“صحيفة الثوري” – كتابات:
د. منير أحمد السقاف
في مقاله بعنوان «الاشتراكي ورهان الدولة الوطنية في زمان الانقسام»، يقدّم د. عبدالرحمن عمر السقاف، الأمين العام لـ الحزب الاشتراكي اليمني، رؤية فكرية وسياسية عميقة تسلط الضوء على الأزمة البنيوية التي يعيشها اليمن اليوم، وعلى موقع ودور الحزب الاشتراكي في مواجهة هذه الأزمة. المقال نُشر عبر “صحيفة الثوري” (المنبر الإعلامي الرسمي للحزب)، وهو يعكس فكراً نقدياً وتحليلياً رصيناً يربط بين الماضي والحاضر ويطرح سؤال المستقبل الوطني.
فيما يلي قراءة تحليلية موضوعية لأهم مضامين المقال:
أولاً: السياق التاريخي والسياسي
يربط الامين العام الذكرى الـ 47 لتأسيس الحزب الاشتراكي بالذكرى الـ 63 لثورة سبتمبر والـ 62 لثورة أكتوبر. هذا الترابط ليس رمزياً فقط، بل يعكس البعد الوطني للحزب كأحد أعمدة الحركة التحررية والوطنية في اليمن.
في المقابل، يشير الامين العام إلى أن المناخ السياسي الحالي محكوم بخطابين مهيمنين:
- الخطاب المناطقي – المرتبط بتشظي الهويات الجغرافية داخل الحرب الأهلية.
- الخطاب المذهبي الطائفي – الذي غذّى الانقسام العمودي في المجتمع.
«تراجع الحالة العقلية عند الفرد وتقدم الحالة النفسية الانفعالية… جعلا من الخطابين المذهبي والمناطقي أداة فعالة لتدمير الوعي الوطني.»
هذه العبارة تختصر تشخيصاً عميقاً لسبب الانهيار في الوعي الجمعي الوطني، حيث يُستبدل العقل النقدي بالانفعال الهوياتي.
ثانياً: تفكيك البنية الوطنية وخطر الدولة الشكلانية
ينبّه الأمين العام إلى أن ترسيخ نظام المحاصصة الفئوية والمناطقية يفرغ الدولة من مضمونها ويحوّلها إلى «دولة شكلانية»، أي دولة بواجهة مؤسسية لكنها خاوية من مضمون وطني جامع.
هذا التفكيك، كما يشير، يخدم مصالح داخلية وخارجية في إعادة تشكيل اليمن وفق تقاسم نفوذ إقليمي – دولي يهمّش دوره الجيوسياسي.
«يسهل العبث بها بأيدي داخلية ومتظافرة مع الخارج الذي يسعى إلى تشكيل اليمن اقتصادياً ضمن تبعيته البنيوية…»
هذه الإشارة تعكس وعياً بتعقيد البنية الجيوسياسية للصراع اليمني، وتضع النقاش في إطار يتجاوز البعد المحلي الضيق.
ثالثاً: موقع الحزب الاشتراكي اليمني ودوره التاريخي
يستعرض الأمين العام بإيجاز المسار النضالي والفكري للحزب منذ الاستقلال الوطني وحتى اللحظة الراهنة.
من أبرز ما أكّده:
- الحزب لم يمارس السياسة بالارتجال، بل بمشروع سياسي وطني عبر مراحل مختلفة.
- ساهم في بناء دولة حديثة في الجنوب منحازة للفقراء، وشارك في صياغة مشروع وطني لوحدة اليمن.
- وثائقه الفكرية السياسية لا تزال صالحة لقراءة الأزمة الراهنة وتقديم حلول.
- «استطاع الحزب الاشتراكي اليمني أن يبني نسقاً فكرياً كفاحياً تغييرياً…»
هذا الطرح يهدف إلى إعادة تثبيت الحزب كفاعل وطني استراتيجي، لا كجزء من المحاصصات الجهوية الراهنة.
رابعاً: الوعي الجمعي وإنتاج السياسة
يشير الامين العام إلى أن الفكر السياسي للحزب تم إنتاجه عبر العقل الجمعي في مؤتمراته ومداولاته، وهو ما يميّزه عن الحركات الفردية أو الزعامية. هذه النقطة مهمة في ظل انتشار الزعامات الطائفية والمناطقية التي تقوم على الولاءات الشخصية لا المؤسسية.
«تلك الأعمال الفكرية والسياسيةتم إنتاجها عبر العقل الجمعي…»
خامساً: القيمة الفكرية والسياسية للمقال
المقال ليس مجرد احتفاء بذكرى، بل:
- نقد حاد للتفكك الوطني الراهن.
- دعوة لاستعادة مشروع وطني جامع يتجاوز المذهبية والمناطقية.
- تأكيد على أن الحزب الاشتراكي يمتلك أدوات فكرية وتنظيمية للمساهمة في هذا المشروع.
- تحذير من مخاطر استمرار الوضع الحالي الذي يؤدي إلى دولة «فارغة» تدار من الخارج.
سادساً: تقييم موضوعي
قوة المقال: عمق التحليل، ربط الماضي بالحاضر، تشخيص واضح للأزمة الوطنية.
قيمته السياسية: يعيد طرح الحزب الاشتراكي كرافعة وطنية أمام الانقسامات.
التحدي العملي: تحويل هذا الوعي الفكري إلى فعل سياسي مؤثر في مشهد معقّد ومجزأ

