صحيفة الثوري- وول ستريت جورنال:
بدأت حقيقة اندلاع حرب تجارية عالمية تدفع رؤساء الشركات إلى القيام بما حاولوا تجنبه لأشهر: انتقاد سياسات الرئيس دونالد ترامب.
وكان الرؤساء التنفيذيون قد اكتفوا بالتعبير عن إحباطهم بشكل غير علني عبر جماعات الضغط التجارية في الأيام التي تلت إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق الأسبوع الماضي، وبعضهم رتّب على عجل اجتماعات جديدة مع مسؤولي إدارة ترامب لمناقشة قضايا التجارة، لكنهم غالبًا ما تلقوا إجابات غير مُرضية، بحسب ما أفاد به عدد من التنفيذيين ومستشاري الشركات.
وبدأ المزيد من قادة الأعمال بالتعبير علنًا عن قلقهم بعد تراجع الأسواق لثلاثة أيام متتالية، وتحذيرات من كبار المستثمرين في وول ستريت مثل بيل أَكمان وجيمي ديمون.
وقال كين غريفين، الملياردير الذي يدير شركة التحوط Citadel، إن الرسوم الجمركية تُعد “خطأ سياسيًا فادحًا”.
وأضاف غريفين، في فعالية أقيمت يوم الإثنين في جامعة ميامي، وفقًا لتقرير من بلومبيرغ: “من الخطأ أن نقول لعائلة من الطبقة المتوسطة أو تواجه صعوبات اقتصادية: سيتعين عليكم دفع 20% أو 30% أو 40% إضافية على مشتريات البقالة أو محمصة الخبز أو مكنسة كهربائية جديدة أو سيارة جديدة. حتى لو تحقق حلم عودة الوظائف إلى أمريكا، فهو حلم يمتد لعشرين عامًا، وليس عشرين أسبوعًا، ولا حتى عامين. بل عقود”.
وقال بهرام أكرادي، الرئيس التنفيذي لسلسلة الأندية الرياضية الراقية Life Time Group Holdings، في مقابلة يوم الإثنين: “الرسوم الجمركية ليست كلمة جميلة، ولا يمكنك فرض هذا النوع من الجمود والاحتكاك على التجارة العالمية”.
أما فاروق كاثواري، الرئيس التنفيذي لشركة Ethan Allen، التي تصنع 75% من أثاثها في أمريكا الشمالية، فقد دعا بدوره إلى تراجع الرئيس عن الهجوم الجمركي. وقال: “لا عيب في التراجع — فذلك ليس فشلًا”.
وقال راي داليو، مؤسس شركة التحوط Bridgewater Associates، إنه “قلق للغاية” بشأن الجوانب العملية، على الرغم من اتفاقه على وجود مشكلة تتمثل في قلة التصنيع في الولايات المتحدة.
وأضاف في مقابلة مع قناة CNBC يوم الثلاثاء: “أنا أتفق مع وجود المشكلة، لكنني قلق جدًا بشأن الحل”.
وأشار داليو إلى أن خطة ترامب الحالية ستؤدي إلى زيادة تكاليف الشركات وانخفاض عائداتها، وقال: “هذا سيُحدث عرقلة كبيرة في آلية الإنتاج على مستوى العالم”.
ومن المتوقع أن يُطلب من المزيد من الرؤساء التنفيذيين هذا الأسبوع توضيح كيف ستؤثر رسوم ترامب الجمركية على عمليات شركاتهم وعائداتها، بالتزامن مع بدء موسم الأرباح.
ومن المقرر أن يواجه مسؤولو Walmart المستثمرين في يوم للمساهمين يوم الأربعاء، في حين ستعلن شركة دلتا للطيران أرباحها في اليوم نفسه، وستكشف ويلسفارغو عن نتائجها يوم الجمعة، تليها بنوك كبرى أخرى الأسبوع المقبل.
ومن اللافت أن بعض أول من تحدثوا علنًا كانوا من مؤيدي ترامب سابقًا.
فقد دعا بيل أَكمان، مدير صندوق التحوط ومؤسس Pershing Square، إلى تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا للتفاوض مع الدول الأخرى، محذرًا من أن البديل هو “شتاء اقتصادي نووي ذاتي التدمير”.
وكتب أَكمان في منشور على منصة X نهاية الأسبوع: “نحن في طور تدمير الثقة في بلدنا كشريك تجاري، وكوجهة للأعمال، وسوق للاستثمار”.
