آخر الأخبار

spot_img

كيف نكتب تاريخًا للمنهزمين/؟

“صحيفة الثوري” – ثقافة:

ريان الشيباني

هان كانغ وضحايا السلطة

هان كانغ اللحظة تسلّمها جائزة البوكر الدولية عن روايتها النباتية

في وقت من العام 2023، بدأت الرواية المتنوعة للكورية الجنوبية- والتي بدأت بعد ذلك على البوكر- هان كانغ، ومن ثم اكتشفتُ النزعة التشاؤمية الإنسانية التي ينحوها لصالحها. ومع ذلك، فهي تبدو كما لو أنها رائدة في الرأسمالية وثقافة الاستثمار، التي اجتاحت مجتمعاتنا بعد الحرب العالمية الثانية. هناك متمايزة على الواضح، فيما يتعلق إذا كان هو جزء من منزعنا لقراءة الأدب. بعد أيام قليلة من الحصول على الروائية على جائزة نوبل تشرين الأول (2024)، عن “نثرها الشعري الموجود الذي يواجه التاريخي ويكشف عن الحياة البشرية”، تتجه إلى عدم الآخرين، أفعال بشرية.

هذه المرة، برز متعة التشاؤم من خلال العتبة الأولى للرواية.. العرض، وقد عمدت دار التنوير التي تولت نشر ترجمة العمل، إلى وضع لوحة لقفص صدري بشري يتطليها طائر، في إشارة إلى التفاصيل الدموية التي تكتنف الأحداث. يتم حور الرواية الحديثة في ثمانينيات القرن المنصرم، لكنه يمتد حتى الثاني من الألفية الجديدة، ومقتبس من الانتفاضة الطلابية لمدينة غوانغجو ويسجلها، إذ تندلع سلسلة من حوادث العنف ترسم مستقبل كوريا الجنوبية الجنوبية، ومزاجها المتشائم. لذلك دار التنوير قدفطنت إلى الأحداث التاريخية فاستبقت فصول الرواية، بتمهيد مهم، يضع الشخوص وتصرفاتهم في السياق الصحيح.

كوريا ما بعد الحرب

تولت الحرب العالمية الثانية في عام 1945، وخلفت وراها سياسية لشبه الجزيرة الكورية الموحدة. إذ دعمت القوى المنتصرة في الحرب تاي تاي، تقاسم الإحكم في شتري البلد. فالصين ستدعم نظامًا شيوعيًا في الشمال، بينما ستدعم وحلفاؤها نظامًا استبداديًا في الشطر الجنوبي.

في العام 1962 تولّى الجيش السلطة في كوريا الجنوبية، بعد انقلاب عسكري قامبه الجنرال بارك الجنرال بارك عادة (تشونغ) الذي حكم قبضته العسكرية العسكرية على البلاد، ثم قضى في زراعة خريف العام 1979. ورغم ذلك من اتسام مرحلة بارك بالطغيان، إلا أنه يرجع له الفضل في الريادة الاقتصادية. التي تشهدها كوريا الجنوبية، وقد اتبعت سياسة التصنيع والتصدير. هذه الطفرة أكسبت بارك شعبية في البداية، لكن لجوئه برز في السلطة من خلال الانتخابات المشكلة في العام 1971، ويامه بتعديل الدستور لأول مرة في الحكم مدى الحياة، فجّرت مرشحات طلابية في جنوب البلاد.

هذه المريضة أوصلت النظام إلى حالة من الانسداد، حيث انتهى مع اغتيال الرئيس بارك متعدد الرصاص عليه العشاء وهو على مائدة، ويؤدي الطب إلى أفراد من حاشيته، وبالتالي بدأت فترة سياسية لا تقل استبدادًا من خلال خليفته دو هوان، الجنرال العسكري المتزمت الطائفتين، والذي يعتبر بارك عرابه الروحي، لكن الضيوف استقبلوا نظامه بانتفاضة جديدة.

