“الثور” – كتابات :
خالد سلمان
ألقى الكلمة باسم اليمن فانقسمت الحواضن بين من يوزعون الخيانات باستسهال، وبين التيار العقلاني وهو الكفة الراجحة، التي تؤمن بالعمل السياسي التراكمي الذي يصل بالقضية الجنوبية إلى بر آمن، ويحقق تطلعاتها دون الحاجة لمزيد من الولادات القيصرية.
إلقاء رئيس المجلس الانتقالي كلمة اليمن في مجلس الأمن، نقلة لافتة تُخرج أهم مكون عسكري سياسي من التخندق في خانة التشدد إلى المرونة السياسية، ومن الانعزالية المناطقية إلى الانفتاح على القضايا المترابطة، والوصول إلى نقطة اليقين من أن لا حقوق مشروعة للجنوب دون تحرير كل البلاد من سلطة حوثية، عين مشروعها ابتلاع كل اليمن وتسليمه للأجنبي. وإن من دون توحيد المواقف ومغادرة حالة الصراعات الصغيرة، فلا جنوب سينال حقوقه ولا شمال سيتحرر من السلالة والنظام العنصري.
كلمة عيدروس المتوافق عليها مسبقاً، أعادت رسم الأولويات والقضايا المفتاحية لاستحقاقات الراهن، أزالت الالتباسات وحددت بلغة قطعية لا تنقسم على تأويلين أن لا عدو لكل الشعب اليمني سوى الحوثي، وأن كل القضايا الأخرى تُحل على الطاولة وخارج المواجهات المسلحة وسياسة كسر العظم، وتخادمات ما تحت الطاولة لبعض الأطراف ذات المواقف المزدوجة.
على الجانبين، هناك من هو منزعج من كلمة عيدروس باسم اليمن، داخل مكونات الشرعية التي لم تغادر مربع اجترار خصوماتها، ولم تعِد تركيب المشهد على قاعدة التفاهمات كبديل للصدام، وترى أن الانتقالي عدوها الأول وإن الحوثي خطر ثانوي، وأن مسطرتها في هذا التوصيف التقاءهم تحت يافطة الوحدة الصورية الإقصائية، وإن كان الحوثي حاكماً يمسك بزمام عنق البلاد.
وفي المقلب الآخر، هناك داخل المجلس الانتقالي، أطراف تتسم بالتشدد والتمترس خلف خطاب البدايات، متخطين حركية الأحداث وتعقيداتها والتطورات المتلاحقة، ما يفرض لغة أخرى وأدوات مختلفة تصل إلى نفس الغاية، وإن بنقلات محسوبة جيداً وخارج الشطط غير المبرر.
حديث رئيس الانتقالي باسم اليمن في مجلس الأمن، من دون شك له خلفيات ما فوق المحلية، وهي ربما لتقديم صورة مغايرة أكثر تجانساً وأقل تشظياً يُبنى عليها الانفتاح الدولي على دعم سياسي اقتصادي عسكري للأطراف المناهضة للحوثي.
إذا أردنا أن نخلص كلمة الرجل الأول في الانتقالي باسم اليمن بجملة فهي:
“الحوثي خطر مشترك يعم ولا يخص، والجنوب قضية عادلة.”