“صحيفة الثوري” – ثقافة:
أحمد حرمل
الشعر بالنسبة للعرب ليس مجرد كلمات موزونة أو فن أدبي فحسب، بل هو هوية حية، وسجل تاريخي، ومرآة تعكس روح الأمة بكل أبعادها الثقافية والنفسية والاجتماعية.
ويمكن ان نقول بان الشعر العربي مثل النخلة جذوره ضاربة في التراب (التاريخ)، وسعفه يتنفس سماء الحداثة، وثماره تُغذي الروح والوجدان. حتى في عصر التكنولوجيا، يظل الشعر صوت العرب الذي لا يُخمد.
فهل الشعر غاية ام وسيلة فإذا كان غاية ما هي وسيلته وإذا كان وسيلة ما هي غايته؟
الشعر يمكن أن يكون غاية في حد ذاته، كما يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق أهداف أخرى، وهذا يعتمد على السياق والنية الكامنة وراء كتابته أو استخدامه.
●إذا قلنا بان الشعر غاية فهذا يعني ان الشعر فنًّا قائمًا بذاته، يُكتب من أجل الجمال الأدبي، والتعبير عن المشاعر، أو كتجربة جمالية خالصة ففي هذه الحالة تكون وسيلته اللغة بمعنى ادق استخدام الكلمات ببراعة لإثارة المشاعر أو الصور الذهنية من خلال الإيقاع والقافية اي توظيف الموسيقى الشعرية لتعزيز التأثير ؛ وتستخدم في الصور البلاغية كالتشبيه والاستعارة لخلق عالم شعري مكثف يعتمد فيه الشاعر على مشاعره ورؤيته كمنطلق للإبداع لتعكس الذاتية والتجربة الشخصية.
● اما إذا قلنا بان الشعر وسيلة فهنا يصبح الشعر أداة لنقل رسالة أو تحقيق هدف خارجي، كالتوعية أو الإصلاح الاجتماعي أو الدعوة السياسية ؛ وفي هذه الحالة تكون غايته الإصلاح الاجتماعي كما في شعر أحمد شوقي أو حافظ إبراهيم الذي ناقش قضايا الأمة ؛ او الدعوة الدينية كالشعر الصوفي عند جلال الدين الرومي أو ابن الفارض او النضال السياسي مثل شعر محمود درويش الذي حوّل القصيدة إلى سلاح مقاومة ؛ او التعليم والتثقيف كما في المنظومات التعليمية (كألفية ابن مالك).
ومن هذا المنطلق نستطع ان نقول ان الشعر غاية عندما يُكتب للفن نفسه، ووسيلته هي الأدوات الجمالية ، وهو وسيلة عندما يوظف لأغراض أخرى، وغايته تكون رسالية أو نفعية.
كثير من الشعراء يجمعون بين البعدين: فالشعر عند المتنبي مثلًا غاية جمالية، لكنه أيضًا وسيلة لتأكيد الذات ونقد السلطة.
قد يقول قائل قبل ان نتحدث عن الشعر الغاية والوسيلة كان الأجدر بنا ان نتحدث عن الشعر ماهيته وما هي عناصره وانواعه؟
وانا اتفق من هذا القول ولذا تجدونا نتحدث في الاسطر التالية عن جوهر الشعر من خلال الاجابة على الاسئلة اعلاه عن ماهية الشعر وعناصره وانواعه .
ماهو الشعر ؟
الشعر هو لغةٌ مكثَّفةٌ مُوحية، تحوِّل المشاعر والأفكار إلى كلماتٍ مُنظَّمة بإيقاعٍ وجمال، لتُحدث في النفس أثرًا يتراوح بين الإمتاع والتأثير.
تعريفات أساسية للشعر
1- لغويًا
الشعر مشتق من الكلمة العربية “شَعَرَ” أي فَطَنَ وأدرك، فكأن الشاعر يُدرك ما لا يدركه الآخرون.
أو من “الشعور” لأنه يعبِّر عن المشاعر الدفينة.
2- اصطلاحًا
كلاسيكيًا
“كلامٌ موزونٌ مُقفّى يدلُّ على معنى” (كما عرَّفه القدماء مثل ابن خلدون).
حديثًا
شكل من أشكال الفن الأدبي يعتمد على الصورة الفنية، الإيقاع(حتى دون قافية)، وتغيير في المعنى او الدلالة للكلمة او العبارة عن اللغة اليومية لخلق تأثير جمالي أو فكري.
الشعر – في النهاية – هبةٌ غامضة، يأتي كالنسيم أحيانًا، ويصعق كالبرق أحيانًا أخرى…
والشاعر هو “صائد تلك اللحظات”، يُمسك بها قبل أن تتبخَّر!
“لا تسألوني كيف أكتب الشعر…
فالورقةُ تُمسك بي، لا أنا أمسكها!” أدونيس.
عناصر الشعر الأساسية
1- الإيقاع
سواء كان عبر الوزن العروضي (كما في الشعر العربي التقليدي) أو عبر الموسيقى الداخلية (كما في الشعر الحر).
2- الصورة الشعرية
وهي استخدام التشبيه، الاستعارة، الرمز… لرسم صور ذهنية حية.
3- الانزياح
خرق قواعد اللغة أو المنطق لخلق دهشة فنية مثل قول “أدونيس” (الموت قصيدةٌ والولادةُ كلمة).
4- المضمون
قد يكون غرضًا تقليديًّا (مدح، هجاء، غزل…) أو فكرة فلسفية/وجودية.
لماذا يُكتب الشعر؟
يكتب كفنٍّ خالص لذة الجمال اللفظي (كما في شعر أبي تمام).
ويمكن ان يكتب كوسيلة تعبير لكشف الذات أو الاحتجاج (كما في شعر نازك الملائكة).
كأداة تغيير كالشعر الثوري (مثل شعر فدوى طوقان).
أشهر أنواع الشعر
الشعر التقليدي وهو شعر عمودي، موزون.
الشعر الحرُّ وهو الشعر الخالٍ من القافية، يعتمد السطر الشعري).
النثري وهذا النوع يخلط بين الشعر والنثر، كما عند محمود درويش .
مقارنة بين الشعر والنثر
الشعر
يعتمد الإيقاع/التكثيف
النثر
أكثر مرونةً وطبيعية
الشعر
يُفضِّل الانزياح اللغوي
النثر
يلتزم بالوضوح
الشعر
يخاطب العاطفة والخيال
النثر
يخاطب العقل غالبًا
عصارة التعريف
الشعر ليس مجرد كلماتٍ مُقفَّاة، بل هو رؤيةٌ تُولد من اللغة، يكون مرآةً للذات وقد يكون سلاحًا ضد الظلم وفي كثير من الحالات يكون لعبةً جمالية.
والشعراءُ (همُ المُلْهَمونَ الذينَ يُترجِمونَ اللامرئيِّ إلى مرئيّ).
أرسطو كثير من الحالات يكون لعبةً جمالية.
والشعراءُ (همُ المُلْهَمونَ الذينَ يُترجِمونَ اللامرئيِّ إلى مرئيّ). أرسطو