صحيفة الثوري – أخبار
ودّع اليمن، يوم الاثنين الموافق 14 أبريل 2025، قامة عسكرية وطنية بارزة، هو اللواء الركن سعيد محمد عون غانم، أحد أبرز القادة العسكريين الذين ساهموا في تأسيس الجيش الوطني اليمني.
رحل الفقيد عن عمر يناهز التاسعة والسبعين عامًا بعد صراع طويل مع المرض وظروف قاسية، تاركًا إرثًا مهنيًا حافلاً بالتضحية والنزاهة والإخلاص في خدمة الوطن.
وُلد اللواء غانم عام 1946 في قرية الجمجام بمديرية ذبحان، محافظة تعز، وبرز اسمه مبكرًا في سجلات الدفاع عن النظام الجمهوري الوليد، حيث قاد ببراعة فصيل الدبابات خلال معارك أرحب الحاسمة التي أعقبت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة التي أطاحت بحكم الإمام أحمد. وقد اشتهر بمقولته الوطنية العميقة: “لن يحب أحد الوطن ما لم يدرك ماذا يكون الوطن”، والتي تعكس مدى إدراكه لقيمة الانتماء والوطنية.
يُذكر أن اللواء سعيد غانم كان بطلًا لمعركة تاريخية شهدت شجاعته وإصراره، حين أوقف تقدم القوات الملكية ببسالة رغم تعطل دبابته التي حملت اسم الثورة “26 سبتمبر”.
ورفض القائد الراحل تدمير الدبابة كرمز للثورة، وهو ما أكسبه تقديرًا واحترامًا كبيرين من القيادة العربية والمصرية الداعمة للثورة آنذاك، ليُمنح على إثر هذا الموقف البطولي “نجمة الشرف”، أرفع وسام عسكري في جمهورية مصر العربية.
تقلد اللواء الركن سعيد غانم خلال مسيرته العسكرية المديدة العديد من المناصب القيادية الرفيعة التي أثرى من خلالها المؤسسة العسكرية اليمنية بخبرته وحنكته. ومن أبرز هذه المناصب: نائب رئيس الأركان العامة لشؤون التدريب، وقائد معسكر خالد بن الوليد الاستراتيجي، ومدير الكلية الحربية، ومستشار وزير الدفاع.
وقد عُرف الفقيد بإخلاصه المهني النادر، وقدرته الفائقة على إدارة الأزمات بحكمة وروية، ومواقفه الأخلاقية النزيهة التي أكسبته احترام وتقدير كافة القيادات العسكرية والسياسية في شطري اليمن، شماله وجنوبه.
يُعد اللواء سعيد محمد غانم أحد أبرز القادة العسكريين الذين كان لهم دور محوري في تأسيس وتطوير المؤسسة العسكرية اليمنية الحديثة.
وقد ظل طوال حياته المهنية رمزًا للانضباط العسكري والولاء الوطني الصادق حتى لحظة وفاته، محافظًا على مسيرة طويلة تجنب فيها الأضواء والشهرة، وكرّس حياته لخدمة اليمن في أحلك الظروف وأصعب المراحل التي مر بها الوطن.
برحيله، يفقد اليمن قامة وطنية وعسكرية شامخة تركت بصمات لا تُمحى في تاريخ البلاد.