آخر الأخبار

spot_img

الاشتراكي وصناعة الوعي من أجل التغيير (الحلقة السابعة عشرة)

عبدالجليل عثمان 

الحزب عاش أزمة بعد حرب ٩٤م فهو حاضر غائب أو حاضر يغيب، ينهض ويكبو وحينما يسير سيراً غالباً في غير الطريق الذي يفضي إلى الإقتراب من أهدافه وبرنامجه وكأنه فاقد للأتجاه.

وبرغم بعض الخطاب..والآهات.. والأماني الصادرة عنه إلا أن الحزب يغيب عن حياة الناس، ويغيب تميزه في القضايا الكبرى التى لم تجد من الحزب تعاطيا كفاحيا اجتهاديا لا في الفكر ولا في الممارسة في مواجهة سياسة الحرب العدوانية لحليفي الحرب واستهدافهما لبنية الدولة الوطنية المادية والبشرية والثقافية في الجنوب والغاء شراكته في بناء الوحدة والتوجه الديمقراطي، والعبث في الذاكرة الوطنية، ولم يوجد موقف واضح في مواجهة شريكي الحرب باستثناء ما قامت به صحيفة الحزب (الثوري) فقد كان إسهامها يبعث على الاعتزاز، وظهر وكأنه يحسب لكتابها على رأسهم رئيس التحرير الصحفي القدير خالد سلمان، بل إن الصحيفة تعرضت للنقد من قبل البعض لذلك الاسهام الأيجابي، والمحاكمة من قبل السلطة.

انتظر أعضاء الحزب أن يتميز الموقف الفكري والسياسي للاشتراكي عن شريكيّ الحرب وتكون بداية للإنطلاق في عودة الوعي والروح للحزب الذي عرفه الشعب وميزه عن الاحزاب الاخرى. (1)

وفي افتتاح دورة اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني ال(35) في مارس97م عبر المناضل علي صالح عباد ( مقبل) الأمين العام للحزب اصدق تعبير في كلمته حول مستقبل الحياة السياسية في اليمن وهي:

أولاً: ما هي رؤية قيادة حزبنا لمشاركة المواطنيين في الحياة السياسية في المحافظات بكل تقسيماتها الإدارية.

حيث قال: (إن مهمتنا القادمة إعادة بناء حياتنا التنظيمية على أسس جديدة مغايرة لكل طرق وأشكال عملنا السابقة، والتيقن الفعلي من فعاليتنا في الواقع ومدى ارتباطها بهموم ومعاناة الناس في مختلف المستويات).

وقدم إجابات عن: الأسباب الذاتية:

١- في استبداد السلطة ضد الرأي الآخر، وفي موقف خصوم الحياة الحزبية الذين ضلوا يدورون في فلك السلطة ويعملون على توليد شعور وسط الناس بعدم جدوى العمل وسط الأحزاب، واستخدام الوسائل الإدارية تجاه أعضاء الحزب في الجهاز الحكومي..

٢- توظيف الاعلام الرسمي والخطاب الديني لتشويه مواقف الحزب الاشتراكي ونشر الاشاعات والتهم التخوينية والتكفيرية والانفصالية.

٣- تشويه مطالب الاشتراكي في بناء دولة قانون في اليمن من خلال تمسكه في تطبيق وثيقة العهد والاتفاق.

كما طرح الأسباب الموضوعية في:

1– إنشغال المواطنيين بهمومهم المعيشية وتهميش الاشتراكي وبعض الاحزاب واعاقة مبادرته ومحاولة اخضاعه لأشكال ناطقة بأسمه.ومن هنا تحدث مقبل: (ان المواطنين اصبحوا فاقدين الثقة بالأحزاب جراء عدم مصداقية قيادتها أو عدم ثبات مواقفها العملية في تبنّي قضايا الناس وتحويلها إلى واقع ملموس).

2– انخفاظ مستوى التعليم وندرة النخب السياسية والفكرية وعدم تنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الانسان من الحكومة.

