صحيفة الثوري- كتابات :
أحمد الحاج
يكثر الجدل حول ضبابية مواقف الحزب من الحرب والانقلاب على الدولة ويذهب البعض الى تحميل الحزب التماهي مع المليشيات او الداعم لها ولكي نفند ذلك كان لابد من قراءة لخطاب الحزب من بداية الازمة وحتى الان في ظل الازمة السياسية التي شهدتها اليمن على مدى عقدٍ كاملٍ من التحولات السياسية العاصفة ظل الحزب الاشتراكي اليمني واحدًا من أكثر القوى السياسية وضوحًا في موقفه من جماعة أنصار الله (الحوثيين) ومن الانقلاب على الدولة فبين لغة الشراكة في بداية الأزمة، وخطاب الإدانة في مراحلها اللاحقة، مرّ الحزب بتحوّلٍ تدريجي في لغته ومواقفه، عكس وعيه بخطورة اللحظة الوطنية ورغبته في الحفاظ على التوازن بين مبدأ الدولة المدنية ورفض منطق الحرب والانقلاب فالحزب الاشتراكي ساند قضية صعدة خلال حروبها الست وانتصر لقضيتها وساندها وحملها كقضية ورؤية الى مؤتمر الحوار الوطني باعتبارها قضية ومظلومية لابد من معالجتها في الاطارالوطني.
من الشراكة إلى التحذير (2014 – مطلع 2015)
في سبتمبر 2014، ومع تصاعد الأزمة السياسية وتمدّد جماعة أنصار الله نحو العاصمة صنعاء، دعا الحزب الاشتراكي اليمني إلى الشراكة الوطنية وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. دعم الحزب اتفاق السلم والشراكة الوطنية الموقّع في 21 سبتمبر، واعتبره خطوة لتجنيب البلاد الحرب، لكنه شدّد على ضرورة تنفيذ البنود الأمنية وسحب المظاهر المسلحة فورًا.
وبعد سيطرة انصار الله (الحوثيين) على مؤسسات الدولة، أصدر الحزب سلسلة بيانات حذّرت من “محاولات الإطاحة بكيانية الدولة”، معتبراً ان تجريف مؤسساتها العسكرية والأمنية خطرًا مباشرًا على وحدة البلاد ومستقبلها السياسي كما شبّه الحزب ما حدث بما جرى في حرب 1994، حين انتصرت المليشيات على حساب الدولة. وفي بيان طالب انصار الله بتمكين مؤسسات الدولة ووقف الاقتحامات للمنازل والمقرات الحزبية مذكرا بما حدث 1994 من نهب وانتهاكات ومشبها سلوك المليشيات الحوثية ب” مليشيات المنتصرين في تلك الحرب” في تلك المرحل، بقي خطاب الحزب عقلانيًا ومتوازنًا فهو يدافع عن الدولة والشرعية دون انزلاق إلى التحريض حيث حذر انصار الله من التوسع المسلح، بانهم سيفقدون الصفة السياسية قائلاً انهم اصبحوا في قلب المسؤولية لا المعارضة وان الشراكة تفرض عليهم حماية الدولة لا السيطرة عليها.
من التحذير إلى الإدانة (2015 – 2018)
مع إعلان جماعة أنصار الله “اللجنة الثورية العليا” في فبراير 2015، اعتبر الحزب الاشتراكي اليمني ما جرى “انقلابًا مكتمل الأركان” على العملية السياسية واتفاق السلم والشراكة. تحولت لغة بيانات الحزب من الدعوة إلى التوافق إلى خطابٍ واضحٍ في الإدانة والمساءلة السياسية في عدة بيانات وتصريحات للأمين العام السابق د. ياسين سعيد نعمان، وردت عبارة أصبحت عنوانًا لموقف الحزب “ما حدث في صنعاء لم يكن انتصارًا لمظلومية، بل هزيمة لمشروع الدولة”.
