آخر الأخبار

spot_img

الإيرادات العامة للدولة في الجمهورية اليمنية (الحلقة الأولى)

“صحيفة الثوري” – كتابات:

أ.د.محمد علي (القحطاني)

تتشكل الموازنة العامة للدولة من عمودين: أحدهما يبين الإيرادات والآخر المصروفات. إذ تقوم الحكومة بإعداد موازنة الدولة لكل عام. بحيث تقدر الإيرادات المتوقعة للعام القادم استناداً لمعطيات العام الماضي، والسياسات المالية المطلوب العمل بها لمواجهة التقلبات الاقتصادية والتي عادةً ما يتم اتخاذها بالتنسيق مع البنك المركزي، حتى يتم تظافر السياسات المالية والنقدية لتحدث الأثر المطلوب لمواجهة أي اختلال متوقع للوضع الاقتصادي للعام القادم في ضوء المؤشرات الاقتصادية للعام الحالي.

وبالعودة لموضوعنا بخصوص إيرادات الدولة، نود التوضيح إلى أن الصلاحيات الممنوحة لسلطات الدولة المركزية والمحلية، حسب القانون المالي الموحد للجمهورية اليمنية يوضح وجود ثلاثة مصادر لإيرادات الدولة وكل مصدر من هذه المصادر الثلاثة تعود صلاحيات التصرف بعائداتها لمستو معين من مستويات هيكل السلطة. فهناك السلطة المركزية وهناك السلطة المحلية بمستويين: على مستوى المحافظة وعلى مستوى المديرية. كما يبين القانون المالي الأوعية الإيرادية لكل مستوى من المستويات الثلاثة. حيث تقسم الإيرادات على النحو الآتي:

الإيرادات المركزية: وهي الإيرادات السيادية التي تجمع من الأوعية الإيرادية ، المحصور صلاحية التصرف فيها من قبل الحكومة المركزية والتي تلزم الأوعية الإيرادية في جميع المحافظات اليمنية ايرادها في الحساب العام للدولة في البنك المركزي وفروعه في المحافظات ولا يجوز لأي سلطة التصرف بها عدى الحكومة المركزية وحسب الموازنة العامة للدولة.

الإيرادات المحلية: وزعت على مستويين: الأول مستوى المحافظة والآخر مستوى المديرية وتتوزع صلاحيات التصرف بها على قيادة السلطة المحلية بالمحافظة وقيادة السلطة المحلية بالمديرية.

ويعني ما سبق وجود ثلاثة حسابات عامة في البنك المركزي تتدفق اليها الإيرادات العامة للدولة (( مركزي ، مشترك ومحلي)). ويبين القانون واللوائح المالية للدولة نوعية الأوعية التي تذهب ايراداتها لحساب المديرية، ونوعية الأوعية التي تذهب إيراداتها لحساب المحافظة وكذا نوعية الإيرادات العامة المركزية التي تذهب ايراداتها لحساب الحكومة. كما يبين القانون واللوائح المالية آليات الإيرادات والصلاحيات المخولة لكل سلطة من السلطات الثلاث ((المركزية، على مستوى الدولة، المحلية على مستوى المحافظة والمحلية على مستوى المديرية)). وبناء عليه تتحدد أرصدة الحكومة وارصدة المحافظات وكذا ارصدة المديريات في إطار كل محافظة.

ومنذ بداية الحرب في عام 2015 أنهار الجهاز المالي للدولة وعندما اعيد بناء مؤسسات الدولة على المستوى المركزي والمحلي غيب العمل بالقانون وكافة النظم المنظمة لآليات تدفق الإيرادات والمصروفات وبالتالى انفلتت الأوعية الإيرادية للدولة واستولت عليها مراكز النفوذ المدنية والعسكرية وصارت إيرادات الدولة عرضة للنهب والمضاربة بالعملات الأجنبية لأجل أن تغسل الإيرادات المتدفقة لجيوب هوامير الفساد بطرق غير مشروعة بشراء الشقق والعمارات والفلفل وإقامة مشروعات خاصةً في الخارج بدول عدة ، ومع استمرار هذا الوضع سنة بعد الأخرى كان يتدهور سعر صرف الريال اليمني بطبعته الجديدة التابع لسلطات متعددة منظوية في جلباب الشرعية وعمت الفوضى و الفساد في جميع الأوعية الإيرادية للدولة. وانعكس ذلك بما وصل اليه الوضع من التدهور الاقتصادي والإنساني.

وحالياً مع بروز نوايا طيبة من قبل الحكومة الحالية ممثلة برئيسها سالم صالح بن بريك بدأ بخطوات إجرائية هامة لإعادة تنظيم وتدفق الإيرادات العامة للدولة إلى البنك المركزي حسب القانون المالي واللوائح الإدارية والتنظيمية المنظمة. إلا أن رئيس الحكومة، كما يتم تبادله في وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الإعلامية المختلفة بما فيها القنوات الفضائية الحكومية والشارع في جميع المحافظات يواجه تحديات كبيرة من قبل هوامير الفساد المتحكمين بإيرادات الدولة مدنيين وعسكريين يرفظون توريد الإيرادات العامة للدولة التي تحت سيطرتهم بمبررات مختلفة، وبنفس الوقت لا يلمس وجود إرادة سياسية ساندة للحكومة من مجلس القيادة الرئاسي، الأمر الذي يؤدي إلى اتهامات بتواطئ رسمي من قبل قيادات نافذة في الدولة تمانع بتنفيذ السياسات والإجراءات التي يعلن عنها رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي اليمني. ويشير إلى أن الحكومة والبنك المركزي تواجه تحديات تبشر بانتكاسة للنجاحات الكبيره التي تتحقق في مجال الإصلاحات الاقتصادية وتحديداً في المجالين المالي والنقدي.

ولما سبق نوصى مجلس القيادة الرئاسي إظهار قدر عال من الإرادة السياسية في مواجهة التحديات التي تواجه الحكومة والبنك المركزي.

وإذا عمل بهذه التوصية سنرى تعاظم آثار للسياسات المالية والنقدية ومجمل الإصلاحات الاقتصادية التي بدا العمل بها تنعكس بتحسن سريع للأوضاع الاقتصادية والإنسانية، الأمر الذي لا شك سيكون له بالغ الأثر على إستعادة مؤسسات الدولة وإعادة بنائها وبالتالي التمهيد الموضوعي والذاتي الخلاق لوضع نهاية للحرب وتحقيق السلام.