آخر الأخبار

spot_img

اليمنيون وضحايا الاتجار بالبشر: بين استغلال الحدود ومعاناة النزوح

عدن – صحيفة الثوري – خاص :

في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة في اليمن، تتزايد جرائم الاتجار بالبشر التي تستهدف الفئات الأشد ضعفًا، وعلى رأسهم الأطفال والنساء. تأتي هذه الجرائم كنتيجة مباشرة للحرب المستمرة منذ سنوات، حيث تغذي الفوضى الأمنية والنزوح الجماعي نشاط عصابات التهريب والاتجار بالبشر، مما يجعل اليمنيين عرضة للاستغلال في الداخل والخارج.

ضبط شبكة للاتجار بالأشخاص في السعودية

أعلنت شرطة منطقة مكة المكرمة، يوم الاثنين، عن توقيف خمسة وافدين يمنيين بتهمة انتهاك نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وذلك بعد ضبطهم وهم يستغلون أطفالًا ونساءً يمنيات في أعمال التسول في الأماكن العامة. وأكدت السلطات أن المتهمين أُحيلوا إلى النيابة العامة، وأن الجهات المختصة تتولى تقديم الدعم الإنساني للضحايا.

هذا الإعلان يسلط الضوء مجددًا على معاناة المهاجرين اليمنيين الذين يواجهون شتى أشكال الاستغلال، سواء عند محاولة العبور إلى السعودية أو بعد وصولهم إليها. وبحسب تقارير منظمات دولية، فإن الأطفال الذين يتم تهريبهم عبر الحدود يتعرضون لانتهاكات جسدية ونفسية خطيرة، تشمل الاستغلال الجنسي والضرب والسرقة، بل وأحيانًا يلقون حتفهم أثناء رحلات التهريب الشاقة.

شبكات التهريب: استغلال منظم على وقع الحرب

تشير تقارير حقوقية إلى أن عصابات التهريب تعمل على استغلال الوضع الاقتصادي المتردي في اليمن، حيث يجبر الفقر بعض العائلات على إرسال أطفالها عبر الحدود أملًا في مستقبل أفضل، إلا أن هؤلاء الصغار ينتهون ضحايا للاستغلال بأشكاله المختلفة.

في هذا السياق، كشفت المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر أن عمليات تهريب الأطفال إلى السعودية أصبحت تجارة مربحة لعصابات منظمة، بعضها له ارتباطات بمليشيات مسلحة تستفيد من العائدات المالية لهذه العمليات، بينما يستخدم بعضها الآخر التهريب كأداة لإرباك الأمن السعودي، خاصة في المناطق الحدودية بمحافظتي صعدة وحجة.

وبحسب شهادات أطفال أنقذتهم السلطات السعودية، فإن بعض المهربين يعملون تحت غطاء جماعات مسلحة، ويفرضون مبالغ تتراوح بين 2000 و4000 ريال سعودي مقابل تهريب الشخص الواحد، مع وعد بإيصالهم إلى مدن داخل المملكة للعمل أو التسول. إلا أن الواقع غالبًا ما يكون أكثر وحشية، حيث يتم بيع الضحايا لشبكات أخرى تستغلهم في أنشطة غير قانونية.

جماعة الحوثي ودورها في الاتجار بالبشر

وسط تصاعد ظاهرة التهريب والاتجار بالبشر، تشير تقارير أمنية وحقوقية إلى تورط جماعة الحوثي في استغلال هذه الأزمة لصالحها، سواء عبر فرض إتاوات على شبكات التهريب، أو عبر إدارة عمليات تهريب الأطفال والنساء إلى خارج اليمن. وبحسب شهادات ضحايا وتقارير منظمات محلية ودولية، فإن الجماعة تستخدم بعض الأطفال المهربين في عمليات تجنيد قسرية ضمن صفوفها، بينما يتم استغلال آخرين لجمع الأموال من خلال التسول أو الأعمال الشاقة.

كما وثّقت جهات حقوقية استخدام الحوثيين لملف التهريب كوسيلة للضغط السياسي، حيث يُسمح بمرور بعض المهربين مقابل مبالغ مالية، فيما يتم اعتقال آخرين واستخدامهم في صفقات تبادل الأسرى. هذا الدور المزدوج يعكس مدى تعقيد المشهد، حيث تتحول معاناة اليمنيين إلى ورقة مساومة تخدم أجندات الحرب المستمرة.

الأزمة الاقتصادية تدفع الأطفال إلى التجنيد والاستغلال

لا يقتصر استغلال الأطفال على التهريب والتسول، بل يشمل تجنيدهم في جبهات القتال، حيث تشير تقارير أممية إلى أن مئات الأطفال جُندوا خلال العامين الماضيين من قِبل الأطراف المتصارعة في اليمن، ليُدفع بهم إلى ساحات المعارك دون اكتراث بحياتهم أو مستقبلهم.

ما الحل؟

مع تصاعد هذه الظاهرة، يبرز التساؤل حول ما يمكن فعله للحد من انتشارها. يرى خبراء حقوق الإنسان أن الحل يبدأ بتحسين الظروف الاقتصادية داخل اليمن، وإيجاد بدائل قانونية للهجرة، إلى جانب تشديد المراقبة الأمنية على الحدود، وملاحقة الشبكات المتورطة في التهريب والاتجار بالبشر.

لكن، في ظل غياب الحكومة الشرعية  الفاعلة والانهيار المستمر في الخدمات، تبقى هذه الإجراءات مجرد أمل بعيد المنال، فيما يواصل آلاف الأطفال والنساء رحلة التيه بحثًا عن حياة أقل قسوة، ليجدوا أنفسهم في قبضة عصابات لا تعرف الرحمة.