“صحيفة الثوري” – «خاص»:
تقرير: جابر صالح البدوي
أطلقت الأمم المتحدة خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 في اليمن، بهدف جمع 2.47 مليار دولار أمريكي .وسط أجواء متشائمة تتوقع فشلا جديدا لمؤتمر المانحين المزمعالدعوة لانعقاده في وقت لاحق.مع مخاوف من أن تصبح أكبر أزمة إنسانية في العالم قضية منسية.
وحذرت منظمةالأمم المتحدة الأربعاء الماضي من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن وإن ما لا يقل عن 19.5 مليون شخص سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية وحماية هذا العام.أي بزيادة قدرها 3’1 مليون شخص عن عام 2024م.
ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه لتحقيق أهداف خطة الاستجابة الجديدة وتخفيف معاناة الملايين في اليمن.
وقالت جويس مسويا، نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أمام مجلس الأمن الدولي إن “الشعب اليمني ما زال يواجه أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين”.و بحسب تقديرات النداء الإنساني لعام 2025 فإن “ الأزمة تتفاقم “.
وأكدت أن “نحو نصف سكان البلاد،” أي أكثر من 17 مليون يمني، “لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية”، معربة عن قلقها بشأن “الأكثر تهميشا من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 ملايين شخص”.
وذكر بيان الخطة الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إلى أن الصراع المستمر على مدار عقد من الزمن أدى إلى أزمة إنسانية هي الأكبر في العالم،.
وأكد البيان أن “العاملين في المجال الإنساني يهدفون إلى تقديم المساعدة المنقذة للحياة إلى 10.5 ملايين شخص باليمن”.
ويشهد اليمن نزاعاً مسلحًا على السلطة منذ 2014، عندما قاد الحوثيون تمردًا مسلحًا، بدعم من حليفهم السابق، علي عبد الله صالح، انتهى بسيطرتهم على مدن الشمال بينها العاصمة صنعاء.وفي العام التالي، تدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري، في الحرب لدعم الحكومة، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى.
وكان المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) لفت سابقاً إلى أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025، ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي وكذلك الاقتصادي.
ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام الجاري، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المئة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.
ويحتل اليمن المرتبة الثانية عالمياً من حيث عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والمرتبة الثانية من حيث عدد الأشخاص غير القادرين على الوصول إلى الخدمات الصحية، والمرتبة الثالثة من حيث عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.وأكثر من 1.3 مليون يمني تعرضوا لأضرار بسبب فيضانات العام الماضي وفق التقديرات الأممية.
ويعاني اليمنيون جملة من الازمات الطارئة المتداخلة التي تضرب البلاد من الصراع العنيف والانهيار الاقتصادي الى الكوارث الطبيعية المتكررة والاضطراب الحاد في الخدمات العامة. و 80% من السكان. يعانون من اجل الوصول الى الغذاء، ومياه الشرب الآمنة والخدمات الصحية.
كما ذكرت منظمة الصحة العالمية، من جهتها، أن اليمن سجل 35 في المائة من حالات الكوليرا عالمياً، و18 في المائة من الوفيات المبلغ عنها بسبب الوباء على مستوى العالم.
فشل
تأتي هذه الدعوة وسط أوضاع اقتصادية صعبة تواجه الحكومة اليمنية، بالتزامن مع تراجع ثقة المانحين بأدائها، وبأداء الوكالات العاملة معها، حيث فشلت مؤتمرات المانحين خلال الأعوام السابقة في الحصول على المبالغ الطلوبة لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، والتي كان آخرها مؤتمر المانحين الذي استضافته العاصمة النرويجية بروكسل في الـ7 من مايو 2024م لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن والمقدرة بـ 2.7 مليار دولار.
وأكد المجلس النرويجي للاجئين- يومها- فشل اجتماع رسمي رفيع المستوى للدول المانحة، وموضحاً أن الاجتماع أسفر عن تعهدات تزيد قليلاً عن 735 مليون دولار للاستجابة الإنسانية للبلاد، وهو ما لا يصل إلى ربع المبلغ المطلوب في اليمن لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
مناشدات
من جهتها أكدت الحكومة اليمنية على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة.
ودعا ممثل اليمن لدى الأمم المتحدةً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.
وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السفير عبدالله السعدي حذر المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.
أعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق
تقييم
وكانت الحكومة السويدية قرّرت العام الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.
واتهمت منظمة، هيومن رايتس ووتش الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.
ويرى جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن المبالغ التي يمكن أن توفرها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، لن تكفي لرفع المعاناة عن ملايين اليمنيين الذين يعيشون أوضاعاً معقدة، وذلك بسبب عدم تغير آلية العمل الإغاثي السابقة، التي لم تكن ذات جدوى، ولم تحقق أي تغيير في واقع المعاناة التي عاشها هؤلاء منذ بدء الحرب.
ونقلت صحيفة ـ«الشرق الأوسط» عن بلفقيه قوله : «ما زالت المنظمات والوكالات الأممية تعمل وتدير أنشطتها من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وبنسبة تفوق 85 في المائة، في حين تعمل في مناطق سيطرة الحكومة في ظل نقص واضح في المعلومات والبيانات، ودون مرور الأموال التي تقدمها للمساعدة عبر البنك المركزي، ما يحدّ من إمكانية أن تسهم في تحسين الاقتصاد اليمني، والأوضاع المعيشية لكل السكان»
وطالب المسؤول الإغاثي اليمني بتعديل وتغيير طرق ووسائل أنشطة الإغاثة في اليمن لتلبية احتياجات السكان والمتضررين من الأزمة الإنسانية، مشيراً إلى التناقض الكبير بين الأرقام والبيانات الأممية التي تكشف عن كم هائل من الاحتياجات الإنسانية، وما يجري تقديمه من مبالغ لا تفي بأغراض الإغاثة، وتوفير الأمن الغذائي والصحي، إلى جانب عدم جدوى كيفية توزيع وإيصال تلك المساعدات إلى المستحقين.
النساء أولا
وتُعد النساء والفتيات من أشد الفئات تضرراً بالأزمة، فحوالي 80% من 4.5 مليون نازح في اليمن هم من النساء والأطفال. وتمثل الأسر التي تعيلها نساء حالياً 26 % من اجمالي العائلات النازحة.
ويستمر تجذر السلوكيات الاجتماعية التمييزية ضد النساء مما يحد من انخراطهن اقتصادياً واجتماعياً وهو ما يضاعف عدم المساواة الموجودة ويعيق وصول النساء الى الخدمات الاساسية.
فعلى سبيل المثال شهدت المحافظات الشمالية في العام 2022فرض متطلب المحرم للنساء بمن فيهن العاملات في المجال الإنساني.
ونص المطلب على عدم سفر المرأة دون مرافق “ذكر” من عائلتهامما قوض من قدرة المجتمع الإنساني على إيصال المساعدات المنقذة للحياة وخاصة للنساء والفتيات، كما فاقم انعدام الامن الغذائي لدى النساء وحد من وصولهن الى خدمات الحماية والرعاية الصحية مخلفاً تداعيات على صحتهن النفسية والجسدية. ويشكل الوصول للخدمات الأساسية وحرية الحركة تحدياً أكبر بالنسبة للنساء والفتيات اللاتي يفتقرن لوثائق اثبات الهوية القانونية وذلك بسبب القوانين والإجراءات التمييزية.