“صحيفة الثوري” – كتابات:
اللواء علي حسن زكي
إن الحديث عن مسمى الدولة الجنوبية عشية الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر 1963م المجيدة، والذكرى الـ58 لتحقيق الاستقلال الوطني المجيد في 30 نوفمبر 1967م، وخروج بريطانيا من أرض الجنوب، وتوحيد أكثر من 23 سلطنة وإمارة ومشيخة وعدن، وقد حازت عدن بموقعها ومقوماتها على تسميتها بـ”درة التاج”، وها هي اليوم قد حولوها – بعد ما دمروا كل ما كان جميلاً فيها – إلى قرية، في إطار كيان وطني ودولي واحد من المهرة إلى باب المندب (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية).
إن الحديث عن مسمى الدولة الجنوبية عشية هاتين المناسبتين المجيدتين ووفقاً لهما يكتسب رمزية وطنية وسياسية بكل المقاييس، بالنظر إلى أن الدولة التي حققت استقلالها عام 1967م قد حصلت على الاعتراف الدولي والإقليمي والعربي والإسلامي، وعلى مقعدها بعلمها وشعارها ونشيدها وعملتها الوطنية وتمثيلها الدبلوماسي.
إن دولة بهذا المسمى، وبمؤسساتها وتجربتها ومنجزاتها وجيشها وأمنها، وبحياة حرة وعيش كريم لأبنائها، يتناسب مع مستوى دخل الفرد، ووظيفة عامة، وخدمات وصحة عامة، وتربية وتعليم، وكهرباء وماء، وأمن واستقرار، ومواطنة متساوية، وحق العمل لكل قادر عليه، ونظام إداري ومالي ومحاسبي، ونظام الخزانة العامة الموروث عن الإدارة البريطانية لا ثغرات فيه للفساد أو العبث أو الاحتيال. دولة تنمية مستدامة بخطط تنمية كل ثلاث سنوات (خطة ثلاثية)، وكل خمس سنوات (خطة خمسية)، دولة سيادة وطنية وقرار وطني مستقل، وعلاقات خارجية قائمة على احترام السيادة الوطنية والقرار الوطني وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
إن دولة بهكذا منجزات ومقومات – والتفاصيل تطول – لا يمكن اختزالها بمجرد مقال، يكفي أنها مقيمة في عقول وقلوب وذاكرة الكادحين أبناء شعب الجنوب وأسلافهم الوطنية.
لقد توفي واستشهد قادة ومناضلو ثورة أكتوبر وتحقيق الاستقلال الوطني وبناء الدولة، لا يملكون غير تاريخهم، فالنضال بالنسبة إليهم كان تضحية وضريبة وطنية وليس طريق منصب وجاه وما في حكمه. استشهد الرئيس سالمين وعليه دين لصاحب البقالة، ومسكنه/مسكن أسرته شقة في عمارة تقع نهاية شارع التواهي على طريق الفتح، فيما والدته ظلت تسكن في منزل والده المتواضع في إحدى قرى زنجبار بمحافظة أبين.
بهكذا دولة وتجربة ومنجزات وتراث قياداتها، و(مسماها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، تم دخول الجنوب ما أسموها بـ”وحدة 22 مايو 1990م”.
إن (مسمى الجنوب العربي) قد ارتبط بقيام بريطانيا بإنشاء حكومة اتحاد الجنوب العربي عام 1959م، أرادت أن يكون له الحكم في الجنوب بعد خروجها، على أن هناك سلطنات لها معادلتها الجنوبية الوازنة الوطنية والسياسية والجغرافية، وبثرواتها ومساحاتها ومقوماتها أيضاً، لم تكن ضمن اتحاد الجنوب العربي: سلطنة القعيطي، وسلطنة الكثيري، وسلطنة يافع، فيما عدن ثغر الجنوب الباسم وعاصمته التاريخية بمكانتها ومقوماتها ورمزيتها لم تكن ضمن اتحاد الجنوب العربي، فلقد كانت كياناً لذاته بمجلسها التشريعي وحكومتها.
إن القول باستعادة دولة الجنوب العربي ربما ينطوي على إضعاف لمشروعية استعادتها، طالما أن الجنوب لم يدخل الوحدة بهذا المسمى، ولكن بدولة معترف بها مسماها “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، وعلى الصعيد الخارجي لم يكن هناك وجود لدولة مسماها “الجنوب العربي”، ولكن هناك دولة اسمها “جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية” حققت استقلالها يوم 30 نوفمبر 1967م، معترف بها، ولها مقعدها في كل المحافل الخارجية.
إن تسمية الدولة الجنوبية القادمة بـ”دولة الجنوب العربي”، والحال كما سلف استعراضه، يحتاج إلى اعتراف دولي وإقليمي وعربي وإسلامي، فيما استعادتها بمسماها “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” لا يحتاج لذلك، بل يحتاج إلى إحياء مكانتها ومقعدها الشاغر وشخصيتها الدولية.
وخلاصة القول: إن شعب الجنوب هو من يقرر مسمى دولته عند استعادتها وفقاً للإجراءات الدستورية التي سيتم التوافق عليها حينها، ليست مشكلة شعب الجنوب ولا خصومة له مع المسمى، والأصل استعادتها أولاً، وحينها تكون التسمية ولا ريب في ذلك.