(عدن) – “صحيفة الثوري”-خاص:
كتب: محمد محمد العزيزي*
توقفت رواتب موظفي الدولة اليمنية البالغ عددهم ما يقارب مليون ومائتين موظف وموظفة منهم ثمانمائة ألف في مناطق المليشيات الحوثية في أيلول/سبتمبر 2016م مما دفع بالألاف من هؤلاء الموظفين النزوح من مناطق جماعة الحوثي إلى المناطق المحررة الواقعة تحت إدارة وسلطة الحكومة الشرعية خصوصاًً العاصمة المؤقتة عدن ولا توجد إحصائية دقيقة للعدد الاجمالي من الموظفين النازحين. لكن نستطيع القول أن عدد من سلموا وثائقهم من أجل الحصول على مرتباتهم إلى الجهات المختصة بالحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن ومكاتبها بالمحافظات المحررة يقدر بتسعون ألف موظف وموظفة. على وعد من الحكومة الشرعية بإعادة صرف رواتبهم حيث تم صرف رواتب ما يقارب ثلاثون ألف موظف وموظفة حتى اليوم من إجمالي عدد الموظفين النازحين الذين تقدموا بملفاتهم. ومازال النزوح للموظفين مستمر خصوصاً مع توسع المضايقات الحوثية لهم في مناطقهم وإستمرار الانقطاع للراتب، بل والزج ببعضهم إلى السجون أو جبهات القتال عند مطالبتهم بالراتب ..
واقع حال مؤلم ومعاناة مستمرة يقابله تجاهل وخذلان حكومي
يعاني الموظفون النازحون من محافظات ومناطق سيطرة عصابة الإجرام الكهنوتية الحوثية المدعومة إيرانيا إلى محافظات ومناطق الحكومة الشرعية هروباً من نار هذه العصابة والجوع القاتل التي تسببت به؛ لكن منذ عام 2017م والموظفين النازحين يتعرضون بإستمرار للعديد من التعسفات والإبتزازات من قبل وزارتي الخدمة المدنية والمالية في الحكومة الشرعية، كان آخرها تشديد إجراءات إصدار كشوفات مرتبات الأشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر 2024م للموظفين النازحين والمناطق المحررة التابعين للسلطات المحلية من قبل وزارة الخدمة المدنية مختلقة شروط للصرف في مخالفة صريحة لقانون السلطة المحلية وتدخل سافر في صلاحياتها ليلحق هؤلاء الموظفين بإخوانهم الموظفين في دواوين الوزارات والهيئات الحكومية الذين يتعرضون للتعسف بمصادرة وإيقاف مرتباتهم أو رضوخهم للإبتزاز من ممثلي وزارتي المالية والخدمة المدنية منذ عامين.
مع العلم أن معظم الموظفين النازحين عادوا من عدن وعواصم المحافظات إلى مناطقهم الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية خصوصاً إلى الأرياف نتيجة غلاء المعيشة وعدم تمكينهم من أعمالهم في جهات أعمالهم وصرف مرتباتهم وكافة حقوقهم المكتسبة والمستحقة بقوة القانون والدستور من زيادات معيشية وعلاوات سنوية وتسويات وظيفية وبدل إنتقال وبدل سكن.
حقوق مستحقة ومطالب مشروعة عاجلة مطروحة على طاولة حكومة الشرعية
- يطالب الموظفين النازحين وعبر مكونهم “ملتقى الموظفين النازحين” في العاصمة المؤقتة عدن بعدة حقوق مستحقة ومكتسبة، ومطالب مشروعة وقانونية عاجلة مطروحة على طاولة حكومة الشرعية (مجلس القيادة الرئاسي، ومجلس الوزراء) تتمثل في الآتي:
- التوجيه بصرف مرتبات الموظفين النازحين جميعاً شهرياً ودون قيد أو شرط، والعمل على تمكينهم من العمل في جهات أعمالهم بالمحافظات النازحين إليها، وصرف حقوقهم من زيادات معيشية وعلاوات سنوية وتسويات وظيفية وبدل إنتقال وبدل سكن وحافز شهري لمواجهة متطلبات الحياة الصعبة.
