“صحيفة الثوري” – كتابات:
وليد الجبزي
في ظل وضعٍ اقتصاديٍّ خانق، يعيش الآلاف من الموظفين النازحين أوضاعاً معيشية قاسية منذ مطلع العام 2025م، بعد أن توقفت رواتبهم بشكلٍ كامل لأكثر من عشرة أشهر متتالية، رغم استمرارهم في إثبات وجودهم في المحافظات المحررة، والتزامهم بتوقيعات الحضور الشهرية التي فرضتها وزارة الخدمة المدنية في عدن لإثبات تواجدهم في المحافظات والمديريات المحررة.
فمنذ بداية العام، لم يشفع هذا التوقيع الشهري للموظفين النازحين في المكاتب الإدارية التابعة للخدمة المدنية للحصول على رواتبهم، بل ظلت المرتبات مجمَّدة دون أي زيادة أو علاوات، بخلاف ما يحصل عليه زملاؤهم في المحافظات المحررة. والأسوأ من ذلك أن تلك المرتبات توقفت نهائياً، تاركةً آلاف أسر الموظفين النازحين في مواجهة مصيرٍ مجهول، وظروفٍ معيشية بالغة القسوة.
هذا الانقطاع الطويل للرواتب كشف تقصيراً واضحاً وتخلياً كاملاً من قبل الجهات المعنية، ابتداءً من السلطات المحلية، مروراً بوزارة الخدمة المدنية والمالية، وانتهاءً بالبنك المركزي، حيث لم تتحمل أي جهة مسؤوليتها في إيجاد حلولٍ عاجلة، أو حتى توضيح أسباب التوقف. كما أن وسائل الإعلام، التي يُفترض أن تكون صوت المظلومين، لم تولِ هذه القضية الاهتمام الكافي، رغم أنها تمس حياة شريحةٍ واسعة من موظفي الدولة النازحين.
الموظفون النازحون اليوم يعيشون معاناةً مضاعفة؛ فهم لا يحصلون على رواتبهم مثل زملائهم في المناطق المحررة، وفي الوقت نفسه يُعاملون كما لو كانوا في مناطق سيطرة الحوثيين، من حيث التجميد الكامل للرواتب وغياب أي اهتمامٍ رسميٍّ بقضيتهم.
إن الحكومة الشرعية، ممثلةً برئيس مجلس الوزراء سالم بن بريك، ووزارة الخدمة المدنية التي أطلقت ما يسمى بالتوقيع الشهري بحجة ضمان صرف المرتبات بانتظام، مطالَبةٌ بتحمُّل مسؤولياتها تجاه هذه الفئة المظلومة، والعمل العاجل على إعادة صرف المرتبات المتوقفة، ومعالجة الاختلالات التي جعلت الموظف النازح يدفع ثمن الحرب مرتين: مرةً عندما اضطر إلى النزوح حفاظاً على حياته، ومرةً عندما حُرم من أبسط حقوقه المالية التي تضمن له حياةً كريمة.
لقد آن الأوان أن تُفتح هذه القضية بجديةٍ في أروقة الحكومة ووسائل الإعلام، وأن تُتخذ خطواتٌ عمليةٌ لإنصاف الموظفين النازحين الذين صبروا طويلاً في صمت، ولم يعد بإمكانهم احتمال المزيد من التجاهل.