عدن – “صحيفة الثوري”_خاص:
تتواصل في العاصمة المؤقتة عدن أزمة الإضراب التعليمي في المدارس الحكومية، مع دخولها الشهر الخامس، وسط تصاعد الأصوات المحذرة من آثارها الخطيرة على الطلاب، لا سيما في ظل استمرار التعليم في المدارس الأهلية، ما يعمق الفجوة بين فئات المجتمع ويعيد رسم خارطة التعليم على أساس القدرة المادية، لا الحق الدستوري.
نقابة المعلمين ترفض الضغوط
وفي بيان شديد اللهجة صدر اليوم، جددت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين تمسكها بالإضراب، مؤكدة رفضها القاطع لأي محاولات ضغط أو تهديد ضد المعلمين، وذلك عقب توجيه من نائب محافظ عدن، الأمين العام للمجلس المحلي بدر معاون سعيد، دعا فيه المعلمين والإداريين إلى الحضور الإلزامي للمدارس واتخاذ إجراءات ضد المتغيبين.
النقابة اعتبرت في بيانها أن العام الدراسي قد انتهى فعليًا منذ العاشر من أبريل الجاري، ولا توجد أي عملية تعليمية قائمة، مشددة على أن حضور المعلمين في هذا التوقيت لا يخدم أي غرض تربوي فعلي. كما حمّلت السلطة المحلية ومكاتب التربية المسؤولية الكاملة عن أي إجراء تعسفي قد يُتخذ بحق الكوادر التربوية.
المدارس الأهلية تواصل التعليم.. والحكومية متوقفة
ومنذ بدء الإضراب أواخر العام الماضي، توقفت غالبية المدارس الحكومية عن التدريس، ما وضع مئات الآلاف من الطلاب في حالة من الفراغ التعليمي، فيما واصلت المدارس الأهلية تقديم خدماتها بشكل منتظم. هذا الواقع فرض نمطًا تعليميًا مزدوجًا، قائمًا على القدرة المادية، حيث تقتصر استفادة الطلاب من التعليم على أولئك القادرين على تحمل تكاليف المدارس الخاصة، بينما تُركت غالبية الأسر، التي لا تستطيع دفع الرسوم، في مواجهة مستقبل غامض لأبنائها.
معلمون بلا رواتب كافية.. وأعباء معيشية تتفاقم
وتأتي أزمة الإضراب على خلفية مطالب المعلمين بتحسين الأجور والحقوق الوظيفية، حيث تشير التقارير إلى أن رواتب المدرسين لم تعد تغطي حتى 10 أيام من حاجيات الأسرة في ظل الانهيار المتواصل للعملة الوطنية وارتفاع الأسعار. يقول أحد المعلمين في عدن لـ”الثوري”: “لا نستطيع أن نستمر في التعليم بينما أطفالنا لا يجدون ما يأكلونه في منازلنا.”
أهالٍ في مهب الأزمة
في المقابل، عبّر كثير من أولياء الأمور عن قلقهم من ضياع العام الدراسي، لاسيما مع غياب أي حلول فعلية من الجهات الرسمية. يقول المواطن محمد ناصر، ولي أمر لثلاثة طلاب في مدرسة حكومية: “نحن نعيش حالة قهر، لا نقدر نعلّم أولادنا في مدارس خاصة، ولا نعرف مصيرهم في الحكومية. التعليم صار امتيازًا للأغنياء فقط.”
خاتمة: أزمة تتطلب حلولاً جذرية
وفي ظل غياب أي بوادر لحل الأزمة، تتعاظم المخاوف من تأثيرات طويلة المدى على التعليم الحكومي في عدن، الذي كان الملاذ الأخير لأبناء الطبقات الكادحة. أزمة التعليم لم تعد مجرد إضراب، بل تحولت إلى مأزق مجتمعي يمس العدالة والمساواة وحق كل طفل في التعلم، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا ومسؤولًا من السلطات لتفادي كارثة تربوية محققة.