آخر الأخبار

spot_img

“الدولة الفارغة” في اليمن.. دراسة لباحث يمني تكشف كيف تحكم شبكات النفوذ بلداً بلا مؤسسات

“صحيفة الثوري” – متابعات:

قدّم الباحث اليمني موسى علاية العفري دراسة أكاديمية جديدة بعنوان “الدولة الفارغة: إدارة الفراغات في يمن ممزق بالصراع”، نُشرت مؤخراً في مجلة Politics & Policy الصادرة عن مؤسسة وايلي الأمريكية، تناولت نموذجاً تحليلياً مبتكراً لفهم طبيعة الحكم وبنية السلطة في اليمن بعد أكثر من عقد من الحرب والانقسام.

في هذه الدراسة، ابتكر العفري مفهوم “الدولة الفارغة” (Empty State) لتوصيف واقع اليمن، حيث ما تزال مؤسسات الدولة قائمة شكلياً لكنها فقدت مضمونها الإداري والوظيفي، لتتحول إلى هياكل رمزية تُستخدم لتأكيد السيادة، بينما تُمارس السلطة الفعلية عبر شبكات نفوذ غير رسمية، ومرجعيات مذهبية، وتدخلات خارجية متعددة.

وأوضح العفري، وهو أستاذ الإدارة العامة في معهد الدوحة للدراسات العليا، أن اليمن لا يمكن تصنيفه ضمن الدول الفاشلة أو الهشّة بالمفهوم التقليدي، بل يمثل نموذجاً لنظام سياسي “متكيّف في هشاشته”، إذ تتعايش فيه البنية المؤسسية الشكلية مع غياب القدرة الحقيقية على الحكم.

واعتمدت الدراسة على 40 مقابلة ميدانية أجراها الباحث مع مسؤولين حكوميين، وفاعلين في المجتمع المدني، وزعماء قبائل من شمال وجنوب البلاد، كشفت عن تباين واضح في طبيعة ممارسة السلطة بين المنطقتين.

• في الشمال: تتركز السلطة في يد الحوثيين تحت مظلة مؤسسات الدولة الرسمية، بينما تتم السيطرة الفعلية عبر شبكات أيديولوجية وأمنية مغلقة.

• في الجنوب: يتوزع القرار بين الحكومة المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي، وسط نفوذ مباشر للسعودية والإمارات، ما أوجد تعددية في مراكز السلطة وفوضى إدارية متشابكة.

وتبيّن الدراسة أن الشرعية السياسية في اليمن لم تعد تُستمد من المؤسسات الرسمية، بل من الجهات القادرة على توفير الأمن والخدمات للسكان، سواء كانت قبائل أو منظمات محلية أو ميليشيات مسلحة.

ويؤكد العفري في ختام بحثه أن إعادة بناء اليمن لا يمكن أن تتحقق بإصلاح الأجهزة الحكومية فحسب، بل تستلزم إعادة بناء فكرة الدولة نفسها واستعادة مشروع وطني يعيد الثقة بين الدولة والمجتمع.

وبحسب مجلة Politics & Policy، تمثل هذه الدراسة إضافة فكرية نوعية لأدبيات الدولة والحوكمة، إذ تقدم تفسيراً جديداً لاستمرار الأنظمة السياسية رغم تفكك مؤسساتها الرسمية.

صدر العدد في أكتوبر 2025م، ويمكن الاطلاع على الدراسة عبر الرابط التالي:
https://doi.org/10.1111/polp.7…