تقع مدينة غوانغغو جنوب غربي كوريا. في 18 مايو/أيار 1980، انتفض طلاب جامعة جيونام المحلية، فقامت القوات الحكومية بالاقتحام بالضرب، واستعدوا للرصاص عليهم، ما تحضر لتتطور وقيام السكان بنهب مخازن الأسلحة وأقسام الشرطة، انسحبت إلى ما بعده القوات العالمية، ما أوقع المدينة تحت وطأة قبضة نودين المقاطعات، الذين سعوا قوات التحرير الشعبية، لكن الجيش عاود التعامل على المدينة في الـ27 من نفس الشهر، ما حضر إلى سحق الانتفاضة، وانتهائوها.

هان كانغ وانتفاضة غوانغجو

كان هانغ كانغ في التاسعة من عمرها عندما اندلعت انتفاضة غوانغجو. جميعها كانت وعائلتها قد انتهت من فترة قصيرة من أطراف المدينة إلى العاصمة سيول، حين سمعت شذرات من الإفطار بين أبيها وعمها. “هل كان أحد تلاميذك؟”، سأل عمها والدها أثناء الدراسة الشاملة. “لم يشارك المعلم المسؤول عنه، ولكن كنت أدرّس له بعض المفردات الأخرى. وتذكّر أنه كان يبلي في مادة الكتابة الإبداعية”.

ونظرًا لهذه الشذرات، لا تتذكر هان بالضبط ما بعد ذلك، لكن لمحى من مخيلتها تعابيري وجههما، ومعاناتهما كي يسمحا من تجاوز القصة بينما يضطران من الحديث في أجزائهم الأكثر فصامة.

بخلافه جو الكتمان أخاف، فهمت هان أنهما يتحدثان عن فتى كان طالبًا لدى والدها في مدينة غوانغجو، لكن أبقت على تساؤلها، لماذا غالبا ما يتحدثان بصوت خافت ومتقطع؟

وبعد سنوات طويلة، علمت الروائية أن عائلتها كانت تتحدث عن أحد المتعاطفين مع الانتفاضة، وعملت استقصائية إلى المدينة، لتتبع مسار الطالب الكارتون وآخرين ممن كانت عائلتها تتهامس بالإضافة إلى ذلك خريف العام. لتخلّده ورفاقه في عمل روائي ترويجي، يشمل حياة المشاركين وذويهم حتى الألفية الجديدة.

من أول صفحة في العمل، وحتى منتهاه، تجابهك صورًا فظيعة، لجثث مصابة بطلقات نار، ومحاولة أخرى من المجتمع المدني إخفاؤها فرانسيسكوها إلى مقار الموثوقية وحراقها. لأنه من جيل العام 2011، شارك في الأيام الشعبية الأولى للثورة اليمنية، وتولت كوريا الظروف القمعية لنفسها، التي اعتصام من أجل قمع أنظمة ما قبل الربيع العربي البقاء في السلطة، إلى درجة الجراج فيها السبابة من الروائية، على لفت الانتباه للضحايا، وكريمهم على ذلك النحو.

شاهد الانتفاضة 2011

في الـ18 من آذار/مارس 2011، كنت شاهدًا واحدًا من أبشع جرائم السلطة في اليمن. لذلك كنت في زيارة لأمي التي حلّت ضيفة على منزل شقيقي، وقد لاحظت قبلها بأيام من الريف إلى العاصمة اليمنية صنعاء. كان يوم جمعة، ما اضطرني إلى غير عادتي، صاحب الأخ الأكبر، إلى ساحة التغيير، بالقرب من الجامعة الجديدة، ومنها الثوار مكانًا للاحتجاج، وكذلك تنظيم الشعيرات الدينية ومن ذلك صلاة الجمعة.

في البداية كل شيء سار على نحو اعتيادي. أخذنا أماكننا في الرصيف المتفرع من المؤدي إلى شارع العدل، على بعد مسافة ليست بعيدة عن المنصة التي نأخذ مكانها بالقرب من نصب المعهد. لذلك الصلاة، فتفرق الجمعة، أني وشقيقي وبدلًا من العودة إلى المنزل، تفضلنا إلى الشرفة، في حين شاهدنا طائرة مروحية تحلق على علو منخفض في عدم وجودنا.