- العمل على صرف 30% غلاء المعيشة التي صرفت لكافة موظفي الدولة وتم إستثناء الموظفين النازحين والمناطق المحررة منها منذ سبتمبر 2018م.
- صرف العلاوات السنوية للموظفين النازحين والمناطق المحررة أسوة ببقية الموظفين في محافظات ومناطق الحكومة الشرعية.
- صرف بدل السكن والإنتقال للموظفين النازحين وفقاً لقوانين الخدمة المدنية كون جهاتهم ومؤسساتهم نقلت من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن بقرار سيادي، والبعض نزح من المحافظات التي تقع تحت سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية هروباً من بطشها.
- صرف إعانة معيشية للموظفين أو رفع مرتباتهم لمواجهة غلاء المعيشة والتدهور المريع للعملة الوطنية.
- إنشاء وحدة تنفيذية خاصة بالموظفين النازحين تتبع مجلس الوزراء تتولى إدارة ومعالجة هذا الملف الإنساني، وبعيداً على تسلط وتعسف وإبتزاز وزارتي الخدمة المدنية والمالية. والعمل على سرعة إستيعاب بقية الموظفين النازحين التي لم تصرف مرتباتهم حتى الآن، والعمل الجاد على صرفها سريعا.
أسباب نزوح الموظفين من مناطق الانقلاب إلى مناطق الشرعية
تعددت الأسباب والمسبب إنتهاكات عصابة الانقلاب الحوثية منها:
– الهروب من بطش المليشيات الانقلابية الحوثية خصوصاً الموظفين الذين كان لهم موقف واضح ومناهض للانقلاب وبعضهم كان معتقل وأفرج عنه من سجون الانقلاب الحوثية.
– الفرار من الجوع خصوصاً بعد سطو مليشيات الحوثي الانقلابية على الدولة ونهب مرتبات موظفيها للمجهود الحربي لها ومطالبتهم بالعمل دون رواتب بقوة السلاح والاتهام بالوقوف مع العدوان في حالة الرفض.
– وقوع مقر إقامة أو عمل بعض الموظفين في مناطق الاشتباك بين قوات الحكومة الشرعية ومليشيات الانقلاب الحوثية.
معاناة وعذابات الموظفين النازحين في مناطق نزوحهم
- يعاني الموظفين النازحين في محافظات ومناطق نزوحهم دون وضع حد لهذه المعاناة من الجهات الرسمية. ويمكن عرض بعض صور تلك المعاناة بالاتي:
- – المنع من الدخول إلى المناطق المحررة خصوصاً إلى المحافظات الجنوبية وبالذات العاصمة المؤقتة عدن.
- – السمسرة والإبتزاز للموظفين النازحين من قبل العاملين في الجهات المختصة بالحكومة الشرعية كوزارات المالية والتربية والخدمة المدنية وغيرها؛ من أجل إعادة صرف رواتبهم.
- – طول مدة المعاملات المضنية من أجل إعادة صرف الراتب، حيث حصل ما يقارب عشرون ألف موظف وموظفة على رواتبهم بين عامي 2017م و 2018م بعد مرور ست أشهر من التعب والمعاملات بين جهات أعمالهم ووزارت الخدمة المدنية والمالية. بينما البقية لم يحصلوا على مرتباتهم حتى الآن حيث أغلقت وزارة المالية إستقبال المعاملات والمراجعات المتعلقة بالراتب في 15 مارس 2018م. ومع ذلك أستطاع البعض عبر توجيهات عليا أو عبر السلطات المحلية للمحافظات النازحين منها الحصول على رواتبهم ليصل العدد إلى ما يقارب ثلاثون ألف موظف وموظفة.
