آخر الأخبار

spot_img

الأسواق المسلحة هكذا تصل الأسلحة الأوروبية والأميركية صنعاء

صحيفة الثوري- أريج: 

أنور دهاق وأحمد الواسعي
29 سبتمبر 2025

في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، نشر تاجر سلاح يمني عبر حسابه على فيسبوك صوراً لسلاح ذهبي، متباهياً بأنه صناعة أوروبية، قد يستقطب هواة اقتناء السلاح في صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.

هذا السلاح من طراز X-Calibur MK23، يعود تاريخ إنتاجه إلى عام 2023؛ أي أن الفارق الزمني بين تاريخ تصنيعه وظهوره في اليمن لا يتعدى عدة أشهر فقط.

وثقت “أريج” في الجزء الأول من هذا التحقيق أن شركة “غراند باور” السلوفاكية هي المُصنِّعة لهذا السلاح. كشف ذلك الجزء المنشور في كانون الأول/ديسمبر 2024 عن وصول عشرات المسدسات الأميركية والأوروبية والبرازيلية حديثة الصنع إلى مدينة صنعاء.

في هذا التحقيق، نتتبع السلاح السلوفاكي وغيره من الأسلحة الأوروبية الصنع، ونكشف أنه صُدّر إلى التشيك ومنها إلى شركة رماية سعودية، قبل أن ينتهي به المطاف في صنعاء، بالمخالفة لمعاهدة تجارة الأسلحة (ATT) وقرارات الأمم المتحدة.

نُقلت عشرات الأسلحة الأوروبية والأميركية، على رأسها مسدسات “غلوك”، إلى اليمن، بالمخالفة لشهادات المُستخدِم النهائي، في ظل غياب إجراءات تتبع ما بعد التصدير.

جاء اليمن في المرتبة الثانية عالمياً في عدد القتلى جراء النزاع، بمعدل يقارب 56 ضحية لكل 100 ألف نسمة، وفق إحصائية صادرة عن مؤسسة “مسح الأسلحة الصغيرة” لعام 2023.

كيف وجد السلاح طريقه إلى اليمن؟

عرض تاجر السلاح اليمني أشرف منيف عبر “فيسبوك” أسلحة أوروبية وأميركية متنوعة، في تحدٍ واضح لسياسات المنصات التي تمنع عرض الأسلحة النارية. ورغم أن منصة “إكس” أغلقت بعض الحسابات بعد نشر التحقيق الأول، ظل حساب منيف نشطاً.

نشر تقرير فريق الخبراء الأممي بشأن اليمن معلومات عن نشاط تجار أسلحة يمنيين على وسائل التواصل الاجتماعي. بحثنا في قواعد بيانات الأمم المتحدة ومعهد ستوكهولم، فتبين عدم وجود تعاملات رسمية بين سلوفاكيا واليمن في مجال الأسلحة.

مصدر داخل شركة “غراند باور” كشف أن قطعة من طراز X-Calibur MK23 نُقلت إلى شركة “Kaliber Gun” في التشيك، ثم صدّرت في نيسان/أبريل 2023 إلى شركة “الصياد العربي” في السعودية، قبل أن تُهرّب إلى اليمن.

شركة “الصياد العربي”

تتبع الشركة مجموعة “بن حميد الوطنية” بجدة. ويمتلكها نواف بندر بن نايف بن حميد، رئيس مجلس الأعمال السعودي–التشيكي. وثائق عام 2022 أظهرت استيراد 320 قطعة من “غراند باور”. التاجر اليمني أكد لنا أن لدى الشركة وكلاء يهرّبون الأسلحة إلى صنعاء.

ذلك يتعارض مع معاهدة تجارة الأسلحة، ومع الموقف الأوروبي الموحد عام 2008 بشأن تصدير المعدات العسكرية. كما يخالف قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يحظر توريد السلاح للحوثيين.

عشرات المسدسات الأوروبية والأميركية في صنعاء

رغم أن قواعد بيانات الأمم المتحدة لا تسجل أي استيراد أسلحة صغيرة لليمن منذ 2016، كشف تقرير لجنة الخبراء عام 2024 عن رصد مسدسات أوروبية وأميركية تباع في سوق صنعاء. وثّق التقرير 98 قطعة معروضة في ثلاثة محلات أسلحة، بينها 51 قطعة من متجر “غلوك”.

تحققنا من مسدسين من نوع “غلوك” معروضين بصنعاء. الشركة النمساوية نفت التصدير إلى اليمن، لكنها لم تكشف الوسطاء. رد هيئة مراقبة الأسلحة في النمسا أكد أن المسدسات ربما صُنعت في أميركا أو نُقلت إليها برخصة نمساوية، وأحالت القضية للسلطات الأميركية.

الدول الوسيطة

تقرير لجنة الخبراء حدد دولاً وسيطة مثل السعودية والبحرين والعراق وسوريا والنيجر والصومال. بعض شركات الرماية السعودية استوردت أسلحة من البرازيل وتركيا وأوروبا، ثم ظهرت لاحقاً في اليمن.

في نيسان/أبريل 2025 ضبطت السلطات اليمنية في رأس العارة بمحافظة لحج شحنة من 800 مسدس “غلوك” متجهة لمناطق الحوثيين. وفي الفترة بين 2015 و2023، ضُبط أكثر من 29 ألف قطعة سلاح صغيرة وخفيفة، وملايين الطلقات، في بحر العرب.

المنافذ البرية والبحرية ما زالت تعاني ثغرات رقابية، وبعض الشحنات تمر تحت مسميات مضللة مثل “قطع غيار” أو “معدات زراعية”.

خلاصة

تكشف التحقيقات أن الثغرات في الرقابة الدولية والإقليمية على تجارة الأسلحة، مع غياب آليات تتبع ما بعد التصدير، سمحت بوصول أسلحة أوروبية وأميركية حديثة إلى اليمن. ويشدد الخبراء على ضرورة تعزيز الرقابة، وإرسال فرق تفتيش دورية إلى الدول المستوردة، لضمان التزامها بالاستخدام المصرح به.

*أسهم في التحقيق محمد عماد (اسم مستعار) وفوتغرا ديابريلا