صحيفة الثوري- ترجمات:
منى يعقوبيان: ماذا تخبرنا زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن عن الحالة الراهنة للعلاقات الأمريكية–السعودية؟ وماذا يأمل الطرفان تحقيقه من الاستثمار وضمانات الأمن إلى التعاون في مجال الطاقة والنووي؟ وكيف تؤثر الديناميات الإقليمية الأوسع على تنامي طموحات السعودية الإقليمية ودورها المتطور في الشرق الأوسط؟
أنا منى يعقوبيان، مديرة برنامج الشرق الأوسط هنا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، ولمساعدتنا في تحليل كل ذلك، ينضم إليّ مايكل راتني، السفير الأمريكي السابق في السعودية وكبير المستشارين غير المقيمين في برنامج الشرق الأوسط هنا في CSIS.
سعادة السفير، سعداء بوجودك معنا.
مايكل راتني: شكرًا لك.
أهمية زيارة محمد بن سلمان
منى يعقوبيان: تمثل زيارة ولي العهد إلى واشنطن تحولًا لافتًا في مسار العلاقة الثنائية الأمريكية–السعودية، وتأتي بعد الزيارة المخطط لها للرئيس ترامب إلى المنطقة في مايو، حين كانت محطته الأولى السعودية. ما أهمية زيارة محمد بن سلمان؟
مايكل راتني: العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية مرت بفترات من المد والجزر، لكنها عمومًا كانت تتجه في مسار إيجابي خلال السنوات الأخيرة. ورغم توترها خلال إدارة أوباما، فإنها شهدت تحسنًا لاحقًا، وتواصلت خلال إدارة ترامب، ثم تعرّضت للتذبذب في عهد بايدن بسبب ملف حقوق الإنسان ومقتل خاشقجي، قبل أن تستعيد توازنها مع بدء الحديث عن اتفاقات التطبيع ومعاهدة دفاع محتملة.
الزيارة اليوم تعكس استعادة الدفء في العلاقة، وتشير إلى أن واشنطن والرياض تجاوزتا مرحلة الفتور السابقة، وأن ولي العهد “عاد” إلى الساحة السياسية الأمريكية بعد نحو سبع سنوات من آخر زيارة له للعاصمة الأمريكية.
التوقعات والمخرجات المحتملة من الزيارة
منى يعقوبيان: ما الذي يمكن أن نتوقعه من حيث النتائج أو المخرجات؟
مايكل راتني: أعتقد أن الزيارة ستركز على ركيزتين أساسيتين: الاتفاق الدفاعي والتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي.
السعوديون يسعون إلى تفاهم دفاعي مع الولايات المتحدة يمنحهم ضمانات أمنية دون الحاجة إلى معاهدة رسمية تتطلب تصديق مجلس الشيوخ. كما أنهم مهتمون بإقامة شراكة أمريكية طويلة الأمد في تطوير التقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، إذ يشكّل هذا القطاع محورًا رئيسيًا في رؤية المملكة لتنويع اقتصادها.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع بحث ملفات الطاقة والتعاون النووي وربما مشاريع في مجالات الاقتصاد والطاقة المتجددة.
حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية
منى يعقوبيان: ماذا عن سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان؟
مايكل راتني: الصورة معقدة. هناك تقدم واضح في بعض المجالات، خصوصًا تمكين المرأة وإلغاء معظم قيود “نظام الولاية”، وتحسين أوضاع العمالة الأجنبية. كما أصبح التسامح الديني أوسع مما كان عليه سابقًا.
لكن ما تزال هناك إشكالات قضائية تتعلق بغموض الإجراءات وعدم وجود قوانين جنائية واضحة، واستمرار الاعتماد على الشريعة دون تقنين شامل. رغم ذلك، لا يُتوقع أن يكون ملف حقوق الإنسان محورًا أساسيًا في الزيارة، لكنه سيبقى ضمن اهتمام المراقبين الدوليين.
تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل
منى يعقوبيان: هل ما يزال ملف التطبيع قائمًا رغم حرب غزة؟
مايكل راتني: الفكرة ما تزال قائمة من حيث المبدأ، لكنها مؤجلة بسبب الحرب في غزة والوضع الإنساني الكارثي هناك.
كان الاتفاق المحتمل يتضمن معاهدة دفاع أمريكية–سعودية مقابل تطبيع سعودي–إسرائيلي وتنازلات للفلسطينيين، لكن الأحداث بعد السابع من أكتوبر جعلت من الصعب سياسيًا المضي فيه.
السعوديون أوضحوا شروطهم بوضوح: انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والتزام حقيقي بمسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية. وحتى يتحقق ذلك، لن يكون التطبيع مطروحًا في الوقت القريب.
في الختام، يرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن في 18 نوفمبر تمثل إعادة توازن استراتيجية في العلاقة الأمريكية–السعودية، تُبنى على التعاون في الأمن والتقنية، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الشراكة، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تحولات إقليمية كبرى.

