واشنطن – صحيفة الثوري:
أعاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الجدل إلى الواجهة مجددًا، بعد دعوته أعضاء حزبه الجمهوري في مجلس الشيوخ إلى استخدام ما وصفه بـ”الخيار النووي” لإنهاء الإغلاق الحكومي الذي يهدد بشلّ عمل مؤسسات الدولة الفيدرالية. لكن ما المقصود فعلاً بهذا المصطلح؟ وهل سبق استخدامه في التاريخ السياسي الأمريكي؟
مصطلح سياسي لا علاقة له بالسلاح النووي
رغم التسمية المثيرة، فإن “الخيار النووي” لا يحمل أي دلالة عسكرية. إنه تعبير مجازي يُستخدم في السياسة الأمريكية للدلالة على اللجوء إلى إجراء استثنائي وجذري لتغيير قواعد مجلس الشيوخ، بما يسمح بتمرير قرارات بالأغلبية البسيطة (51 صوتًا) بدلاً من الأغلبية المعززة (60 صوتًا)، المطلوبة عادة لتجاوز التعطيل البرلماني المعروف بـ”الفيليبستر”.
وبمعنى آخر، يشير “الخيار النووي” إلى كسر العرف البرلماني الذي يمنح الأقلية الحزبية القدرة على تعطيل مشاريع القوانين أو الترشيحات، وذلك بقرار من الأغلبية لتعديل القواعد الداخلية نفسها.
سوابق تاريخية محدودة
استخدم مجلس الشيوخ هذا “الخيار” مرتين فقط في تاريخه الحديث، وفي نطاق ضيق:
عام 2013، استخدمه الديمقراطيون بقيادة هاري ريد في عهد الرئيس باراك أوباما، للسماح بتمرير تعيينات القضاة والمسؤولين التنفيذيين بالأغلبية البسيطة، بعدما عطّل الجمهوريون تلك التعيينات.
عام 2017، لجأ إليه الجمهوريون بقيادة ميتش ماكونيل خلال رئاسة ترامب، لتوسيع القاعدة بحيث تشمل تعيينات قضاة المحكمة العليا، ما أتاح تثبيت القاضي نيل غورساتش دون الحاجة إلى دعم الديمقراطيين.
لكن لم يُستخدم الخيار النووي أبدًا لتمرير تشريعات مالية أو قوانين متعلقة بالموازنة أو الإغلاق الحكومي، لأن ذلك يُعد خرقًا خطيرًا للتقاليد التشريعية التي تضمن التوازن بين الحزبين داخل الكونغرس.
دعوة تحمل طابعًا تصعيديًا
دعوة ترامب اليوم لاستخدام “الخيار النووي” في مسألة الإغلاق الحكومي تُعد تصعيدًا سياسياً غير مسبوق، كونها تحث حزبه على تجاوز الأعراف البرلمانية لتجاوز معارضة الديمقراطيين وتمرير تمويل حكومي من طرف واحد.
ويرى مراقبون أن هذه الدعوة تندرج في إطار الخطاب الشعبوي التصادمي الذي يتبناه ترامب، والذي يضع المؤسسات الأمريكية التقليدية أمام اختبار جديد لمبدأ الفصل بين السلطات واحترام الأعراف.
خطوة محفوفة بالمخاطر
المحللون يحذرون من أن تطبيق “الخيار النووي” على ملفات مالية سيخلق سابقة خطيرة، قد تُضعف مجلس الشيوخ كمؤسسة توازنية وتحوّله إلى ساحة صدام حزبي دائم. كما أن أي خطوة من هذا النوع قد ترتد على الحزب الجمهوري نفسه مستقبلاً إذا ما خسر الأغلبية في المجلس.

