صحيفة الثوري – صحة
كشفت دراسة حديثة عن أن ألياف البيتا غلوكان، المتوفرة بكثرة في الشوفان وبعض حبوب الإفطار الشائعة، يمكن أن تُحفّز نفس الوظائف الأيضية المفيدة التي تستهدفها حقن إنقاص الوزن الشهيرة مثل “أوزمبيك” (Ozempic)، ولكن دون التكلفة الباهظة أو الآثار الجانبية المرتبطة بها.
يأتي هذا الاكتشاف، الذي نشره موقع “نيو أطلس” نقلًا عن دورية Nutrition، ليقدم بصيص أمل في مكافحة السمنة وتحسين الصحة الأيضية بطرق طبيعية.
يُعلق الأستاذ المشارك في “جامعة أريزونا”، فرانك دوكا، على هذه النتائج بالقول: “نعلم أن الألياف مهمة ومفيدة؛ لكن المشكلة تكمن في وجود أنواع عديدة ومختلفة منها. أردنا معرفة نوع الألياف الأكثر فائدة لإنقاص الوزن وتحسين توازن الغلوكوز في الدم، حتى نتمكن من توعية المجتمع والمستهلك”.
لتحقيق ذلك، أجرى الباحثون تحليلًا شاملًا لكيفية تأثير أنواع مختلفة من الألياف (مثل البكتين، بيتا غلوكان، دكسترين القمح، النشا، والسليلوز) على ميكروبات الأمعاء، التي تلعب دورًا حيويًا في عملية الهضم ومعالجة الطعام.
الهدف كان تحديد الألياف الأكثر فعالية في مكافحة السمنة بشكل طبيعي، بعيدًا عن النظرة التقليدية للألياف كـ”وحدة غذائية واحدة”.
مكافحة السمنة:
سرعان ما تركز البحث على ألياف البيتا غلوكان، التي سبق أن أشارت دراسات سابقة إلى دورها في تعديل هرمونات الشهية والشبع، وهما ببتيد YY (PYY) وببتيد شبيه الغلوكاجون-1 (GLP-1).
وقد أكدت دراسة أجرتها “جامعة الزراعة” في فيصل آباد بباكستان العام الماضي أن الشوفان، الغني بالبيتا غلوكان، يؤثر على هذه الهرمونات بطرق مفيدة لإدارة الوزن.
في الدراسة الأخيرة، قُسّمت الفئران إلى خمس مجموعات، وتناولت جميعها أنظمة غذائية عالية الدهون والسكروز (HFD)، مع إضافة 10% من أنواع مختلفة من الألياف لكل مجموعة. على مدار 18 أسبوعًا، تم قياس مؤشرات صحية مثل زيادة الوزن، كتلة الدهون، كتلة الجسم الخالية من الدهون، ومستويات السكر في الدم.
وزن أقل وحساسية أنسولين أفضل
كانت النتائج مذهلة: الفئران التي تناولت نظامًا غذائيًا يحتوي على 10% من البيتا غلوكان شهدت زيادة أقل في الوزن بشكل ملحوظ، على الرغم من تناولها لنظام غذائي غني بالدهون والسكريات. كما امتلكت كتلة دهنية أقل بكثير مع احتفاظ أكبر بالكتلة العضلية، وأظهرت إنفاقًا مستدامًا للطاقة.
الأهم من ذلك، كانت مجموعة البيتا غلوكان هي الوحيدة التي أظهرت تحسنًا في حساسية الأنسولين ومستويات سكر الدم الإيجابية طوال فترة الدراسة.
أشارت التحليلات إلى أن هذه الفئران طورت نوعًا من الميكروبيوتا (بكتيريا الأمعاء) التي هيأتها لجميع هذه النتائج الصحية الإيجابية، حيث غيرت بكتيريا الأمعاء والجزيئات الناتجة عن عملية الهضم.
ويُعتقد أن هذه الجزيئات، المعروفة باسم المستقلبات، هي المفتاح لكيفية تشجيع الألياف على فقدان الوزن. اكتشف الباحثون أن أحد المستقلبات، وهو الزبدات (Butyrate)، هو المحرك لهذا التأثير. الزبدات، وهو حمض دهني قصير السلسلة تنتجه بعض بكتيريا الأمعاء خلال عملية تخمير الألياف، يحفز إطلاق هرمون GLP-1، الذي يلعب دورًا حاسمًا في نقل الشعور بالشبع إلى الدماغ.
في حين أن أدوية السيماغلوتيد، مثل أوزمبيك، تُنشئ هذا التفاعل بين الأمعاء والدماغ صناعيًا وبفعالية أكبر، فإن البيتا غلوكان يوفر مسارًا طبيعيًا يدعم نفس الآلية.
الشوفان مصدر غني بالبيتا غلوكان
بالإضافة إلى تعزيز حرق الدهون البنية وتقليل تراكم “الدهون البيضاء” (المرتبطة بالسمنة)، يُعد الشوفان وكذلك الشعير، من أغنى المصادر بالبيتا غلوكان. يتوفر أيضًا في الأرز والفطر والأعشاب البحرية. يحتوي الشوفان على حوالي 3-5% من هذه الألياف لكل كوب من الحبوب الجافة، والجدير بالذكر أن الطهي (وليس الخبز) لا يقلل من تركيزها.
هذه الدراسة تفتح آفاقًا جديدة لاستغلال الألياف الطبيعية، خاصة البيتا غلوكان الموجود في الشوفان، كأداة فعالة وغير مكلفة لدعم إدارة الوزن وتحسين الصحة الأيضية، مما قد يقلل من الاعتماد على الحلول الدوائية المكلفة.