“صحيفة الثوري” – كتابات:
عبد الجليل عثمان
من التكوين القومي الى التحول الاشتراكي
شكل التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية’ ومن بعده الحزب الاشتراكي اليمني من اصول فكرية عرفتهما الساحة العربية وهما حركة القوميين العرب’ وحزب البعث العربي الاشتراكي’ واتحاد الشعب الديمقراطي الذي نشاء تنظيما ماركسيا منذ البداية والذي اسسه الاستاذ عبدالله باذيب.
ومن خلال ذلك تم اعداد وتأهيل اعضاء احزاب اليسار ووضعت البرامج التثقيفية وخطط المنظمات الحزبية بعد المراجعة الفكرية النقدية’ وكان لذلك التحول دور كبير في وضوح الرؤية لنضال اليسار وتعزيز وحدته الكفاحية.وقد التقت تلك القوى في طليعة واحدة في الحزب الاشتراكي اليمني فى اكتوبر٧٨م بعد حوار استمر حوال عشر سنوات.
وكانت الجذور التاريخية لنشأة الحزب من بداية نضال فصائل العمل الوطني في الجنوب والشمال في تكوين هويته السياسية قد عبرت عن امتداد متطور للحركة الوطنية اليمنية منذ نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي’ والتي ارتبط ظهور تلك التنظيمات بنضوج عوامل داخلية وخارجية مواتية ابرزها زيادة الازمة العامة للراسمالية’ ونشؤ النظام الاشتراكي العالمي وتطوره’ وانهيار النظام الاستعماري واتساع حركة التحرر العربية والعالمية’ واكتساب بعضها طبيعة اجتماعية جذرية تناضل ضد الطبقات الاستغلالية’ وضد الانظمة الاستعمارية والاستبدادية..
ولذلك فأن أنوار العصر ما لبثت ان اخترقت سراديب الظلام التى كانت مطبقة على بلادنا شمالا وجنوبا’ فكانت مقدمة الثورات’ ثورة يوليو52م في مصر التي ايقضت ارادة الحياة والحرية للأمة العربية’ ثم ثورة اليمن 26سبتمبر62م ضد النظام الامامي الكهنوتي وثورة 14 اكتوبر ضد الاستعمار البريطاني والنظام السلاطيني.
وكان للثقافة دورا بارزا في معارك النضال الوطني والشعبي’ وفي التصدي للثقافة الرجعية والمذهبية والطائفية من منتصف الخمسينات’ وارسيت ثقافة جديدة بابعادها الاجتماعية التقدمية’ وكانت الصحافة والمنشور السري والمحاضرة والندوة ومبارز القات هي منابر هذه الثقافة’ ولم تكن نبرة تلك التيارات القومية واحدة’ فقد ظهر تيار اصلاحي انتهازي في الحركة العمالية في عدن وتيار الاحزاب الانعزالية والانفصالية والمتواطئة مع الاستعمار من رابطة ابناء الجنوب العربي التى تريد استقلالا شكليا وتطمح الى اقامة دولة الجنوب العربي’ وان لاتكون لها علاقة ارتباط مع شمال اليمن.(1)
ولأن أيمان الفصائل اليسارية بالوحدة اليمنية فأنهم اقاموا تنظيماتهم على اساس قطري على امتداد الساحة اليمنية.
إن سياسة الأئمة والاستعمار واعوانه قد وجهت لمحاربة الثقافة الوطنية والتقدمية’ ومحاولة ابقاء الشعب رهن الثقافة المتخلفة والعميلة للاستعمار’ وعلى محاربة التراث الوطني والقومي’ ورغم ذلك فقد تكون واقع ثقافي حر يعبر عن مصالح الشعب ويخدم قضيته في التحرر والتقدم’ وانتزاع زمام المبادرة من زعماء ممثلي الثقافات التصالحية مع الاستعمار والامامة والانحياز للثقافة الثورية في توجه قوى ثورة سبتمبر واكتوبر.ويصور الميثاق الوطني للجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل(يونيو٦٥م) “ص ٣٢’ ٣٣” سير هذه المعركة بين الثقافة الثورية والثقافة الاصلاحية واختراق الاولى لمواقع الثانية’ رغم ان ممثلى الثقافة الثورية لم يكونوا موحدين في جبهة واحدة وهم يصوبون نيرانهم ضد العدو واعوانه بالقول (ان المفاهيم العقائدية للعمل الثوري التى سادت الوطن العربي عقب الحرب العالمية الثانية’ احدثت صراعا ايديولوجيا بين القوى الثورية النامية وبين القوى اللاثورية..ومكنت التيار الوطني الثوري من أن يحدد ويكشف سلوك ومفاهيم اللاثوريين للقضية الوطنية’… وان هذا الصراع فجر التناقضات الداخلية في رابطة ابناء الجنوب واستقال منها بعض قادتها وكثير من اعضائها واخذت في الاضمحلال. وبذلك تحررت طاقات كبيرة كانت تسيرها الرابطة..وان الصراع العنيف التي خاضته القوى الوطنية في المنطقة مع الاحزاب التى تؤمن بالدستورية في العمل الوطني..ونتيجة لطرح القوى الوطنية مفاهيم جديدة للقضايا التي يواجهها الشعب في مقاومة الاستعمار دفع هذه القوى للدعوة الى توحيد القوى الوطنية للوقوف صفا واحدا ضد الاستعمار….. وقد جرت محاولات شتى في هذا السبيل في عام٥٦م تكون المؤتمر الوطني وفي ٥٨م تكون المؤتمر الشعبي ‘ وفي عام ٥٩م تكون الاتحاد القومي وفي عام٦٠م تكون التجمع القومي وفي عام٦١م تجمعت الهيئات الوطنية الشعبية’ وفشلت هذه المحاولات..لعدم وجود القناعات في المشاركة الايجابية في جبهة معادية للاستعمار ولا للعمل بجد للتعبير عن ارادة الشعب)..
——————————-
١- د محمد علي الشهاري..قضايا العصر عدد(6)1989 ص٦١-٥٩
يتبع٤