – كتابات:

محمد كمال 

رغم تعبير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في الفوز بجائزة نوبل للسلام، فقد قال: إن اللجنة المنوطة ربما لا ترغب في ذلك، ويعود ذلك على الأغلب إلى أن ثلاثة من أعضائها الخمسة انتقدوه علناً، وهو ما يقلل من فرصه للحصول على الجائزة المرموقة، إضافة إلى أن عامل الوقت لا يلعب لصالحه، حيث كان الموعد النهائي للترشيح هو 31 يناير/ كانون الثاني.

رغبة ترامب الشديدة في الفوز بالجائزة، دافعها أن ينضم لنادٍ مرموق من الفائزين يوجد به أربعة رؤساء أمريكيين هم: وودرو ويلسون، وثيودور روزفلت، وجيمي كارتر، وباراك أوباما، لكن على عكس الحملات الانتخابية الرئاسية، يعتمد الفوز بجائزة نوبل للسلام على تصويت خمسة ناخبين فقط، وقد لا يحظى ترامب بالأغلبية.

انتقادات أعضاء نوبل لترامب

وقد ندد رئيس لجنة نوبل، يورغن واتن فريدنس، في ديسمبر/ كانون الأول بما وصفه «تآكل حرية التعبير حتى في الدول الديمقراطية» ذاكراً اسم ترامب تحديداً. وقال فريدنس (40 عاماً): «شن ترامب أكثر من 100 هجوم لفظي على وسائل الإعلام خلال حملته الانتخابية».

وفي مايو/ أيار الماضي، كتبت كريستين كليميت، وزيرة التعليم النرويجية السابقة وأحد الأعضاء الخمسة في اللجنة: «بعد أكثر من 100 يوم من توليه الرئاسة، قطع ترامب شوطاً طويلاً في تفكيك الديمقراطية الأمريكية، وهو يبذل كل ما في وسعه لهدم النظام العالمي الليبرالي القائم على القواعد».

أما العضو الثالث في اللجنة غراي لارسن، والذي من المحتمل أن يكون المسيطر على الأغلبية المشككة في ترامب، فقد نشر عدة رسائل تنتقده خلال ولايته الأولى، وقال لارسن، في منشور عام 2017: إن «ترامب يعرض ملايين الأرواح للخطر»، منتقداً قراراً بخفض المساعدات الخارجية الأمريكية.

وبخصوص العضوين الآخرين، فإنه ليس لهما سجلٌّ واضحٌ في انتقاد ترامب، وأحدهما، الأكاديمي آسلي توجي، كتب بتعاطفٍ عن المعاناة القانونية التي واجهها ترامب خلال إدارة سلفه جو بايدن.

حظوظ ترامب الحقيقية

 

 

وعندما سُئل فرايدنس، رئيس اللجنة، في يناير/ كانون الثاني عن تطلعات ترامب للحصول على جائزة نوبل، لم يجب بشكل مباشر، وإنما قال: إن «منح جائزة نوبل للسلام لرئيس دولة ربما يكون الأكثر إثارة للجدل في كثير من الأحيان. لأنه إذا كنت رئيس دولة، فأنت تتمتع بالسلطة».

ويركز ترامب في مساعيه للفوز بالجائزة المرموقة على ملفي الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، حيث يسعى بمساعدة فريقه لإنهاء الحربين وإعلان السلام، لكنه يواجه صعوبة كبيرة نظراً للتعقيدات المحيطة بأي تسوية محتملة.

ويقول ترامب، إنه حل العديد من الصراعات معدداً عشرة على الأقل، ولكن حتى لو نجح في إقرار السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط، فإن فرصه في الحصول على جائزة هذا العام ضئيلة، حيث كان الموعد النهائي للترشيح هو 31 يناير/كانون الثاني. ووفقاً للجنة نوبل، يمكن اعتبار الترشيحات المرسلة بعد هذا التاريخ جزءاً من المداولات بشأن جائزة العام المقبل.

مع ذلك، نال أوباما الجائزة بعد أقل من ثمانية شهور من توليه منصبه تقديراً «لجهوده الاستثنائية في تعزيز الدبلوماسية الدولية»، من خلال إنجازاتٍ بدأت ولم تتحقق بعد، مثل وعده الانتخابي بسحب القوات الأمريكية من العراق. وقد شكّل هذا الأمر نقطة خلاف بالنسبة لترامب، الذي قال ذات مرة: «لقد مُنحت الجائزة لأوباما فور توليه الرئاسة، ولم يكن لديه أدنى فكرة عن سبب حصوله عليها».

تأييد قادة دوليين لترامب

بغض النظر عن توجهات النرويجيين الخمسة أصحاب القرار، فإن العديد من قادة دول العالم عبروا عن ترشيحهم لترامب لنيل الجائزة، وعلى سبيل المثال قد قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف خلال زيارته للبيت الأبيض: «من يستحق جائزة نوبل للسلام، إن لم يكن الرئيس ترامب.. لا أريد الخوض في تاريخ القرارات الغريبة التي اتخذتها لجنة نوبل للسلام بمنح الجائزة لشخص لم يفعل شيئاً يُذكر».

