آخر الأخبار

spot_img

المجلس الرئاسي زخم الحضور بالزيارات والضعف بتنفيذ القرارات…!

الثوري – كتابات

أسعد محمد عمر 

استطاع مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي بدعم من الاشقاء في التحالف الداعم للشرعية بقيادة السعودية والامارات تجاوز مخاضات السنوات الاولى لتثبيت موقعه و تعزيز مكانته لادارة الشرعية اليمنية و التعبير عنها و هو ما مثل نجاحاً مشتركاً لتحقيق التغيير و الانتقال باعلى هرم السلطة الشرعية بحسب الظروف السائدة .

لكنه وبخلاف ما كان منتظراً فإن السنوات الاولى من عمر المجلس لم تكن حافلة بالتحولات التي طمح بها الشعب اليمني و لم تجانب الامال المنعقدة حين تشكيله حيث لم يشعر المواطنون باي انجاز فعلي لتخفيف معاناتهم كما لم يستطع المجلس الخروج للواقع بمؤشرات واضحة نحو الحسم و انهاء الحرب في البلاد .

 

لكن هذا لا يعني فشل المجلس الذي تسلم مقاليد الادارة في توقيت حساس و بوضعية معقدة حيث كانت مكوناته تعيش حالات من التنافر والاصطدام و تتقاسم نطاق السيطرة في المناطق المحررة اضافة لتسلم المجلس لحكومة مثقلة بالاعباء عاجزة عن الايفاء بمهامها و خزينة عامة فارغة و ايرادات مقطوعة و ضعف و غياب لاغلب اجهزة الدولة و مؤسساتها و اتساع نفوذ شبكات المصالح و قوى الفساد و الجهويات المدعومة و الطائفية المزروعة و غيرها من الافرازات التي انتجتها الحرب التي تعيشها اليمن و تراكمات سنوات ما قبل الحرب .

 

لكن مجلس القيادة الرئاسي استطاع أن يحفظ الأمور عند مستوى معقول بنجاحه بالحد من انهيار الاوضاع في مناطق الشرعية واعادة العمل بشكل تدرجي لبعض المؤسسات و الاجهزة الحكومية وعودة مسؤوليها لمزاولة النشاط من داخل العاصمة المؤقتة عدن و هذا ما يُعد انجازاً غير عادي بناء على ما كان سائدا و ما كاد ان يسود لو تدهورت الامور اكثر .

وسط هذه الأوضاع وفي ظل الظروف الصعبة تميز رئيس المجلس بقدرته على ادارة التباينات و تمكن مع زملاءه اعضاء المجلس من منع عودة الاصطدام بين المكونات المناوئة للحوثي التي تشكل منها المجلس و التهيئة لايجاد بيئة قابلة للملمة مؤسسات الدولة و تفعيل الاداء لأجهزة الدولة على طريق استكمال ضبط وجهة مكونات المجلس الرئاسي و باقي منظومة الشرعية صوب المعركة الاساسية في وجه انقلاب و ارهاب مليشيا الحوثي ومشروع ايران التوسعي باليمن والمنطقة.

و مع ان الصورة النمطية التي كرسها الاعلام عند العامة حول طريقة عمل المجلس بظهورهم مجتمعين خارج ارض الوطن او عبر الوسائط المرئية و ببقاء من عاد منهم محصور في نطاق امني مغلق في حدود منطقة حقات التي تضم القصر الرئاسي بعدن الا الاشهر الماضية شهدت انتقالاً في طريقة عمل المجلس و خروجه للميدان عبر سلسلة من القرارات الهامة في الجوانب العسكرية و الامنية و الاقتصادية واجراء العديد من اللقاءات والمقابلات اضافة لاعمال النزول التي كان مركزها العاصمة عدن و تنفيذ العديد من الزيارات الرئاسية و الحكومية للمحافظات المحررة عدا محافظة واحدة هي ( محافظة جزيرة سقطرى ) التي كان يُفترض ان تكون في صدارة الاهتمام .

