صحيفة الثوري – كتابات
ذي يزن الجرادي
في لحظة وداع حزينة، يودّع الوطن واحداً من أنبل رجالاته وأصدق من حملوا البندقية دفاعاً عن الجمهورية، العميد محمد قائد علي الجرادي، الذي ترجل عن صهوة الكفاح يوم الجمعة الموافق 4 أبريل 2025م، بعد أن أفنى أكثر من خمسة عقود في خدمة الوطن، عسكرياً ومناضلاً ومصلحاً اجتماعياً.
ولد الفقيد في قرية الشسن، مديرية السلفية بمحافظة ريمة عام 1957م، وتشرّب منذ نعومة أظفاره مبادئ الثورة اليمنية، فالتحق بالسلك العسكري مبكراً عام 1970م ضمن صفوف لواء الثورة الأول، وهناك بدأ مشواراً نضالياً استثنائياً، جمع بين التفاني والإقدام، لتتفتح أمامه دروب البطولات والمهمات الوطنية الكبرى.
تدرّب الفقيد على مختلف أنواع الأسلحة بكفاءة نادرة، ولاحقته أنظار القيادات منذ اللحظة الأولى، حتى أذهل الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي في إحدى المناورات القتالية، فنال تكريمه بساعة شخصية وترقية استثنائية إلى رتبة ملازم ثاني.
شارك الجرادي في معارك الدفاع عن الوطن خلال الحرب بين شطري اليمن، وتنقل بين جبهات عدة من دمت ومريس إلى صعدة وتعز، مشكلاً حضوراً عسكرياً بارزاً ومؤثراً. وبعد تحقيق الوحدة، أسندت إليه مهام نوعية في اللواء الأول مشاة، ومن ثم في اللواء 23 ميكا، حيث تولى عدة مناصب، أبرزها مدير شؤون الأفراد والضباط، وركن استطلاع، ثم عمليات وأركان حرب كتيبة الرئاسة.
أحد أبرز الضباط المؤسسين للجيش الوطني عقب انقلاب 2014، وكان في مقدمة صفوف المقاومة بالجوف وصرواح، حيث تولى قيادة كتيبة المدفعية في اللواء 81 مشاة، ثم قيادة المعسكر حتى وفاته.
عُرف العميد الجرادي بثقافته السياسية الثورية، وكان أحد رموز الجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وعضواً بارزاً في قوات الشعب الثورية المسلحة، الذراع العسكري للجبهة في شمال الوطن قبل الوحدة. وهو من طينة المناضلين الذين ربطوا بين النضال السياسي والعمل العسكري، وجسدوا في سلوكهم معنى الجندية المبدئية والانتماء الوطني الخالص.
زملاؤه يشهدون له بأنه كان قائداً متواضعاً، صلباً في مواقفه، صادقاً في ولائه للجمهورية، مصلحاً اجتماعياً محبوباً، سبتمبري الهوى، تقدمي الطبع والسلوك.
ورغم تقاعده عام 2010م، إلا أن نداء الواجب أعاده إلى الميدان عند اندلاع الانقلاب الحوثي عام 2014، ليواصل العطاء حتى لحظاته الأخيرة.
سيوارى جثمانه الطاهر الثرى غداً الأحد الموافق 27 أبريل 2025م، في مقبرة الشهداء بمدينة مأرب، بعد الصلاة عليه ومراسم رسمية وشعبية تبدأ من مستشفى الهيئة في تمام الساعة التاسعة صباحاً. كما ستُقام مراسم العزاء في صالة اللواء الأخضر بعد جولة ميلانو.
يتوجه ذوو الفقيد ورفاقه بنداء إلى الجميع للمشاركة في وداعه وتكريمه بما يليق بتضحياته.
الفاتحة لروحه الطاهرة… المجد والخلود للشهداء.