أما رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، قال لترامب: «نأمل أن تدعونا إلى حفل توزيع الجوائز.. ستكون في الصف الأمامي».

ولم تكن حملة ترامب مجرد دعابة، فقد أثار هذه القضية في مكالمة هاتفية مع وزير مالية النرويج ينس ستولتنبرغ، الشهر الماضي، وفقاً لشخص مطلع على المحادثة، وبصفته كان رئيس وزراء النرويج سابقاً، كان من الممكن أن يكون لستولتنبرغ رأي في تعيين أعضاء اللجنة، ولكن بمجرد تعيين البرلمان النرويجي للجنة، يحرص أعضاؤها بشدة على استقلاليتهم، وقد يقاومون أي حملة ضغط.

وتقول نينا جرايجر، مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو، وهي مجموعة تعد قائمة سنوية للفائزين المحتملين بالجائزة: «من غير المعتاد إلى حد ما أن يتحدث مرشح بهذه الطريقة». وأوضحت: «في حين أن البيت الأبيض قد يصف الرئيس ترامب بأنه صانع سلام رئيسي، فإن السلام الحقيقي يُقاس بمرور الزمن، ونادراً ما يعتمد على قائد واحد فقط». وأضافت: إن «حقيقة أن ترامب تحدى التعاون الدولي، بل وقوّضه، وهو أحد المجالات التي ستُركز عليها جائزة نوبل، تجعل الأمر مستبعداً بعض الشيء».

كيفية الترشيح للجائزة

ويبدو أن ترامب شبه متأكد من عدم حصوله على جائزة هذا العام، التي سيُعلن عنها في أكتوبر/ تشرين الأول، إذ كان آخر موعد للترشيح في يناير/كانون الثاني. وتضم القائمة المختصرة لعام 2025، مركز كارتر، والمحكمة الجنائية الدولية.

وأسس المخترع ورجل الأعمال السويدي ألفريد نوبل جوائز نوبل، وتتكون عملية الترشيح والفرز والاختيار من ثماني خطوات، وتستمر ثمانية أشهر. وتبدأ بترشيح من قِبل شخص مؤهل، عضو في حكومة أو برلمان وطني، أو مدير جامعة أو أستاذ جامعي، أو مرشح سابق للجائزة، أو أي شخص آخر يستوفي المعايير المذكورة في هذه القائمة، ولا يمكن للمرشحين ترشيح أنفسهم.

ثم تقلص لجنة نوبل النرويجية الترشيحات المقبولة إلى قائمة مختصرة تضم «أكثر المرشحين إثارةً للاهتمام وجدارةً»، وفقاً لموقعها الإلكتروني. ثم يقضي مستشارو اللجنة وخبراء خارجيون آخرون حوالي سبعة أشهر في البحث عن هؤلاء المرشحين، بينما تُجري اللجنة مداولاتها وتُضيِّق القائمة، وتُصوِّت على الفائزين بحلول بداية أكتوبر من كل عام.

وتتخذ اللجنة قرارها النهائي بأغلبية بسيطة، لذا لا يكون القرار دائماً بالإجماع. على سبيل المثال، استقال عضوان من اللجنة احتجاجاً على منح هنري كيسنجر، وزير خارجية أمريكا الراحل، الجائزة لمفاوضاته على وقف إطلاق نار هش في فيتنام عام 1973، فيما رفض نظيره الفيتنامي الشمالي، لي دوك ثو، قبول الجائزة الممنوحة له مناصفةً.

وتزايدت قائمة المرشحين بمرور الوقت. ففي عام 1901، وهو العام الأول الذي مُنحت فيه الجائزة، كان هناك 137 ترشيحاً، مقارنةً بـ 286 مرشحاً في عام 2024 و338 هذا العام. وكان أعلى عدد من المرشحين في عام 2016، حيث بلغ 376 مرشحاً، وفقاً للجنة نوبل، وحصل الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس على الجائزة في ذلك العام لمحاولته التاريخية لإنهاء الحرب الأهلية التي استمرت عقوداً في بلاده.

من يختار الفائزين؟

يُعيِّن البرلمان النرويجي لجنة نوبل المكونة من خمسة أعضاء لمنح الجائزة. ووفقاً لوصية ألفريد نوبل، تُكلَّف اللجنة باختيار الشخص أو المنظمة التي قدّمت أعظم فائدة للبشرية في مجال السلام خلال العام السابق. ورغم عدم وجود قيود على الجنسية، فإن جميع الأعضاء حتى الآن كانوا نرويجيين، وفقاً للمنظمة، ويخدمون لمدة ست سنوات. وفي حين يتم منح جوائز نوبل الأخرى في ستوكهولم، يتم منح جائزة نوبل للسلام في أوسلو.

نقلا عن: صحيفة الخليج