آخر الأخبار

spot_img

المعضلة الرئيسية والتحدي الأكبر أمام المجلس الرئاسي في القيام بواجباته الدستورية لاسترداد الدولة وهزيمة مشروع الانقلاب

“صحيفة الثوري” – كتابات:

المستشار/ عبدالله سيف الدبعي

كنتُ قد تحدثتُ في موضوعٍ سابق عن المهام المنصوبة أمام دولة الأخ رئيس مجلس الوزراء في معالجة الاختلالات القائمة، باقتضابٍ شديد.

وفي هذا المقام، سوف نسلط الضوء على المعضلات الرئيسية التي تعيق المجلس الرئاسي عن القيام بمهامه وفق إعلان نقل السلطة منذ ثلاث سنواتٍ ونيّف، وإلى اليوم لم يتمكن المجلس من رسم الخطوط العريضة لبرنامج عمله في إدارة شؤون المحافظات المحررة، كما لم يتوافق أعضاؤه على وضع خطةٍ عمليةٍ لمواجهة مشروع الانقلاب الحوثي والعمل على استرداد الدولة.

لقد شهدت البلاد خلال الفترة الماضية من عمر المجلس الرئاسي حالةً من الإرباك وتزايد حدة الانقسامات والتشرذم على مختلف المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، مما أثر سلباً على حياة المجتمع بشكلٍ عام، وذلك وفق ما يلي:

أولاً: المسار السياسي:

كانت الأمور تسير من قبل كافة الأحزاب والقوى والمكونات السياسية ضمن إطار ما يُسمّى بـ التحالف الوطني لدعم الشرعية، وبعد مجيء المجلس الرئاسي تغيّر المسمى إلى التكتل الوطني لدعم الشرعية.

وفي كلا الحالتين، كان الهدف واحداً، وهو أن القوى والأحزاب السياسية –على اختلاف مشاربها وتوجهاتها وقناعاتها الخاصة– تلتقي في إطار التكتل الوطني في رؤيةٍ موحدةٍ حول مبدأ دعم الشرعية، باعتبارها الإطار الشرعي والقانوني الذي يمثل الدولة اليمنية والمعترف بها من قِبل الأمم المتحدة وكافة دول العالم، ويسعى التكتل الوطني إلى مساندة ومؤازرة الدولة في بسط نفوذها على كامل أراضي الجمهورية اليمنية.

إلا أنه يُلاحظ في الآونة الأخيرة أن الأحزاب والقوى السياسية المنضوية في إطار التكتل الوطني تكاد تكون غائبة أو مُغيّبة عن القيام بأي دورٍ على مستوى الساحة الوطنية، وعدم التئامها أو عقد اجتماعاتها لتدارس الوضع الراهن الشائك والمعقد والتطورات الجارية والمتلاحقة، بهدف الخروج بتقييمٍ شاملٍ للأوضاع في الساحة اليمنية وانعكاساتها السلبية على الحياة العامة، ومن ثم الخروج برؤيةٍ مشتركة من خلال تقديم برنامج عملٍ مرحلي وتصورٍ يساعد المجلس الرئاسي على إيجاد الحلول والمخارج العملية للأزمة الراهنة التي يشهدها الوطن.

كما أن الهيئة الاستشارية المساعدة للمجلس الرئاسي، التي كان يُعوّل عليها المجلس في إعداد الدراسات والتصورات وتقديم المقترحات التي تُسهم في تشخيص المشكلات والسير نحو حلحلتها، لم تقم بالدور المطلوب منها.

بل المؤسف أنها اكتفت بالاستفادة من الامتيازات والدرجات الوزارية والاعتمادات المالية وتسوية المستحقات بالعملة الصعبة، ما أضاف أعباء مالية على الدولة والحكومة فوق ما هو قائم أصلاً.

ثانياً: المسار العسكري والأمني:

لوحظ خلال السنوات الثلاث الماضية تزايد التشكيلات العسكرية واتساع نطاقها الجغرافي خارج إطار القيادة المركزية الممثلة بوزارة الدفاع، مما زاد المشكلة تعقيداً وقلّل من إمكانية إيجاد حلولٍ واقعية.

بل إن ذلك ساهم في خلق كياناتٍ مستقلة على مستوى كل منطقةٍ على حدة، تتلقى توجيهاتها واعتماداتها المالية من الجهة الداعمة مباشرةً، الأمر الذي يُفرغ الدولة من مضمونها، ويُضعف سيطرتها على كامل التراب الوطني، وينتزع من يدها القرار السيادي المرتبط بمفهوم الدولة.

ولذلك، ما لم يلتئم المجلس الرئاسي ويستشعر دوره التاريخي والوطني، ويدرك أهمية اللحظة الممنوحة له، ويعمل على لملمة الشتات وإنهاء حالة الانقسام، والإسراع في اتخاذ خطواتٍ عمليةٍ لتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية ضمن إطار وزارتي الدفاع والداخلية في عموم المحافظات المحررة، فلن يتمكن من مواجهة الخطر الحوثي أو فرض الاستقرار.

وقد يستدعي الأمر –إن اقتضت الضرورة– أن يتولى رئيس المجلس الرئاسي مهمة القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال هذه المرحلة الحرجة من المواجهة مع الحوثي، وذلك بالتنسيق والتشاور مع الأشقاء في دول التحالف.

على أن يتم مغادرة سياسة الماضي التي اعتمدت على مبدأ التوازنات، والتغاضي –بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر– عن قيام كياناتٍ عسكريةٍ مستقلة تتبع هذا الطرف أو ذاك، وتتلقى دعماً مالياً وعسكرياً من الخارج دون الرجوع إلى مؤسسات الدولة الشرعية.

ثالثاً: المسار الاقتصادي:

لا شك أن الاقتصاد هو عصب الحياة للدولة وعمودها الفقري، ومن ثمّ فإن على رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي أن يُولوا هذا الجانب جلّ اهتمامهم، وأن يتوافقوا على رؤيةٍ موحدةٍ تقوم على تعزيز العمل الجماعي المشترك، وفقاً لما تمليه الضرورات والتحديات.

يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات حازمة وصارمة تلزم جميع المرافق الإيرادية والمؤسسات الحكومية في كافة المحافظات المحررة –دون استثناء– بتوريد كافة الإيرادات إلى خزينة الدولة ممثلة بالبنك المركزي وتحت إشراف وزارة المالية، وفقاً للنُظم المالية المتبعة. وذلك لتمكين الحكومة من إعداد الموازنة العامة للدولة والوفاء بالتزاماتها، وصرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين بصورةٍ منتظمة، بما يحقق الاستقرار المعيشي ويُسهم في استقرار سعر العملة وأسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية بشكلٍ عام.

كما يجب على الحكومة القيام بواجباتها في توفير الخدمات الضرورية للمواطنين كالكهرباء والمياه ودعم القطاعين الصحي والتربوي، وغير ذلك من الخدمات الأساسية، إلى جانب مكافحة الفساد وتجفيف منابعه وتعزيز الدور الرقابي وتقليص الإنفاق غير المبرر، والحد من التدخلات التي تُعيق مجلس الوزراء عن ممارسة صلاحياته وفق اللوائح والأنظمة المعمول بها.

أتمنى أن أكون قد وُفقت في إيصال الرسالة.

والله الموفق.