صحيفة الثوري- المحرر الثقافي:
عن عمر ناهز 88 عامًا، تُوفي البابا فرنسيس بعد 12 عامًا قضاها على رأس الكنيسة الكاثوليكية، وهو أول بابا من الأمريكيتين، وأول بابا يسوعي، وثاني من يستقيل سلفه قبل انتخابه منذ قرون.
وتعني وفاة البابا فراغًا في رأس السلطة الروحية لأكثر من 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم، وسط إجراءات دقيقة تخضع لتقاليد عريقة، تبدأ من الجنازة وتنتهي بانتخاب خليفته.
من هو البابا وما طبيعة منصبه؟
البابا هو الزعيم الأعلى للكنيسة الكاثوليكية، ويُعد المرجع الروحي الأول للمؤمنين الكاثوليك، وله سلطة دينية وتشريعية كاملة غير مقيدة على الكنيسة بأسرها، كما يُعد مصدرًا رئيسيًا للتعاليم المسيحية التي توجه سلوك المؤمنين ومواقف الكنيسة من القضايا الدينية والاجتماعية.
ويقيم البابا في مدينة الفاتيكان، الدولة المستقلة الأصغر في العالم من حيث المساحة والسكان، والمُحاطة بالكامل بالعاصمة الإيطالية روما. ولا يتقاضى البابا راتبًا، إلا أن الفاتيكان يغطي نفقات معيشته وتنقلاته الرسمية حول العالم.
طقوس الجنازة.. تعديل على التقاليد
لطالما عُرفت جنازات الباباوات بطابعها المهيب والمراسم المعقدة، إذ كانت تقام في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان، وتُوضع جثامين الباباوات في ثلاثة توابيت متداخلة: خشبي من السرو، ثم رصاصي، وأخيرًا من خشب البلوط.
إلا أن البابا فرنسيس، المعروف بتبنيه مواقف متواضعة ورؤى إصلاحية، وافق في وقت سابق على تبسيط هذه الإجراءات. واختار تابوتًا خشبيًا بسيطًا مبطّنًا بالزنك، وألغى تقليد وضع الجثمان على منصة مرتفعة تُعرض للعامة.
وبدلًا من العرض العلني، سيتمكن المعزّون من تقديم التعازي أمام التابوت المغلق بعد إزالة غطائه. وقرر البابا أن يُدفن خارج الفاتيكان، ليكون بذلك أول بابا يُوارى الثرى خارج الدولة البابوية منذ أكثر من مئة عام. وقد اختار كاتدرائية مريم الكبرى في روما كمثواه الأخير.
من يختار البابا الجديد؟
بعد وفاة البابا، يُدعى إلى روما ما يُعرف بـ”مجمع الكرادلة”، وهم كبار مسؤولي الكنيسة الكاثوليكية، وجميعهم من الرجال الذين تم تعيينهم من قِبل البابا خلال فترة ولايته، وغالبًا ما يكونون من الأساقفة.
ويضم المجمع اليوم 252 كاردينالًا، إلا أن 138 فقط منهم مؤهلون للتصويت، إذ أن من تجاوز سن الـ80 لا يحق له المشاركة في انتخاب البابا الجديد، وإن كان يُسمح له بحضور النقاشات.
كيف يُنتخب البابا؟
بعد مراسم الجنازة، يبدأ اجتماع مغلق يُعرف بـ”الكونكلاف” في كنيسة سيستينا داخل الفاتيكان. تُغلق الأبواب، ويُمنع التواصل مع العالم الخارجي. وتُجرى جولات متتالية من التصويت السري، ويُطلب من كل كاردينال أن يكتب اسم المرشح الذي يختاره.
يحتاج المرشح إلى نيل ثلثي أصوات الكرادلة ليُنتخب بابا. وإذا لم يحصل أحد على الأغلبية المطلوبة بعد عدة جولات، تُطرح أسماء جديدة ويُعاد التصويت.
بعد انتخاب البابا، يُسأل “هل تقبل؟”، وإن أجاب بالإيجاب، يُعلن عن اسمه الجديد، ويُطل من شرفة كاتدرائية القديس بطرس ليمنح بركته الأولى للعالم بصفته الحبر الأعظم الجديد للكنيسة الكاثوليكية.
إرث البابا فرنسيس
طبع البابا فرنسيس فترة حبريته بالميل إلى التواضع والانفتاح، مع دعوات متكررة للسلام، ودعم قضايا العدالة الاجتماعية، والمهاجرين، والفقراء. كما اتخذ مواقف غير تقليدية بشأن قضايا كانت تعتبر حساسة داخل الكنيسة، كالخلاف حول المثلية الجنسية، ودور النساء، وقضايا البيئة.
ومع غيابه، تفتح الكنيسة الكاثوليكية صفحة جديدة في تاريخها، وسط ترقب عالمي لاختيار من سيخلفه في هذا المنصب الروحي الأرفع.