آخر الأخبار

spot_img

علاقتي بالدكتور سلطان الصريمي: قائد، ملهِم، وأب روحي

(صحيفة الثوري) – كتابات :

منير أحمد السقاف

العلاقة بين الأشخاص ليست مجرد لقاءات، بل هي تداخل للأفكار والقيم والتأثيرات التي تشكل ملامح حياتنا.

بالنسبة لي، لم يكن الدكتور سلطان الصريمي مجرد شخصية عامة أو مناضل ثقافي؛ بل كان رمزًا للأمل والقدوة والإنسانية.

تعرفت على الدكتور سلطان الصريمي في منتصف عام 1992م، حينما عاد إلى القرية لحشد الناس للتسجيل في كشوفات الناخبين للمشاركة في أول انتخابات برلمانية عام 1993م. كان عمري آنذاك لا يؤهلني للمشاركة في الانتخابات، إذ لم يكن يتجاوز 16 عامًا، لكنني شاركت بفعالية مع رفاقنا في المركز الانتخابي. ما زلت أذكر الكثيرين ممن قادوا الحملة الانتخابية في المركز (أ)، ومنهم وليد علي محمد، منيف أحمد غانم، نصر سعيد غانم، والعديد من الشباب الذين كانوا يكبرونني سنًا.

في تلك الأيام، تعرفت على مرشح الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور سلطان الصريمي. كان حلمي أن أجلس معه، وأستمع إليه، وأتحدث معه. كان لقائي الأول بالدكتور سلطان الصريمي حدثًا لن أنساه، حيث كان مليئًا بالنقاش العميق والابتسامات التي تُشعر من حوله بالطمأنينة. اكتشفت سريعًا أن خلف تلك الشخصية العامة إنسانًا يحمل هموم الوطن ويسعى لتحقيق العدالة.

منذ اللحظة الأولى، أدركت أنني أمام شخصية لا تتكرر، لحكمته وأفكاره التي شكلت بالنسبة لي نقطة تحول. فقد كان يتحدث دائمًا عن أهمية الحرية والكرامة والأدب والثقافة والالتزام القيمي، وكان يشجعني على التفكير النقدي والعمل لأجل التغيير الإيجابي.

استمر لقاؤنا يتكرر منذ أن كان مستأجرًا في صنعاء بشارع الرقاص، حيث كنا نلتقي أسبوعيًا في منزله {بمنتدى كناري}. وترسخت علاقتي به، وكنا رفقاء السفر في أكثر من محافظة ودولة، مما جعل الدكتور سلطان الصريمي صديقًا قريبًا ورفيقًا وقائدًا ملهمًا لي.

تعلمت منه أن القيم ليست مجرد كلمات، بل أفعال نعيش بها ونموت لأجلها. كان يؤمن بالعمل الجماعي، وبأن المثقف هو أداة تغيير حقيقية. ودائمًا ما كان يقول لي: “لا تتخلَّ عن الحلم، مهما بدت الظروف صعبة.”

تشاركنا العديد من النقاشات حول القضايا الوطنية والثقافية. كان دائمًا حاضرًا لدعم أفكاري، ولم يبخل يومًا بتقديم نصيحة أو إبداء رأي. جعلتني تلك اللحظات أشعر أنني جزء من شيء أكبر، لرؤية كان هو قائدها.

برحيل الدكتور سلطان الصريمي، خسرت شخصيًا أستاذًا وصديقًا ورفيقًا وقائدًا، وخسر الوطن قائدًا وملهمًا. لكنني أعده بأنني سأظل وفيًا للدروس والقيم التي غرسها فيَّ، وسأعمل جاهدًا لنقلها للأجيال القادمة.

“العظماء يرحلون بأجسادهم، لكن أرواحهم تبقى خالدة فينا.”