صنعاء ـ صحيفة الثوري
أقامت منظمة الشهيد “جار الله عمر” برعاية الأمانة العامة، اليوم الخميس، فعاليةً حافلة ومتنوعة تحت عنوان: “أبجدية الثورة التي لا تموت” بذكرى أربعينية عضو المكتب السياسي الدكتور سلطان الصريمي في مقر الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني في أمانة العاصمة صنعاء.
وافتتحت الفعالية أولى فقراتها بالنشيد الوطني ونشيد الحزب رفع خلالها المئات من كوادر الحزب والمثقفين والمهتمين وعددًا كبيرًا من الشخصيات الأكاديمية والسياسية والاجتماعية العلم الوطني وصورًا مختلفة للفقيد.
وخلال الفعالية قال الأستاذ يحيى منصور أبو اصبع، رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، خلال كلمة القاها “رحل عنا جسدًا فإنه باق حيا في ذاكرتنا الوطنية الجمعية فعاش منذ وقت مبكر حياة مليئة بالتحديات بالأحداث والتحديات التي شكلت رؤيته لوطنه وللعالم”.
وأضاف: بدأ الفقيد الصريمي يساريًا قوميًا في إطار حزب البعث ثم تحول مع حزبه إلى اليسار الماركسي حتى انتهى به مشواره النضالي إلى أعلى هيئة قيادية في الحزب الاشتراكي اليمني.
ولفت أبو اصبع: في كل مراحل حياته كان الشعر أهم أدواته النضالية، حيث لم يكن شعره مجرد كلمات جميلة نرددها بل كان رسالة سياسية واجتماعية تعكس الم وآمال شعبه.
وذكر: لقد كان سلطان الصريمي صوتا لمن لا صوت لهم حيث كرس قلمه “ومِخيالهُ” الشعري أدة للنضال وعبر عن قضايا وطنه ومعاناة شعبه كأصدق ما يكون التعبير، وفي جل قصائده كاد الشعر أن يكون سلاحًا وكادت الكلمة الحرة أن تغير الواقع وفي مسيرة الأدبية كتبت سلطان الصريمي قصائد خالدة تناولت مواضيع الحب والوطن والحرية وعبرت عن الآلام والفقد وكان شعره مليانًا بالشغف والعاطفة ليقرأه الناس في كل زوايا الوطن (في الجبال والسهول والوديان) وفي كل أحياء وشوارع المدن.
وأكد: لقد مر الصريمي بتجربة حياته لم تكن سهلة أبدًا فقد عانى من حياة الفقر صغيرًا لكنه كان كبيرًا في نفسه وفي إرادته كما عانى من الظلم والقمع يافعًا لكنه ظل شامخًا متطلعًا إلى حياة كريمة له ولغيره وفي كل محطات حياته الصعبة لم يستسلم ولم يضعف بل كان نموذجًا للمود والثبات وقدة لكل من يؤمن بالتغيير.
وأختتم: حين يموت رمز من رموز النضال الوطني فعلينا أن نستشعر أهمية إحياء القيم التي ناضل من أجلها وألا نمر على ذكره مرور الأسى والبكاء فمهما كان الفقد عظيمًا فالرجال لا يفقدون إلا بنسيان القضايا التي ناضلوا من أجل انتصارها.
كما القى الأستاذ قادري أحمد حيدر كلمة نيابةً عن أسرة الفقيد: “كان سلطان الصريمي في حضوره، ينظر إلى نفسه، يبحث عن نواقصه في داخله، وذلكم هو سر قوته وتقدمه في الكلام وفي الشعر وفي الحياة، وكان يبحث في الآخرين عن نفسه ليكتمل بهم، لأنه أدرك بروحية الحلاج الثائر”.
وأضاف حيدر: “رحل مكتملًا بمحبة الناس من حوله مجسدًا ملحمة سرديته في الشعر، وفي الحب، بعد أن جعل من الوفاء أحد عناوين اسمه وخصيصة هويته الذاتية، ولذلك كنت وما أزال، أفاخر وأباهي بالقول ذلكم هو صديق عمري، السلطان ابن السلطان، الذي نلتقي اليوم لنحتفي بمعنى أسمه تكريمًا لذكرى وفكرة لا تموت”.
وأوضح: “لقد اعتمد ابن الصريمي/ السلطان، نظرة حياتية إنسانية واقعية، وليس أيديولوجية/حزبية، طبقية لمعنى السلام في الوطن ولمفهومه الحي لمعنى الصداقة، لأنه حدد مسبقاً، أنه بدون الآخر في الوطن وفي الإنسانية، لن يكون سوى أقل من واحد، غير قابل للصرف في مبادرة ومعادلة المواطنة المتساوية التي حلم بها”.
وتابع: “عاش ابن الصريمي حياته كريمًا طاهرًا معطاءً، ومحبًا لكل الناس من حوله. فعاش محافظًا على أسمه خالدًا في ذاكرة الصداقة، وفي دفتر التاريخ كأجمل ما تكون الذكرى والفكرة”.
