(صحيفة الثوري ) – كتابات :
عبدالباري طاهر
سبعينات القرن الماضي بداية التفتح والإقبال على الحياة اهتم عبدالإله القدسي الآتي من مدينة الزهرة ذات التاريخ الممتد إلى المعبود عثر – عشتار.
كان الطالب عبدالإله عاشقًا للتعلم والقراءة، كتب باكرًا القصيدة الحديثة.
كانت مجلة الكلمة في أعدادها الأولى ميلاد أول قصيدة للشاعر الشاب عبدالإله.
ذهب في منحة للاتحاد السوفيتي، درس الصحافة في طشقند، انتمى للحزب الديمقراطي الثوري.
شغوفًا بالنقاش والتحاور، وتعميق معارفه الأدبية والثقافية.
كان الانتماء الأدبي والهم الثقافي أكبر من الانشغال الحزبي أو السياسي.
ارتبط في الأخير بالقراءة، وملازمة شاعر العرب الكبير الأستاذ عبدالله البردوني، ولازم مجلسه.
في آخر مقابلة مع الأستاذ عبدالله البردوني للقدس العربي، ذهبت مع الزميل خالد الحمادي مراسل القدس العربي قبل أسبوع من وفاة الأستاذ البردوني. كان عبدالإله يدون إلى جانب مسجلة الزميل خالد إجابات البردوني التي نشرت في القدس العربي بعد وفاته.
عبدالإله القدسي شاعر متمكن وأديب ومثقف مطلع، وقارئ نهم، فقيه لغوي، يعود له الفضل في التصحيح اللغوي للعديد من الصحف والإصدارات محبًا للحياة وللناس، غاية في النبل والأدب والتواضع. طحنته المعاناة، والبؤس خصوصًا بعد وفاة أديب اليمن والأمة عبدالله البردوني، اضناه المرض الخبيث السرطان، ولم يجد في الوطن الذي عشقه، ولا في الحزب الذي انتمى إليه أي سند أو عون.
حمل الأديب الشاعر مأساة الميلاد والحياة بؤسًا وشقاءً، وكان أستاذه البردوني وأبوه الروحي عناه عندما أبدع:
(( قبري ومأساة ميلادي على كتفي
وخلفي العدم المنفوخ والصخب ))
مأساة حياة وموت الأديب المثقف عبدالإله تجسد محنه المثقف والمدني الذي لا سند له غير معارفه وقلمه.
عاش عبدالإله غريبًا في مهنته الصحافية المصادرة، وفي وطنه المقموع، ومأساة البؤس والمرض الفتاك.
لم يكن عبدالإله يشتكي متاعبه ومعاناته لأحد حتى لأقرب أصدقائه، كبرياؤه كإنسان تمنعه من إظهار التعب أو الشكوى، (( فالسؤال لغير الله مذلة )).
لا تراه إلا باسما، مطمئن الفؤاد، رافع الرأس. مات كريمًا، وعاش عزيزًا.”