آخر الأخبار

spot_img

بعد تخلي السلطات عن إعالة %43 من السكان.. استمرار معاناة 600 ألف أسرة جراء انقطاع المرتبات

الثوري – وكالات

يواصل الموظفون اليمنيون معاناتهم، وسط تحديات سياسية وعسكرية جديدة، بعد سنوات من انقطاع مرتباتهم، واتهامات متبادلة ـ بلغ ذروتها مؤخراً ـ بين طرفي الحرب بالتسبب بأزمة الموظفين، وملف رواتبهم وتقاسم العائدات النفطية وإدارة التصدير، ويأتي ذلك، في سياق اقتصادي واجتماعي متدهور تعمق خلال السنتين الماضيتين، وطال القدرة الشرائية للمواطنين وزاد من ارتفاع نسبة البطالة والتضخم في البلد الفقير الذي يشهد نزاعاً مسلحاً على السلطة منذ ما يقارب تسعة أعوام.

ونقلت صحيفة «العربي الجديد»، عن مصادر مطلعة أن هناك تعقيدات تعرقل حلحلة ملف صرف رواتب الموظفين المدنيين في المفاوضات غير المعلنة التي ترعاها سلطنة عمان، وتتركز في طريقة صرف رواتب الموظفين والجهة التي ستشرف على إدارة عملية الصرف والذي يتطلب إعادة توحيد المؤسسات النقدية والمالية المنقسمة بين طرفي الصراع: الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين. وقال الباحث السياسي، قادري أحمد حيدر، «لا يدرك البعض خطورة تدحرج أحوال الأغلبية من الشعب نحو حضيض الفاقة، والمجاعة، يبدو أن المعنيين: سلطة أمر واقع، «وشرعية»، ومكونات سياسية، ونخب ثقافية، ونقابات، ومنظمات مجتمع مدني صاروا جميعاً (بدرجات متفاوتة) فاقدي الإحساس، وفي أدنى وأحط مستويات الرفعة الأخلاقية، ويعيشون حالة فقر ضميرية بالمسؤولية، تجاه المدى الذي وصل إليه حال المجتمع، وما تبقى من مؤسسات دولة كانت، أو سقطت بيد الفوضى، والميليشيات والاحتلال، بعد أن أعمتهم مصالحهم الخاصة جداً جدا، عن المآل الكارثي الذي وصلت إليه أحوال الناس في البلاد».

وأضاف: «مع صمت أو استمراء المجتمع الدولي للعبة إنهيار الدولة وبالنتيجة العملة، واضمحلال ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سطوة المليشيات الممولة من الخارج لإدخال البلاد في لعبة صراعات الفوضى، التي لاتنتهي إلا عند الحد الذي تريده هي، وبما يخدم مصالحها، التكتيكية، والاستراتيجية في المنطقة، والعالم (تحولات السياسة، والحرب، ومصالحها في سوريا، وليبيا، والعراق، ولبنان وفي غيرها من الأماكن)، حيث اليمن تدرس وتحسب ضمن ما يجري في المنطقة، من صراع بين الروس، والأمريكان، بين الأمريكان، وإيران حول الملف النووي، والعقوبات، وفي غياب أي دور أو حركة، أو فعل جدي للقوى اليمنية الداخلية، بدءاً من الشرعية في المنافي الاختيارية، إلى سلطة الأمر الواقع في صنعاء، (المشغولة بالجهاد ضد الداخل، والخارج)، إلى المكونات السياسية وقياداتها السياسية المأزومة والفاسدة، وهنا في تقديري جذر مشكلتنا الأساس، (البعد الذاتي الهش والمرتبك لنا)، بعد أن أوكلنا للخارج (الإقليمي، والدولي) أمر إدارة شأننا الداخلي الوطني، وتحولنا إلى مجرد تابعين لما يريده، ويقرره الخارج الإقليمي، والدولي، نيابة عنا، وكأننا لم نفطم، بعد أن وقعنا/وضعنا، شعباً ودولة تحت الوصاية والانتداب، حتى لا نقول أكثر من ذلك».