وكتب رايان كوهين، الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر ألعاب الفيديو GameStop والداعم لترامب، على منصة X الاسبوع الماضي أن الرسوم الجمركية “جعلتني أتحول إلى ديمقراطي”.
ومازح في اليوم التالي، قائلًا: “لا أستطيع الانتظار لهاتفي الآيفون المصنوع في أمريكا بسعر 10,000 دولار”.
وقد بدأت GameStop تشعر بالتأثير بالفعل، حيث أعلنت شركة نينتندو أنها ستعلق إلى أجل غير مسمى الطلبات المسبقة في الولايات المتحدة لجهاز Nintendo Switch 2 بسبب الرسوم الجمركية الجديدة المخطط لها.
وانتقد إيلون ماسك، أحد أبرز مستشاري ترامب، أجندة البيت الأبيض التجارية، ونشر الملياردير مقطع فيديو شهير للاقتصادي ميلتون فريدمان وهو يشيد بالتجارة الحرة من خلال شرح كيف أن صناعة قلم رصاص بسيط تتطلب سلاسل إمداد معقدة.
أما ترامب، فقد تعهد بالتمسك بخطط الرسوم الجمركية، ووصفها هذا الأسبوع على منصته “تروث سوشال” بأنها “أمر جميل يستحق المشاهدة” وأنها ستجلب الرخاء الاقتصادي، وعندما سُئل يوم الإثنين عمّا إذا كانت الرسوم دائمة أو قابلة للتفاوض، أجاب: “يمكن أن يكون كلاهما صحيحًا”.
ويقول جيفري سوننفيلد، أستاذ في كلية ييل للإدارة، إن أحد أسباب تردد قادة الشركات في الحديث علنًا هو خوف الكثير منهم من انتقام إدارة ترامب، فقد استهدفت الإدارة خلال الشهر الماضي عددًا من شركات المحاماة البارزة المرتبطة بخصوم ترامب السياسيين والقانونيين بأوامر تنفيذية عقابية، كما دعت الوكالات الفيدرالية إلى تحديد الشركات والجهات الأخرى لإجراء تحقيقات محتملة في ممارساتها المتعلقة بالتنوع.
وأضاف سوننفيلد أنه منذ الأسبوع الماضي تلقى اتصالات من عدد من الرؤساء التنفيذيين لشركات عامة كبرى أعربوا عن استيائهم، مشيرين إلى أن جماعات الضغط التجارية يجب أن تتخذ موقفًا أقوى ضد الرسوم أو تصدر بيانات جماعية نيابة عن أعضائها من الشركات الكبرى.
وأضاف: “لا يريدون أن يكونوا هدفًا مباشراً بشكل فردي، لأن الأمر سيتحول حينها إلى هجوم شخصي ضدهم”.
وقال أكرادي، الرئيس التنفيذي لشركة Life Time، إنه يأمل في أن تتوصل الحكومة إلى اتفاقيات مع الدول الأخرى لخفض الرسوم الجمركية عالميًا: “إذا تمكنوا من إثبات نجاح ذلك وتحقيق مكاسب بهذه الطريقة، فسيكون ذلك مفيدًا للجميع. أما إذا لم ينجحوا، فأعتقد أن هذه الخطوة الأخيرة ستثبت أنها كارثية بحق”.
وحذّر فاروق كاثواري، الرئيس التنفيذي لشركة Ethan Allen، من أن الرسوم الجمركية قد تُخيف المستهلكين الذين هم بالفعل حذرون، وقال إنه يرحب بالجهود المبذولة لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، لكنه تساءل عن الطريقة التي نُفّذت بها هذه الرسوم.
وأضاف: “التغيير مهم. لقد كان ضروريًا. والسؤال دائمًا هو: كم وبأي سرعة؟ لقد تسارعت الأمور كثيرًا. كان الرئيس بحاجة إلى ان يحدث صدمة للناس، وقد فعل ذلك، لإحداث تغييرات، لأنه من دون صدمة لا تحدث تغييرات. لذا أعتقد أنه سيكون هناك نوع من التوازن لاحقًا”.
أما المديرون التنفيذيون الآخرون، فهم يتخذون نهجًا أكثر تحفظًا حيث قال بروس شامبو، الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر الأثاث Room & Board، إنه تجنّب إلى حد كبير التحدث علنًا عن الرسوم الجمركية لأن هناك العديد من الأمور المجهولة.
وأضاف: “سنرى كيف ستسير الأمور. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الإجراءات ستحقق في النهاية ما تسعى إليه إدارة ترامب بالفعل”.