وبلا شك فقد كان لاعضاء المجلس الرئاسي و رئاسة الحكومة دور بارز بذلك حيث ظهروا في اغلب التحركات كرجال دولة رغم الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها البعض منهم من مكوناتهم و هو ما عكس حالة من التطور في الاداء و التقدم لدى من كان بعيد منهم عن مجال العمل في السلطة والادارة .

و بكل تاكيد فقد كان الابرز من بين الاجراءات و المهام ما تم اتخاذه من القرارات الاقتصادية التي صدرت عن البنك المركزي و بعض الوزارات السيادية لنقل المركز المالي والاداري للبنوك و المؤسسات المحلية و الدولية للعاصمة المؤقتة عدن و تم اعتبار ذلك بالخطوة الجريئة و الاكثر فاعلية للمجلس بما اوجدته في حينه من حلقة وصل للمجلس مع الشعب الذي كان قد وجد بها انطلاقة جادة لايجاد مخرج لانهاء معاناته مع الازدواج و التضارب بالعملة و لما تخلق عن تلك القرارات من مساحات اتصال كبيرة مع الداخل و الخارج .

حيث شكلت لحظة تحول عاشتها منظومة الشرعية بكافة مكوناتها و حظي المجلس خلالها بقبول و اسناد شعبي منقطع النظير لكن زخم ذلك لم يستمر بسبب قرار مجلس القيادة بالتراجع الذي تبين انه جاء استجابة لضغوط كبيرة مورست عليه ووفقاً لتقديرات مرتبطة باولويات الحفاظ على الغطاء الاقليمي و الدعم الدولي ما تسبب في كسر حافز التأييد الشعبي و اضعاف مستوى الالتفاف الجماهيري حول قيادته و حرم المجلس من اهم اوراق المواجهة و المناورة التي كان من شأنها ان تجعله قادرا على مقاومة التوجهات الساعية لتقليص الشرعية و نزع بعض صلاحيات الدولة السيادية التي قد تفرضها خارطة الطريق على حساب المجلس و تعمل لاجلها البعثة الاممية .

و رغم عجز المجلس و الحكومة عن اقناع الناس بمبررات التراجع ووسط غلبة حالة اليأس التي غمت على مزاج الناس و ازدياد حالة الاحباط عندهم باحتجاز مليشيا الحوثي لاربع من طائرات الخطوط الجوية اليمنية الا ان زيارة الاخ رئيس مجلس القيادة الرئاسي و مرافقيه لمحافظة تعز مثلت حدثا مهما اعاد جزء كبير من الزخم الشعبي للمجلس و رئيسه حيث ترافقت تلك الزيارة باهتمام و تفاعل واسع النطاق و حظي الزوار باستقبال شعبي كبير ساده الترحاب و الابتهاج و بعثت مشاهد الاستقبال مشاعر الحنين للدولة لدى المواطنين شمالا و جنوبا الذين نادوا بعودتها .

مع ان هذة الزيارة قد سبقتها زيارات اخرى لمحافظات حضرموت و مارب و المهرة و لحج و شبوة من قبل الرئيس و اعضاء المجلس و من دولة رئيس الوزراء لكن وقع زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي لتعز كان اكبر و اكثر تأثير ما جعل منها واحدة من اهم الخطوات الحيوية المحسوبة للرئيس و اعضاء المجلس الرئاسي في السنة الثالثة من عمر المجلس .

ما عزز من قيمة و اهمية ذلك هو اهمية محافظة تعز بكونها الاكبر بين المحافظات من حيث عدد السكان و بحكم موقعها الجغرافي ومكانتها الثقافية ودورها التنويري في مختلف مراحل النضال الوطني وقدرتها على التأثير في ميزان التحولات والاحداث على المستويات النخبوية و الشعبية على امتداد نطاق البلاد .