وتابع: «تتجاوز اليوم نسبة من يعيشون تحت خط الفقر في بلادنا %85 حسب التقديرات الدولية، وتكتسح المجاعة، محافظات ومدناً بصورة لامثيل لها، مع ظهور أمراض فتاكة انقرضت من عقود مثل (كوليرا، ملاريا، سل، جدري، جذام، كبد وبائي، حمى الضنك، وأمراض جديدة (المكرفس).. إلخ)، وجميع هذه الأمراض، تعود إلى قلب مدن مركزية، صنعاء وعدن، وتعز، والحديدة، وغيرها، مع توقف الكثير من أقسام المستشفيات الحكومية عن تقديم الخدمة الطبية، والصحية، والوقائية، إلى الدرجة التي صار معها وفيها العلاج، والعمليات في المستشفيات الحكومية بالفلوس المدفوعة مقدماً، وبنفس أسعار المستشفيات الخاصة، أو قريبة منها، وبدون علاج فعلي، آخرها ترك مقص العملية الجراحية في بطن المريض، مع غياب مطلق للدولة شبه الراعية، ولمؤسسات الضبط القانوني، والضبط الاجتماعي، (الشرطة)، والقضاء، والنيابة، فضلاً عن ظاهرة الأغتيالات السياسية، «في الجنوب، والشمال»، كل ذلك وغيره ليس إلا دليلاً مخيفاً على هول الفاجعة التي يمر بها شعبنا مع اتساع كارثي لرقعة الفساد، التي تطال كل جوانب الحياة في المجتمع، وفي مؤسسات الدولة «المنفلشة»، بما فيها رموز قيادية عليا ومتوسطة في جيش الشرعية، التي أصبحت رمزاً وعنواناً فاضحاً للفساد المعلن، ومع ذلك لم تتوقف «الشرعية» مسلوبة الإرادة من تعيين أحفاد الفاسدين في مواقع مختلفة، من السفارات، وفي مواقع حكومية عديدة لا يستحقونها، وكأننا أمام اصرار على استكمال صورة لوحة الفساد».

وتساءل «فأين هي مرتبات موظفي الدولة(مرتباتنا)، في موازنةالعام، 2020م، ولصالح من صرفت؟!.. والملايين من موظفي الدولة وأسرهم في حالة جوع مدقع».

وأكد بأن «اليوم العديد من كوادر الدولة: أساتذة جامعة، وفنيين، وكوادر ادارية، ومعلمين، يقذف بهم إلى الشوارع من قبل أصحاب المساكن، وعبر أحكام قضائية، وبعضهم من خلال أقسام الشرطة، أحوال فجائعية كارثية، والعديد منهم يموت قهراً وكمداً ومرضاً».

وأوضح أن «لا خيار أمامنا وأكرر ذلك للمرة الألف، سوى استنهاض الداخل السياسي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والوطني، لرفع قضايا أمام المحاكم الإدارية، بل وحتى المحاكم المدنية والجنائية الدولية، نتيجة ما يترتب على مصادرة الراتب من جرائم لا انسانية تطال الملايين.. رفع قضايا ضد سلطتي، عدن/وصنعاء، وهنا ينتصب دور نقابة المحامين، ونادي القضاة، ومنظمات المجتمع المدني القانونية، والحقوقية، واتحاد الأدباء والكتاب الذي كان طرفا مساهما في وحدة اليمن، لتشطره الحرب اليوم، إلى نقابة الصحفيين، وغيرهم، -لم أشر للأحزاب وقياداتها، لأنها مستلبة الإرادة بعد أن دجنت بالرواتب الضخمة بالدولار، وبالريال السعودي، والدرهم الإماراتي- لترتيب ملفات بهذا الخصوص لرفعها أمام القضاء/المحاكم، ومناشدة العالم كله للوقوف معنا وفي صفنا نحن الفقراء لله، في مواجهة أبشع وأقذر حرب تخاض ضد الفقراء والجياع، في صورة حرب الراتب، حرب معلنة وفاضحة ومنذ خمسة أعوام».

البحث عن فرص
وفي السياق، قال موظف في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، في صنعاء، أنه كان يتلقى راتباً شهرياً ـ قبل الحرب ـ بمقدار 60 ألف ريال (ما يعادل 250 دولار أميركي)، أما بعد انقطاع المرتبات فيقول «الآن نتقاضى أقل من 30 ألف ريال (ما يعادل 44 دولاراً)، كل أربعة إلى خمسة أشهر أو في المناسبات، يترافق مع الارتفاع في الأسعار، وهذا ما جعل العيش ضيقاً جداً».

وأكد انتهت قدراتنا الشرائية وبالكاد نقدر على شراء بعض السلع الضرورية حتى المواد الأولية التي لا يقوم العيش إلا بها، فيما تقلص عدد الموظفين في كل المؤسسات الحكومية إلا من بقوا على وظائفهم، وارتفعت الأسعار بشكل كبير خلال هذا العام أكثر من %300. وأوضح أن مئات الآلاف بلا وظائف وبلا عمل، خاصة الموظفين، وخلت جيوبهم من الأمول.