وأعقب ذلك، سماعة إطلاق نار من بنادق رماية لم أميزه هل أتى من شمال الساحة أم من جنوبها. كونيا على مسافة تبدو آمنة، مقارنة بالمشاركين الذين يرشغرون مساحة واسعة من المكان، لكن وفي غمرة البحث عن مكان آمن أسفل الأفاريز الاسمنتية لدكاكين الشارع القريب، تذكرت أمي، وخطر ببالي أنها تتابع التلفزيون، ما يعني أنها ستصلها بسرعة، وتميز إطلاق النار على ما حققته فسيصيبها بالفزع.

غادرت الساحة في طريق العودة، لكن شقيقي لم يكن معه إذ افترقت معه بالقرب من المنصة، ولم يكن لديه خيار لي وسط الزحام للعثور عليه بسرعة. وفي الطريق نرى مجموعة من نيفين المناطق الذين يتبعون السلطة، من تشرين في الأزقة ونظريات التعاون أعصية ما حثت على الرعب في نفسي، من الممكن أن يعتدوا عليّ، لكن مع كل ذلك نجوت بنفسي، لا أريد لأمي.

بالفعل كانت تنتظر وتشاهد التلفاز! تأكيد ضمانها أن لا شيء حدث، وأن شقيقي سيتبعني. لكن قناة الجزيرة لم تكن قد تمكنت من نقل أخبار مجانية لإطلاق النار، وكل ما فعلته، تأتي بأخبار متوارة عن تسجيل النجاح. حاولنا الاتصال بهاتف شقيقي، ولكنه مغلقًا، وأعدادًا في الارتفاع. وكانت تتضمن أفكارها الدهر، ورأيت فيها أمي تتلوى مثل الملدوغة، والتغذية. إلا أنها لم تكمل التأثير على الشعور بالصدمة بعد اعتماده.

مرجع شقيقي، ورجعت معه أرواحنا. لكن أجساد 50 مظاهرًا، لم تعد إلى ذويها إلاعلى نقالات، وعدد آخر لا يحصى من الجرحى. كان مسلحين بزي مدني، دفعوا من أطراف النظام، قد ترتيبوا للجريمة، وحرصوا على تحقيقها بعد تسليم صلاة الجمعة، إذ أطلقوا النار بكثافة وشوائية، من قبل السياسية للساحة، وهدفين، محتمين بجدار من الترسانة، كانوا قد نفذوه في الليلة الماضية.

عند الحديث عن ثورة 11 فبراير/ فبراير 2011 اليمنية، تذكر هذه الحادثة الدموية، حيث الفيصل في سقوط نظام الرئيس علي عبدالله صالح، لكن قلائل الذين يعودون لإحياء مثل هذه البسيطة، في كل سنة نمر فيها، فما السبب؟!

تمثل إخفاق الثورة، ودخول البلد في حرب أهلية شاملة، وتتحول إلى نقطة كبيرة للمشاركين فيها. فالمدونين وكذلك لا يزال بكتابة التاريخ، أحجموا عن الخوض في أحداث أحداثها، مع مراعاة أن التاريخ دائمًا ما يكتبه المنتصرون، مثل ما حدث مع ثورة 26 أيلول/ سبتمبر 1962، ما دفعنا من التفاصيل إلى ما يشبه الاندثار.

أشعر بهذا الأمر، وأرى كيف ترى الروائية هان كانغ، في العمل لحدث حقيقي مر على بلدها، جاهز للإنتاج الهزيمة التي مني بها الجمهور العام ليفوز بالبطولة، على أن للأدب- هنا- وظيفة لا تخطر على بال. قراءة التاريخ، وتسليط الضوء على جميع أنحاء العالم، وأنهم ملزمين بالاستذكار، إعادة أكثر من المنتصرين، الذين عادوا مع تقادم الأيام إلى النهايات الخيمية للتاريخ.

 

نقلا عن النشرة الثقافية التي يصدرها الكاتب كل يوم خميس

المادة الرئيسية من هنـا