و بكون هذة الزيارة قد اتت بعد زيارة تم افشال نتائجها لمحافظة حضرموت الاكبر مساحة في اليمن نظرا لحالة التجاذب و التنافس الداخلي فيها و الخارجي عليها في ظل اتساع رقعة المطالب المشروعة للمحافظة و ابنائها لاجل رفع معاناتهم و انتزاع حق محافظتهم في الشراكة و التنمية و الخدمات بما يوازي حجم محافظتهم و ثروتها .

 

لقد فتحت هذة الزيارة المجال واسعا لطرق مسيرة المجلس الرئاسي و الحكومة وتقييم ادائه ولان الغالبية من المواطنيين بات متابعاً لما يجري بحكم معاناة واقعهم المعاش و ارتباطهم بوسائط التواصل الاجتماعي و الاعلام و بكون غالبية المجتمع اليمني مهتم بالشؤون السياسية و كل فرد فيه يتعاطى مع كل مايجري اياً كان مستواه و موقعه لذا فقد كانت هذة الزيارة الرئاسية محل تناول من قبل المناصرين و المناوئين و المحايدين ما فتح المجال لاثارة جوانب مختلفة عن حياة المجلس و اعضاءه و طريقة عمله و تركيبته و قدرته على الاداء و امكانيات المكوث بالميدان و غموض مستقبله و مقارنته بمن سبق .

و كم كان مدهشا ما تم طرحه من تقييمات و ملاحظات بعضها كانت دقيقة في فحواها و محتواها و التي عبرت بالمجمل عن توق للدولة و عدم الرضى على طريقة العمل في ظل تجاذب و تنافر مكونات و اعضاء المجلس .

و بناء عليه فان من الضروري للمنظومة السياسية في الشرعية و مكوناتها الوقوف على حقيقة الصورة الظاهرة لها في مرآة الشعب لا كما تعتقد نفسها وفقا لما يقدمه الاعلام الموجه ووجوب استدراك الوقت قبل الدخول في اي مرحلة من مراحل التفاوض على خارطة الطريق او العودة لاي جولة من جولات الحرب لاجل انقاذ نفسها و احياء طبيعة دورها الوطني بتحمل مسؤولية العمل لخلق جبهة وطنية عريضة و تفعيل ادوات الدولة و تعزيز الاداء بالميدان باتاحة المجال لدور محوري امام المجلس القيادي و باقي المؤسسات و ضمان عملها بسلاسة دون عراقيل ووضع المعالجات و الحلول المناسبة من خلال :

– تجاوز حالة السير المقيد للمجلس الرئاسي و الحد من اعاقة رئيسه عن ممارسة صلاحياته وفقا لقرار تشكيل المجلس .

– تعزيز حلقات التواصل بين المجلس و مؤسسات الدولة و المواطنيين بتحقيق انجازات حيوية في الجوانب الاقتصادية المتعلقة بحياة الشعب بضبط العملة ووحدة اسعار الصرف و المشتقات النفطية و ضبط الايرادات و الاصلاح المؤسسي و مكافحة الفساد.

– انهاء حالة عجز المجلس عن تنفيذ قراراته المتخذة خلال السنوات الماضية خاصة منها ما يتعلق بدمج المكونات العسكرية والامنية و التدوير و التجديد في السفارات و البعثات الدبلوماسية و غيرها.

– تقليص المسافة الحاصلة بين المجلس و الحكومة بتشكيل حكومة جديدة او أجراء التغييرات اللازمة في الحكومة الحالية التي مضى وقت ليس بالقليل منذ تغيير رئيسها.

– وضع الاصلاحات الاساسية لعمل المجلس واعتماد لائحة خاصة لتنظيم المهام و الهيكلة و لو استدعى الامر مراجعة تركيبته و تعديل قوامه خاصة بعد ان ارتكز الثقل فيه بين المؤتمر و الانتقالي و حزب الاصلاح بحكم الانتماء السياسي لغالبية اعضاء المجلس . – مغادرة حالة التكيف مع الاوضاع و الاسترخاء و عدم الاستغراق في قضايا التنافس البيني لاعضاء و مكونات المجلس التي تبعدهم عن حقيقة المعركة الوطنية ما يحعل مستقبل المجلس و مشروعيته على المحك .