من جهته، أعتبر الأستاذ والمفكر عبد الباري طاهر، أن المناضل الكبير سلطان الصريمي بدأ “بزغ نجمه في سبعينيات القرن الماضي” وفي مطلع السبعينيات في مدينة الحديدة شكل ثنائيًا مع الفنان الكبير عبد الباسط عبسي وكانت “وعمتي” أول أغنية لسلطان غناها عبد الباسط عبسي.
وقال طاهر: كان الصريمي إنسان بسيط لصيق بحياة البسطاء من الناس يحب ويحب شق طريقه في الحياة كواحد من أبناء ريف تعز الفلاحين.
وأشار: رحل في الصبا مع أبيه المزارع إلى جيبوتي عاد منها إلى عدن التحق في فجر سبتمبر بكتائب الحرس الوطني، عملنا منتصف ستينيات القرن الماضي في فرع الشركة اليمنية للتجارة الخارجية في تعز وانتقلنا معا للعمل في فرع الحديدة، وكان في طليعة التأسيس لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وحضر مؤتمره العام الأول عام 1974.
وأكد: ارتبط الفقيد بحياة البسطاء وقربه من معاناتهم وتلمس الهموم وبنبض القلوب وعبرت مسيرته الغنائية الشعبية التي انتشرت في طول اليمن وعرضها غناها كبار الفنانين محمد مرشد ناجي وأيوب طارش وأحمد فتحي وعبذ الباسط عبسي وجابر علي أحمد وكثيرون.
وتابع: كان الصريمي حضوره في عمله السياسي كبير وواسع أيضًا فقد رأس تحرير صحيفة الثوري فهو عضو في اللجنة المركزية والمكتب السياسي وأسس مركز الكناري ومجلة دورب، كما انتخب عضو في مجلس النواب في انتخابات 1993، وعمل مستشارًا لوزير الإعلام وملحقًا ثقافيا في السفارة اليمنية بالقاهرة.
وعلى صعيد متصل، أكد القائم بأعمال سكرتير أول، رئيس الدائرة التنظيمية لمنظمة الشهيد جار الله عمر الأستاذ محمد غالب الخليفي، أن الشاعر سلطان الصريمي عبر بشعره تفاصيل حياة لشعبه بكلمات صادقة واضحة المعاني والأبعاد وأبرز آمال الشعب المتطلع لحياة كريمة.
وأشار: لم كن سلطان الصريمي شاعرًا فقط بل كان مناضلًا صلبًا ومثقفًا حفيصًا واسع المعرفة ولم يضعف يومًا في مسيرته النضالية، فظل بسيطًا ودودًا في علاقاته الاجتماعية والحزبية والسياسية. لا تعرف نفسه الخصومة مع أحد.
في السياق ذاته، تحدث رئيس اللجنة التحضيرية لاتحاد الشباب الاشتراكي في أمانة العاصمة، جبريل النقيب، أن سلطان الصريمي لم يغب، ولم يرحل، ولم ينطفئ فصوته ظل منحازًا للفقراء وللثائرين والمكافحين والمغتربين وللمهمشين والوطن حتى وفاته.
ورأى النقيب أن الصريمي “لم يكن مجرد شاعر يكتب قصائده من برجٍ عاجي، بل كان صدىً للفلاح الذي يحرث الأرض بيديه، للعامل الذي يكدح تحت أشعة الشمس، للمنفي الذي تقسو عليه المنافي، وللشباب الذين حلموا بالحرية يوم خرجوا إلى الساحات يهتفون بحياةٍ لا تقبل الذل والخنوع”.
وأوضح: “نحيي اليوم أربعينية سلطان الصريمي، ومعها الذكرى الرابعة عشرة لثورة 11 فبراير، الثورة التي لم تكن إلا امتدادًا لنضالات شعبنا منذ ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، والتي جاءت لتكمل مسيرة طويلة من النضال الوطني في وجه الاستبداد والاستغلال والاستعمار”.
وفي تصريح خاص لصحيفة الثوري وصف سكرتير الدائرة العامة لمنطمة الشهيد جار الله عمر، الأستاذ وصفي طاهر، الشاعر الراحل سلطان الصريمي بأنه وطني وقومي قبل كل شيء، مشيرا بأنه استطاع بشعره أن ينقل القضية الاجتماعية اليمنية إلى العالم ويبين إنسانيتها وعدالتها.
كما اعتبر أن الصريمي أضاف للشعر اليمني نقلات كبيرة وغير في شكل القصيدة ونقلها إلى مراحل لم تبلغها.
وتناولت الفعالية توزيع كُتايبًا تضمن بيانات النعي والمقالات السياسية والسيرة الذاتية للفقيد.
واختتمت بإلقاء شعرى قدمتها الرفيقة آزال الصباري حملت عنوان: “الجندي نشوان” والتي تعني: الحال الذي وصل إليه الوطن في الوضع الراهن وأصبح البندق يصوبه السياسيون حيثما أرادوا”.