آخر الأخبار

spot_img

“ورقة نقدية لم تُصرف في حانوت السعادة”

صحيفة الثوري – كتابات

نجدُ الجميع في بقاع الأرض، يرى أن السعادة تكمن في جمع المال وتكنيزه، وأصبح السعي وراء الثراء قانون عالمي لكل إنسان، حيث يقول البعض “لو كنت ثرياً، لكنتُ حقا سعيداً.”

السؤال:

هل حقا السعادة تُجلب من الماديات؟

بيل جتس ، حقق اعظم هدف كان يروم له، وهو أن يصبح أغنى رجل في العالم، “هل حقق هدفه؟”
الإجابة “نعم”

سؤال آخر يطرأ في العقل:

“هل كان بالفعل سعيداً عندما أصبحَ أغنى رجل في العالم؟”

في أزمةِ نفسيةِ قِيل مرَ بها بيل جتس أجبرته على العزالة عن العالم، كان يرى أنه يملك المال، وكل شيء متوفر لديه، فبماله قادراً أن يحقق أي شيء يراود خياله، لكنه، للأسف، لم يستطع تحقيق سعادته، ولم يشعر بالسعادة الحقيقة، ولم يرى أن حياته لها معنى.

فما هي السعادة الحقيقة؟

تكمن أولاً في معرفة الذات، معرفة ماذا يوقد الشغف فيك وما تميل له نفسك، ومن هذه المعرفة، ستدرك ما هي غايتك وهدفك ورسالتك في الحياة، وأن يكون هذا الهدف ذو منفعه للإنسانية.

كيف؟

مثلاً عندما حققَ بيل جتس هدفه أن يصبح أغنى رجل في العالم، كان هدفاً شخصياً لا يمت بأي صلة لمنفعة اي إنسان آخر؛ وشعر حينها بعدمية الحياة، لأن هدفه لم ينفع أي إنسان عداه.

لكنّا نلتمس فيما بعد أن نجدبيل جتس غادر ميكروسوفت واتجه نحو العمل الإنساني وأسسَ أعظم منظمة في العالم، متخصصه في علاج أمراض معينة، من هنا نقتفي أنه قد صار لبيل جتس هدف ينفع الإنسان ولم يعد هدفه شخصي بحت، ومن المؤكد أن بيل جتس حققَ ما كان يبحث عنه روحياً لا مادياً.

لماذا تتجلى السعادة في الإنسانية؟

أنتَ إنسان، وشعوركَ بإنسان آخر سعادة، وتعاطفكَ معه مما يعاني ومما يتكبد ومحاولتكَ إعانته وإخراجه من أي محنة سعادة، تقديم العون لأي شخص تعرفه أو لا تعرفه سعادة، تنويرك أي إنسان ظل طريقه سعادة، إلهامك وإرشادك لأي شخص سعادة، نصرتكَ للمظلوم سعادة، شعوركَ وترابطكَ وقربكَ مع الإنسان بغض النظر عن إنتماءه الجغرافي وعرقه ودينه سعادة، من هنا يكمن المعنى الحقيقي للحياة السعيدة كونها إنسانية.

روتشيلد

يُعرف بأنه كان رجلاً غنياً، وأشتهر بقصره الكبير الذي بناه وصمم فيه خزانه مخفية بحجم حجرة، وكان شيء مؤلوفاُ لديه تناول جميع وجباته جوار ثروته. ذات مرة غاب روتشيلد، وكالعادة، ظنت عائلته بأنه مسافر لأي عمل كونه متعدد السفر لاكثر من مكان؛ لكن روتشيلد لم يسافر بل كان في تلك الخزانه التي يكنز بها أمواله، في حين غفلة، انغلق باب الخزانة من الدخل وكان المفتاح بالخارج، وبقى روتشيلد داخلها ولم يستطع الخروج، وظلّ دون طعام لأيام، لسوء الحظ، مات روتشيلد وهو يتضور جوعاً بجوار ثروته، ولم تنقذه امواله الطائلة وثروته الفاحشة وهو يتكبد سكرات الموت وهو بجوارها! لم يعلم أحدا بموته، إلا عندما تم هدم القصر واكتشفوا الخزانة المخفية، حينها وجدوا بقاياه، ووجدوا جملته المشهورة التي خطها بدمه على جدار الخزانة،” أغنى رجل في العالم يموت جوعاً!”

السعادة ببساطة

هي إنجاز ولو كان بسيطاً، هي سعي وراء المعرفة، هي إستمتاع باللحظات العابرة والتلذذ بالتفاصيل الصغير، هي تواصل وقرب وألفة من تحب وتعشق، هي الرضا بما لديك ومحاولة التطلع لما تريد. ببساطة السعادة ليست شيء مادي يجنى بالحوز على الماديات، إنما شعور معنوي تستشعره بالروح وتخلقه من أشياء بسيطة وليست غالية الثمن.

“لذلك السعادة لا تشترى بأوراق نقدية من حانوت السعادة”

كتب/ فريد شرف