ورغم إدانته للانقلاب، رفض الحزب الحرب كوسيلة للحسم، مؤكدًا أن استعادة الدولة لا تكون بالقوة العسكرية بل بالسياسة وبناء التحالف المدني الوطني هذا الموقف جعله يحتفظ بمسافة متوازنة بين طرفي الصراع، مع إصراره على رفض شرعنة سلطة الأمر الواقع في صنعاء. ودعا طرفي الصراع الشرعية والحوثيين الى وقف الحرب والعودة الى الحوار على أساس مخرجات الحوار الوطني وحافظ الحزب الاشتراكي اليمني على خطه المستقل فلم ينظم لتحالفات الحرب بشكل مباشر لكنه رفض شرعنة سلطة الامر الواقع
النقد إلى المساءلة الوطنية (2019 – 2024)
في السنوات الأخيرة، ركّز الحزب على البعد الإنساني والسياسي للأزمة، مؤكدًا أن استمرار الحرب يخدم مصالح إقليمية ولا يصب في مصلحة اليمنيين اعتبر الحزب أن جماعة أنصار الله تحولت إلى “سلطة أمر واقع” تفرض نفسها خارج إطار الدستور، ودعا إلى تحويلها إلى حزب سياسي مدني يشارك في الحياة الديمقراطية وفقًا للقانون، وفي الوقت ذاته، شدد على إصلاح بنية الشرعية السياسية لتكون شاملة وتمثل جميع القوى الوطنية.
وفي بياناته المتأخرة، أكد الحزب أن أي تسوية سياسية لا تنهي الانقلاب أو تعيد بناء الدولة المدنية الاتحادية هي مجرد “تدوير للأزمة لا حل لها”، داعيًا إلى مصالحة وطنية حقيقية تُنهي الحرب وتعيد الاعتبار للدولة ومؤسساتها.
تحليل لغوي: كيف تغيّرت نغمة الخطاب الاشتراكي:
تحليل بيانات ومقالات الحزب الصادرة عبر موقعي “الاشتراكي نت” و”الثوري” يكشف عن تغيرٍ لافتٍ في اللغة المستخدمة: من مفردات التفاؤل والشراكة في 2014 إلى لغة الإدانة والمساءلة بعد 2015، وصولًا إلى خطابٍ إصلاحيٍ عقلانيٍ يدعو للسلام وإنهاء الحرب.
المرحلة المفردات المهيمنة الاتجاه اللغوي طبيعة العلاقة مع أنصار الله
2014 شراكة – توافق – سلم – بناء الدولة تصالحي – تفاؤلي شريك سياسي
2015 تحكيم العقل – مفترق طرق – المليشيات تحذيري – نقدي شريك منحرف عن المسار
2016–2017 انقلاب – احتكار السلاح – الشرعية إدانة – مساءلة خصم سياسي مسلح
2018–2024 تسوية – سلام – الدولة المدنية إصلاحي – عقلاني سلطة أمر واقع
خاتمة: بين الثبات والمراجعة
من خلال تتبع الخطاب السياسي والإعلامي للحزب الاشتراكي اليمني خلال العقد الماضي يتضح أن الحزب حافظ على ثباته في المرجعية الفكرية (الدولة المدنية ومخرجات الحوار الوطني) لكنه مارس مراجعة لغوية وسياسية متواصلة تواكب تحولات المشهد اليمني لقد رفض الحزب الانقلاب باعتباره انقلابًا على الدولة والتوافق الوطني وفي الوقت ذاته رفض الحرب باعتبارها تدميرًا لمستقبل اليمن وبين الموقفين، ظل الحزب صوتًا عقلانيًا يذكّر الجميع بأن طريق الخلاص الوحيد يمر عبر الحوار وبناء دولة اتحادية مدنية تضمن الشراكة والمواطنة والعدالة.
الى ان الحزب اعتبر أي تصريحات هنا اوهناك لا تمثل راي الحزب وانما هي ناتجة عن الانقسام السياسي الحاصل في البلد وان المتحدث الرسمي والذي يحمل الصفة الرسمية أمانته العامة في بياناته وخطاباته وحواراته.