آخر الأخبار

spot_img

اتهامات بالفساد تهز مشاريع التحول الرقمي في مناطق سيطرة الحوثيين: مئات ملايين الريالات لمشاريع متعثرة ونتائج “شكلية”

صحيفة الثوري- تقرير: 

كشف المهندس ريدان الرحبي، أحد المهندسين العاملين في مشاريع التحول الرقمي التابعة لمؤسسة البريد اليمني الخاضعة لسلطات الحوثيين في صنعاء، عن ما وصفه بملفات فساد واسعة طالت أنظمة الدفع الإلكتروني والمحفظة الرقمية التي تم الترويج لها خلال السنوات الماضية باعتبارها “نقلة نوعية” في الخدمات المالية والبريدية.

وقال الرحبي إن حجم الفساد المرتبط بهذه المشاريع يصل إلى ما بين خمسة وسبعة مليارات ريال يمني، من بينها نحو نصف مليار ريال تم شراء سيارات بها لمن يصفهم بـ“القائمين على الملف”، دون أي مخرجات حقيقية تعود بالنفع على المؤسسة أو الجمهور.

وأضاف أن الشركة الأجنبية المتعاقد معها، والمذكورة في الوثائق باسم S2M، أخفقت في تسليم الأنظمة وفق المعايير المتفق عليها، وفشلت في اختبارات الجاهزية المبكرة، ومع ذلك استمر المشروع لثلاث سنوات كاملة رغم التحذيرات الفنية وغياب الجهوزية التشغيلية.

وأشار الرحبي في تسجيل مرئي نشره على اليوتيوب واطلعت صحيفة الثوري عليه إلى أنه سلك جميع المسارات القانونية لتوثيق المخالفات، بدءًا برفع مذكرات داخلية، مرورًا بإبلاغ نيابة الأموال العامة، وانتهاءً بإحالة الملف -كما يقول- إلى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، إضافة إلى مراسلة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، غير أن أياً من تلك الجهات لم يتخذ أي إجراء.

محفظة رقمية “باهظة وضعيفة الأداء”

ووفق الرحبي، فإن المحفظة الرقمية -أحد أبرز مخرجات المشروع- استهلكت وحدها ما يقارب ثلاثة مليارات ريال، لكنها لم تقدم سوى أربع وظائف أساسية فقط، مقابل خدمات تقدمها المحافظ المنافسة في السوق بعدة أضعاف، مثل التحويل الفوري إلى البنوك المحلية والعالمية، والتعامل مع شبكات التحويل الكبرى كموني غرام وويسترن يونيون، إضافة إلى الربط الواسع مع التجار ومراكز الصرافة.

وانتقد الرحبي الحملات الدعائية الضخمة التي رافقت المشروع، بما في ذلك استخدام ما سماه “سفراء نوايا حسنة” ومسابقات ترويجية “تستهدف جهل الجمهور بالتكنولوجيا المالية”، على حد وصفه.

كما أشار إلى مشاكل كبيرة في تصميم واجهات الاستخدام، مثل غياب الفلاتر وتنظيم الخدمات داخل التطبيق، ما يجعل عملية الدفع والفوترة معقدة للغاية مقارنة بالمحافظ الأخرى التي توفر تجربة استخدام ميسّرة وميزات حديثة كالمسح الضوئي للفواتير والربط مع المتاجر.

200 ألف مستخدم و23 جهة تحصيل

وذكر الرحبي أن المحفظة تضم نحو 200 ألف مستخدم، ويتم جمع مبالغ مالية منهم لصالح 23 جهة، من بينها: شركات اتصالات، مؤسسات كهرباء ومياه، جامعات، هيئات حكومية، وجهات تحصيل زكاة وجامعات خاصة ومحطات وقود وشركات تقنية.

ورغم هذا النشاط، يرى الرحبي أن ضعف البنية والقدرات التقنية للنظام يجعله غير قادر على التطور إلى مستوى خدمة حقيقية، ويكشف ـ بحسب قوله ـ أن الهدف من المشروع كان الصرف لا البناء.

غياب الشفافية واستمرار التعثر

وتسلّط هذه الإفادات الضوء على واقع التحول الرقمي في مؤسسات الدولة الواقعة تحت سلطة الحوثيين، حيث تغيب الشفافية والرقابة ويجري توجيه المشروعات لاعتبارات سياسية وشخصية، وفق ما يؤكده المهندس الرحبي، في ظل صمت تام من الجهات الرقابية التي يفترض أنها مسؤولة عن التحقيق والمتابعة.

ويرى متخصصون أن الفساد في هذا النوع من المشاريع لا يمكن إخفاؤه على المدى الطويل، بحكم ارتباطه بخدمة عامة يشعر بها المواطن مباشرة، ما يجعل الإخفاق أو التلاعب أكثر انكشافًا مقارنة بالمجالات الإدارية الأخرى.