آخر الأخبار

spot_img

على طريق الشعب والعراق كذلك.. سوريا وجبهة التصدي المطلوبة!

(صحيفة الثوري ) – طريق الشعب :

تشهد سوريا – البلد المنهك بالأزمات – تطورات تتكشف خطورتها عند ربطها بالأوضاع الاستثنائية التي تعيشها المنطقة. فقد شنت جماعات مسلحة إرهابية هجومًا مفاجئًا في شمال غربي البلاد، وسيطرت على مدينة حلب بالكامل وامتدت إلى مدن أخرى.

وأثار الهجوم المباغت، من ناحية قوته وتوقيته، أسئلة حول محركاته ودوافعه، وحول ارتباطه بالأوضاع التي تمر بها المنطقة، لا سيما مع وقف العدوان الصهيوني على لبنان، وفشل المساعي التركية لإيجاد تسوية تصب في مصلحتها مع سوريا.

ومعروف أن العديد من الفصائل المسلحة مرتبطة بتركيا، التي لا تخفي دعمها ورعايتها لها، ومن ناحية أخرى تتضح بصمات نفوذ الكيان الصهيوني وداعمته الولايات المتحدة الأمريكية في تحركات وتوقيتات تلك الجماعات، خاصة الإرهابية منها.

بالنظر إلى هذه الأوضاع والتداعيات المترتبة عليها، لا يمكن إلا الارتياب في الهجمات المسلحة التي تشنها الجماعات ذات القيادات الإرهابية المعروفة، ووضعها في سياق التحركات ذات النزعات الاستعمارية والإمبريالية، التي تريد فرض واقع جديد بملامح مشروع ما يسمى “الشرق الأوسط الجديد”.

إن ما يحصل لا يعفي كل أطراف الصراع في سوريا من مسؤولية الأزمة وتعقيداتها، بما فيها الطرف السوري الرسمي، خاصة بعدم ولوج المسار الديمقراطي الذي تضمنه اتفاق “أستانا” – العاصمة الكازاخية – وهو الاتفاق الذي رعته كل من روسيا وإيران وتركيا، وجمع الحكومة السورية والمعارضين لها على مشروع لحل الأزمة، يتمثل في صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، وممارسة الحكم بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة، وصولًا إلى تحقيق السلام والاستقرار وتوفير الحياة الكريمة للشعب السوري الذي عانى كثيرًا ولا يزال.

إن قدرة سوريا وبلدان المنطقة الأخرى على مواجهة المخططات الاستعمارية والتدخلات الخارجية في شؤونها ومخاطر الجماعات الإرهابية والمتطرفة، يجب ألا ترتكز على عامل الردع العسكري والدعم الخارجي فقط. فهذا الخيار وحده لن يحسم الصراع، وقد عجز عن حسم أي من القضايا والنزاعات الكبرى التي عصفت بالمنطقة طوال السنوات الماضية.

وفي رأينا أن الأمر الحاسم في المواجهة هو الاستناد إلى جبهة داخلية وطنية واسعة وقوية، قادرة على إشراك وتمثيل أوسع قطاعات الشعب، والتعبير عن آماله وتطلعاته. وهذا يتحقق عبر تعزيز الطابع الوطني لمؤسسات الدولة، وتأمين المشاركة السياسية الواسعة، وتعزيز روح المواطنة عبر منح الحقوق والحريات.

وإذ يتفجر الصراع المسلح اليوم مجددًا في سوريا، وتتواصل حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على غزة، وتقترب الحرب في أوكرانيا من دخول عامها الثالث، تتعزز القناعة بأن الحروب لا تأتي إلا بالدمار ولا تجلب للشعوب إلا الأهوال ولا تحرز نتائج حاسمة، وأنه لا بديل عن الحلول السياسية للوصول إلى الأمن والسلام والاستقرار المستدام.

وإذا كانت سوريا في أمسّ الحاجة إلى خلق أوضاع مقاومة صلبة مستندة إلى وحدة الشعب، لمواجهة مشاريع تمزيق وحدتها ومصادرة سيادتها، فإن بلدنا العراق هو الآخر بحاجة ماسة إلى تعزيز وحدة الصف الوطني فيه، ووعي العراقيين بالمخططات التدميرية والمخاطر الداهمة.

وهذا الأمر يتطلب التوقف عند إخفاقات منظومة الحكم المستندة إلى المحاصصة المقيتة للتخلص منها، والشروع في تبني مسار سياسي جديد يفضي إلى تغيير منهجية إدارة البلد، بما يعزز مكانة الدولة العراقية ومؤسساتها ودستورها، ويتصدى لكل ما يمس سيادتها وحقوق ومصالح شعبها.

ولا بد أيضًا، وقبل هذا وذاك، من التخلي عن كل ما من شأنه تمزيق النسيج الوطني، وتشظية المجتمع، وتغذية النزعات الطائفية، والكف عن تعكير الأجواء وإشغال الرأي العام عبر مساعي فرض قوانين جدلية غير مبررة، والإمعان في صراعات لا مبدئية على المواقع والنفوذ والثروة، وهو ما تجلى بشكل صارخ في جلسات البرلمان الأخيرة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب”

*المركز الإعلامي للحزب الشيوعي