- – الأحساس بالخطر نتيجة المعاملات العنصرية والمناطقية، ومشاعر الكراهية والحقد التي واجهت الموظفين النازحين من بعض أطراف الصراع داخل المناطق المحررة لا سيما المحافظات الجنوبية من قبل أطراف محسوبة على المجلس الإنتقالي الجنوبي، ومأرب وتعز من قبل جهات محسوبة على جماعة الأخوان المسلمين تحت إطار الشرعية.
- – النظرة إلى الموظفين النازحين والتحريض عليهم كخلايا نائمة محسوبة على أطراف الصراع المعادية من قبل سلطات الأمر الواقع في المحافظات المحررة كالإنتقالي في العاصمة المؤفتة عدن، وجماعة الأخوان المسلمين في محافظتي مأرب وتعز.
- – تقاعس وعدم مبالاة قيادة ومسئولي الحكومة الشرعية عن وضع آلية واضحة لمعالجة ملف الموظفين النازحين التي تتفاقم مشكلتهم وتتزايد أعدادهم مع مرور الوقت. فهناك كثير من الموظفين النازحين يزاولون أعمالهم داخل محافظات ومناطق الشرعية النازحين إليها بناء على طلب من الحكومة الشرعية ولكن بلا رواتب منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب تعنت وزارة المالية ورفضها صرف رواتبهم بالرغم أن لديهم إستيعاب ومباشرات عمل من جهات أعمالهم وفق الالية المقرة من الوزارة.
- – عدم الأنتظام بصرف الرواتب للموظفين النازحين الذين حصلوا على إعادة مرتباتهم بصورة مستمرة نهاية كل شهر أسوة ببقية الموظفين؛ حيث يتم تأخير الصرف إلى شهرين واحياناً إلى أربعة أشهر، وقد يصل الأمر إلى مصادرة تلك المرتبات كما حصل من مصادرة لرواتبهم للأربعة الأشهر الأخيرة من عام 2022م.
- – أقفال إستقبال ملفات الموظفين النازحين من قبل وزارة المالية بالحكومة الشرعية منذ تاريخ 15 مارس 2018م، وعدم قبول طلبات جديدة حتى اليوم بالرغم من تزايد إعداد الموظفين النازحين منذ ذلك الوقت حتى اليوم.
- – وضع العراقيل والروتين الممل في صرف مرتبات الموظفين النازحين وحصرها في المناطق المحررة فقط، وحرمان الموظفين الذين عادوا إلى مناطقهم بسبب الحرب والصراع بين قوات الإنتقالي وقوات الشرعية في المحافظات الجنوبية، والمضايقات التي تعرضوا لها والتي وصلت إلى حد الأعتقال والطرد بالقوة من تلك المحافظات.
- – غلاء المعيشة وإرتفاع الإيجارات في مناطق النزوح.
- – قساوة الظروف المناخية الحارة وإنقطاع الخدمات كالكهرباء والمياه في مناطق النزوح خصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن.
- – إستيلاء سلطات الأمر الواقع في المحافظات المحررة على المساعدات الإنسانية المخصصة للنازحين وتوزيعها على الأسر المقربة من تلك السلطات أو بيعها في السوق السوداء.
مهن شاقة وأمراض نفسية وجلطات مفاجئة مكافأة نهاية خدمة للموظف
معظم الموظفين النازحين أضطر للعمل في مهن شاقة ومخجلة لهم إلى جانب وظائفهم كباعة متجولين أو عمال بناء أو في بيع الخضروات والفواكه وبيع القات والمياه الباردة في الجولات، وبعضهم وقع عرضة للحالات النفسية والأمراض والأوبئة، وبعضهم توافاه الله نتيجة جلطة أو ذبحة قلبية مؤلمة نتيجة الظروف التي يعيشونها أو التصرفات التي يقابلون بها من المجتمع.
*صحفي وناشط حقوقي.
ملتقى الموظفين النازحين