صحيفة الثوري- كتابات:
محمد أحمد العولقي
يواكب العصر والمتغيرات، لم يعد ذلك الحزب الشمولي، وما كان يرى صوابًا في زمنٍ مضى أصبح اليوم في حكم الخطأ. الاشتراكي، من اشترط الديمقراطية مع تحقيق الوحدة، التي أنتجت تعدديةً سياسيةً وحزبيةً لكنها كانت ديكورية أفرغت من مضمونها كما أفرغت الوحدة حلمَ اليمنيين الكبير ليتمخض الجبل ويولد فأر.
الاشتراكي لم يعد حزبًا نخبوياً بل حزبًا اجتماعيًا جماهيرياً، أبوابه مفتوحة لكل اليمنيين، وفي الاقتصاد يرى ضرورة التنافسية بين القطاع العام والقطاع الخاص والمختلط. وأصبح منذ أن أحدث تحوّلات ومراجعات نقدية لتجربته في حكم اليمن الديمقراطي ينظر إلى دول الجوار نظرةً أخرى غير تلك النظرة والتوصيف في زمن الحرب الباردة وصراع القطبين.
لم يعد مصطلحُ الرجعية منطقيًا ولا مقبولًا، في دول تتجه نحو الحداثة والتغيير والنهوض بمجتمعاتها علماً ومعرفةً ومواكبةً للعصر، وإنسنةَ القوانين والانفتاح على كل الثقافات، ودعم مشاريع الترفيه والفنون والرياضة، وكل جماليات الحياة ومحاربة ظواهر التطرف والغلو دينيًا ومذهبيًا وسياسيًا.
اليوم، إذا جاز التعبير، اليمن هي البلد الرجعي المتخلف الذي هرول مسرعًا لزمن داحس والغبراء؛ يسفك أهلها دماء بعضهم بعضًا، ويمزقون نسيجه الاجتماعي وجغرافيته، ويأجّج تجار الحروب الصراعَ المذهبي والمناطقي كعناوين لحرب تُخاض من أجل مصالح شخصية وليس من أجل مصلحة وطنية.
بهذه الحرب العبثية سيصبح الوطن والدولة مسمّياتٍ ليس لها أثر في واقعنا، وفي سلوكنا وتعاملاتنا؛ ينسف مسمى الشعب عدوانيتنا وثقافةَ الأحقاد والكراهية فينا، التي تسهّل الطريق لعودتنا إلى جذور النشأة الأولى، إلى أحضان القبيلة، إلى الفوضى والمليشيات وحرب العصابات. وما يحدث في تعز صورة واضحة وجلية، وفي صنعاء وعدن اعتقالاتٌ واغتيالاتٌ ونهبٌ للمتلكات العامة والخاصة والمال العام، وتجويعٌ وإذلالٌ وإهانةٌ لبسطاء الناس.
لذلك مهمة كل أعضاء الحزب والقوى الوطنية الشريفة: العمل بالقول والفعل من أجل السلام، بعدما أثبتت حربُ عقد من الزمان استحالَةَ اجتثاثِ كل طرفٍ الآخر، وأن التمسك بخيار الحرب ليس إلا لمزيد من ثراء تجار الحروب ومزيد من الفقر والجوع والشتات والضياع والموت المجاني لغالبية الشعب.