3– وجود مظاهر سلبية في قيادة الأحزاب بافتقارها لتبنّي مشاريع اجتماعية خدمية للناس، وعدم ارتباط برامجها بالتغيير الملموس عن مطالب الناس من خلال تكليفات معينة، وعدم إفساح المجال لتمثيل القوى الشعبية وسط الحزب ووصولهم الى قيادات المنظمات.

لقد أرجع مقبل عدم مشاركة المواطنيين وسط الأحزاب ومنها حزبنا إلى عاملين:

الأول: عدم اقتناع المواطنيين بفعالية حزبنا وأحزاب أخرى كونهم بدون وزن اجتماعي وتأثير.

الثاني: عدم اقتناع قيادات وكوادر الأحزاب التى تشارك بالحياة السياسية في فهم قضية الديمقراطية وجعلها مطالب في اجتماعات الاحزاب، فلا تزال الممارسات فوقية لاتسندها ثقافة التنمية والتحديث. ولا يزال هناك تناقض بين مواقف وممارسات الاحزاب بين مبادي الديمقراطية وعدم الانضباط الحزبي.

ثانياً: تقييم قيادات وكوادر حزبنا لفعالية منظمات الحزب وأعمالها.

من حيث: هل هي مقتنعة بأن سير المنظمات الحزبية في كل محافظة تستند عند ممارسة أنشطتها وأعمالها السياسية والاجتماعية إلى أسس ديمقراطية سليمة. أم ان حياتها الداخلية ما زالت متعثرة أو تعاني من المظاهر السلبية التى لاترتقي الى القواعد الديمقراطية. ثم؛ ماهي علاقة منظمات الحزب في التقسيمات الإدارية بالفئات والشرائح الاجتماعية الموجودة في محيطها، وبالمنظمات الجماهيرية المهنية والاجتماعية والابداعية؟ وبالتالي:

إلى أي مدى تشعر قيادات وكوادر الحزب وأعضاء حزبنا بجدوى مواقف وسياسات قيادات الحزب في الأمانة العامة واللجنة المركزية.. الخ في ميدان التعبير عن القضايا الوطنية والقومية والدولية؟.

ثالثاً: كيف تقيم قيادات منظماتنا الحزبية مستقبل الحياة السياسية في اليمن؟.

لابد في البداية من معرفة رؤية قيادات وكوادر حزبنا لمستقبل الحياة السياسية وهذا يتطلب:

أولاً: أن نتوجه إلى بعضنا البعض بالأسئلة التي يقع علينا أن نجيب عليها في اطار القواسم المشتركة المستمدة من الواقع، ولكن بغير شطط، وبدون خمول أو تقاعس عن الإتفاق على إنجاز ماهو ممكن وما تسمح به ظروف حياتنا الراكدة، واستخلاص واقع فعالية عمل المنظمات الحزبية.

وأول هذه الاسئلة هو:هل حكم على منظماتنا الحزبية أن تقيد أعمالها، وأن تنكفئ عن ممارسة أنشطتها السياسية والاجتماعية لكي تضل اوضاعها باقية؟

ألا تقتضي الضرورة ان نتقدم بخطى ثابته، وبصورة مشتركة نحو إصلاح أوضاعنا الداخلية بدون تردد، أم نرجئ عملية الإصلاح، ونترك مواقع الخلل تتفاقم وتتسع حدتها لتجد عملية الإصلاح فيما بعد قد أتسمت: إما بأستحالة الحل، أو بحلول باهضة التكاليف؟

وتجربة حزبنا الماضية ذات النوازع الثقافية المتنوعة تشير إلى أننا قد تعودنا في حياتنا الداخلية على ترحيل الحلول الناجعة لمشاكلنا تاركين لها مع مرور الأيام أن تتوسع في حجمها وتنفجر وتقود إلى تعقيدات إضافية وتكون هذه الحلول مبتترة بحكم استنادها إلى الإستقواء بتكويناتنا الداخلية الماضوية.(2).

————————————

(1)وثيقة لمجموعة من قيادات الحزب وكوادره عقب انتهاء حرب٩٤م. (2) كلمة الامين العام السابق للحزب علي صالح عباد(مقبل) في الدورة(35) للجنة المركزية للحزب. يتبع