آخر الأخبار

spot_img

في عيد الثورة وذكرى التأسيس: الاشتراكية.. ذاكرة لا تموت

“صحيفة الثوري” – كتابات:

صهيب المياحي

هناك حبٌّ دفين وولاءٌ غامض في قلب كل يمني تجاه الاشتراكية، ليس ولاءً أيديولوجيًا، بل هو في جوهره انتماءٌ إلى معنى يمنيٍّ محض؛ معنى يتجذر في الوعي الشعبي كرمزٍ للكرامة والرفض والعناد الجميل.

الحزب الاشتراكي ظلّ رمزًا لفكرة “اللا” التي تخرج من أفواهنا مبللةً بالكرامة، تلك “اللا” التي تقولها الجماهير في وجه القهر، وتقولها النخب في وجه الركود، ويقولها البسطاء في وجه الجوع، لتبقى الاشتراكية في اليمن أكثر من فكرة، بل قُل إنها موقف.

الرابع عشر من أكتوبر وذكرى تأسيس الحزب الاشتراكي هما حدثان مفصليان في هذا الشهر، يشبهان في رمزيتهما جذرين في ذاكرة هذا الوطن.

قد تتفق مع الحزب، وقد تختلف، لكنك لا تستطيع أن تتجاوزه، ولا أن تعيش خارج تأثيره. بين اليمني والاشتراكية قاسمٌ مشترك غير مرئي، لكنه دائم الحضور، كأن الاشتراكية هي التعبير الفكري عن طيبة اليمني، وعن حسِّه العادل، ورغبته الأبدية في أن يرى العالم أكثر مساواةً وإنسانية.

عرفتُ كثيرين ممن تشربوا الثقافة وقرأوا الكتب بشغف، فوجدتُ أن الاشتراكية كانت هي البوابة الأولى التي عبروا منها إلى القراءة.

لا يوجد مثقفٌ يمنيٌّ حقيقي قرأ دوستويفسكي دون أن يكون قد لامس الاشتراكية أولًا، أو جلس إلى أحد اشتراكيي السبعينيات والثمانينيات الذين كانوا يقولون له: “اقرأ، وستعرف”.

أتذكر مقابلةً لأحد كبار المثقفين اليمنيين قال فيها: “كان أول من منحني الكتب اشتراكيًا، قال لي: اقرأ، ثم ابتسم ومضى”.

ذلك هو الاشتراكي اليمني؛ لا يمكنك أن تجلس معه ثم تخرج دون أن يمنحك كتابًا أو فكرة، أو سيجارةً مشتعلةً بالحلم.

سلامي لكل اشتراكي ما زال متشبثًا بمعنى الرفض، يكدح ويحب، ويختلف مع من يخالفه دون أن يكرهه، يقتسم معه الخبز والسيجارة، ثم يضحكان معًا على الدنيا.

سلامي لكل من ما زال يرى في الوعي طريقًا للتحرر، ويؤمن أن الكلمة سلاحٌ أصدق من الرصاص.

تهانينا لكل اشتراكية، ولكل اشتراكي.
عاشت الذاكرة التي لا تموت.