صحيفة الثوري – كتابات
د. فائزة عبدالرقيب
تحمل ذكرى تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني الذي يصادف الثالث عشر من اكتوبر، إرثًا وطنيًا حافلًا بالنضال والعمل السياسي الواعي. فقد جاء إعلان الحزب تتويجًا لوحدة فصائل العمل الثوري الوطني التي امتد نضالها عقدين قبل التوحيد، في دلالة على النضوج السياسي لتلك الفصائل وادراكها اهمية توحيد الجهود لبناء وطنٍ يسوده العدل والمواطنة والمصلحة الوطنية العليا.
منذ تأسيسه، انطلق الحزب من ايمانٍ عميقٍ بأن الانسان هو محور التغيير وهدفه، فتَبَنّى مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية، وسعى لترسيخها في الوعي الوطني والسياسات العامة، مؤكدًا أن التنمية الحقيقية تبدأ ببناء الانسان وصون كرامته.
وعبر مسيرته الطويلة، واجه الحزب تحولاتٍ صعبة ومنعطفاتٍ حادة، لكنه خرج منها اكثر نضجًا وقدرةً على التكيّف. مارس نقد الذات بشجاعة، وتحرّر من النهج الشمولي نحو التعددية السياسية، ملتزمًا بالمنهج الديمقراطي ومتعاونًا مع مختلف القوى الوطنية من اجل ترسيخ العمل المؤسسي واستعادة الدولة.
كان الحزب صادقًا في نضاله من اجل الوحدة اليمنية، مؤمنًا بأنها خيار وطني ثابت لا شعارٌ مرحلي، وقدم من اجلها تضحياتٍ جسامًا، وروى بدماء مناضليه تراب الوطن دفاعًا عن وحدته وسيادته.
وظلّ الحزب وفيًا لرسالته الثورية ذات البعد الانساني والاخلاقي، لم يتراجع امام العواصف، ولم تنل منه مغريات السلطة او الصفقات السياسية.
ورغم تقلص مساحته في المشهد السياسي بسبب الصراعات والمؤامرات التي استهدفته، بقي الحزب ثابت الموقف، متمسكًا بمبادئه، رافضًا للانقلاب الحوثي، ومواجهًا مشاريع التشظي التي تهدد الوطن، ومدافعًا عن حق المواطن في الحياة الكريمة والآمنة.
لقد كشفت سنوات الأزمة عن حجم الانتهازية التي اصابت المشهد الوطني، لكن الحزب الاشتراكي ظل بمنأى عن التبعية والارتهان، محتفظًا بموقعه كصوتٍ وطنيٍ متزنٍ يُعلي مصلحة الوطن فوق المصالح الضيقة.
في هذه الذكرى الخالدة، يجدد الحزب حضوره كأحد أعمدة الحركة الوطنية اليمنية، متمسكًا بثوابته النضالية ورؤيته لبناء الدولة المدنية الحديثة والعادلة.
المجد والخلود لشهداء الحزب الأبطال، واجمل التحيات لمناضليه الذين ما زالوا يحملون راية الحزب بإيمانٍ وصدق، سائرين على نهج القادة التاريخيين الذين جعلوا من النضال وسيلةً للكرامة، ومن الوطن غايةً لا تُختزل في سلطةٍ او مكسب.