وتابع قبل الحرب كان راتبه 60 ألف ريال، أي ما يعادل 250 للدولار مقابل الريال، موضحاً بأنه كان لا يكفي للإيجارات والمصاريف اليومية، وحالياً، يتم صرف نص راتب ثابت طوال العام في أوقات الأعياد والمناسبات فقط (أي طوال العام ثلاثة أنصاف مرتبات).

من جهةً ثانيةً، يقول موظف آخر في وزارة المالية لم يرغب في الكشف عن اسمه إن أحلام الموظفين تتلاشى وتتذمر وأن الوعود لم تعد تجدٍ نفعًا.

وأضاف «أن الحرب غيرت حياة الكثير من المواطنين، لنصبح نبحث عن عمل آخر في إطار مساعينا لتأمين قوت أطفالنا». ويبلغ عدد موظفي الدولة 1.3 مليون، بينهم 600 ألف موظف قطاع عام وقضائي، والبقية في مؤسستي الجيش والأمن» بينما تمثل نسبة الموظفين في الجهاز الحكومي %34 من القوى العاملة في الجمهورية، أي أن الدولة تعيل %43 من سكان الجمهورية.

وتبلغ فاتورة الأجور وفقاً لكشوفات آخر عام قبل الحرب75 مليار ريال شهرياً، منها 50 مليار ريال لموظفي الخدمة المدنية، وتبلغ فاتورة رواتب موظفي الدولة حوالي 1٫055 مليار ريال سنوياً. وسيطرت جماعة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وفرضت أقسى التدابير المقيدة للحريات، لا سيما حق التظاهر والانتخابات، وقمعت المعارضين وسرحت غالبية الناس من الوظائف العامة.

اتهامات
نقلت وكالة الأناضول عن مصدر حكومي يمني مطلع، الأحد، بأن تعقيدات جديدة تضعها جماعة «الحوثي» بخصوص تسليم رواتب الموظفين تعرقل تقدم مفاوضات تتوسط فيها السعودية وسلطنة عمان بين الجانبين.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها مصدر حكومي للأناضول، مفضلا عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام.

وأوضح المصدر أن «جماعة الحوثي وضعت تعقيدات جديدة بشأن الاتفاق على آلية تسليم رواتب الموظفين في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، والمتوقفة منذ سنوات».

وأضاف أن الحوثي «اشترط صرف رواتب لكل عناصره ومليشياته حسب كشوفات العام الحالي، فيما الحكومة الشرعية تطرح كشوفات 2014». وأشار إلى أن «الحوثي كان سابقا موافقا على صرف الرواتب بناء على كشوفات 2014 (قبل اندلاع الحرب)، لكنه رفع السقف مؤخراً».

وذكر المصدر أن «الحوثي رفع سقف مطالبه نتيجة معرفته بالرغبة الصادقة للحكومة الشرعية والتحالف بقيادة السعودية، لإحلال السلام في اليمن».

وتابع: «الحوثي يضع عراقيل جديدة أمام تقدم المفاوضات، بشكل دائم». في المقابل، تقول جماعة الحوثيين أن «%70 من الإيرادات تُحصَّل عليها الحكومة و%30 تحصل من قبل حكومة الإنقاذ بمعنى أنها تدير الدولة بثلث موازنة العام 2014».

يأتي ذلك بعد تأكيد رئيس الوفد المفاوض في جماعة الحوثيين، محمد عبد السلام، في ختام زيارة وفد من سلطنة عُمان إلى صنعاء، تمسّك الجماعة بتوجيه صادرات النفط والغاز اليمني لدفع رواتب جمبع الموظفين في كل المحافظات اليمنية وفقاً لقوائم العام 2014.

وأعلنت الجماعة، مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وصول مفاوضات تمديد هدنة الأمم المتحدة التي استمرت في اليمن 6 أشهر، إلى طريق مسدود، في ظل اشتراط الجماعة دفع الحكومة رواتب موظفي القطاع العام من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات التي تسيطر عليها القوات الحكومية.

وتمنع جماعة الحوثيين، منذ بداية العام الجاري، الحكومة من تصدير النفط الخام من مناطق سيطرتها، وتبنت ثلاث عمليات هجومية أسمتها بـ«التحذيرية» على مينائي الضبة في محافظة حضرموت، وقنا في محافظة شبوة، رداً على ما تعتبره الجماعة استحواذ الحكومة على العائدات النفطية وعدم توجيهها لدفع رواتب كافة الموظفين العموميين.