“صحيفة الثوري” – تقارير:
كشف تقرير حديث للأمم المتحدة أن اليمن يواصل معاناته من أزمة غذائية حادة، ليصبح ثاني أكثر الدول تضرراً وفقاً لمؤشر الجوع العالمي لعام 2024. التقرير، الصادر عن برنامج الغذاء العالمي (WFP) لشهر أكتوبر، سلّط الضوء على تصاعد معدلات الجوع، خاصة بين النازحين، الذين ارتفعت مستويات الحرمان الغذائي الحاد بينهم بنسبة 61% مقارنة بالعام الماضي.
تفاصيل المعاناة
بلغت نسبة الأسر النازحة التي تعاني من الجوع الحاد 9% في سبتمبر 2024، مقارنة بـ5% بين السكان المقيمين. كما أشار التقرير إلى اعتماد 59% من النازحين على استراتيجيات تأقلم غذائية خطيرة، مثل تقليل حجم الوجبات أو التسوّل، في محاولة للتعامل مع نقص الغذاء.
وعلى الرغم من تسجيل تحسن طفيف في معدلات استهلاك الغذاء غير الكافي، حيث انخفضت النسبة من 64% في أغسطس إلى 60% في سبتمبر، فإن التحسن لم يكن كافيًا لتعويض شدة الأزمة. وأرجع التقرير هذا التحسن إلى موسم الحصاد وانخفاض شدة الفيضانات، إضافة إلى استئناف المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا.
تفاوت جغرافي واضح
سجلت المناطق الخاضعة للحكومة نسباً أعلى من انعدام الأمن الغذائي، حيث بلغت نسبة الأسر غير القادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية 64% في سبتمبر، مقارنة بـ57% في المناطق الخاضعة للحوثيين. ورغم انخفاض نسب الجوع في مناطق الحوثيين عن الشهر السابق، إلا أنها لا تزال مرتفعة مقارنة بالعام الماضي، بزيادة سنوية بلغت 21%.
محافظات مثل البيضاء والجوف وحجة تصدرت قائمة المناطق الأكثر تضررًا، حيث تضاعفت معدلات الحرمان الغذائي الحاد مقارنة بالعام السابق.
دور العوامل الاقتصادية والجيوسياسية
ساهم ارتفاع أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 16% للبنزين و11% للديزل في تفاقم الوضع، لا سيما في المناطق الخاضعة للحكومة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل وأسعار المواد الغذائية.
من جهة أخرى، ألقى التقرير الضوء على التأثيرات السلبية للتوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تم تسجيل 76 حادثة عنف خلال الربع الثالث من العام الجاري، ما أثّر على تدفق واردات الوقود والمواد الغذائية.
نقص التمويل وتحديات المساعدات
أشار التقرير إلى أن نقص التمويل الدولي أجبر المنظمات الإغاثية على تقليص برامجها. ففي المناطق الخاضعة للحكومة، وصلت المساعدات الغذائية إلى 96% من المستهدفين في سبتمبر، بينما توقفت المساعدات في مناطق الحوثيين منذ ديسمبر 2023.
ورغم زيادة واردات الغذاء عبر الموانئ اليمنية بنسبة 18% منذ بداية العام، إلا أن هذه الزيادة لم تُترجم إلى تحسن فعلي في حياة الأسر الأكثر ضعفًا، بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية.
تحديات متزايدة ومستقبل مجهول
في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية، وتراجع قيمة العملة المحلية بنسبة 25% في المناطق الخاضعة للحكومة، يعاني اليمنيون من ارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة. وعلى الرغم من استقرار الريال في مناطق الحوثيين بفضل سياسات مختلفة، إلا أن الفجوة الغذائية تظل واسعة.
يؤكد التقرير أن اليمن بحاجة إلى استجابة دولية عاجلة وشاملة لمعالجة أزمة الجوع المتفاقمة، والتي تهدد مستقبل الملايين في ظل ظروف معيشية واقتصادية تزداد سوءً يوماً بعد يوم.