آخر الأخبار

spot_img

مرور أربعين يوماً على رحيل أبرز المناضلين القُدامى والمُعَمّرين في المناطق الوسطى المناضل الكبير مسعد ناجي العولقي

صحيفة الثوري- كتابات: 

 أحمد ناصر الحاج الظاهري

يصادف اليوم الثامن عشر من يوليو ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة المناضل والشخصية الاجتماعية المرموقة مسعد ناجي العولقي، وليعذرني رفاق دربه وأبناؤه وأحفاده ومحبيه أني لم أتمكن من كتابة بعض الأسطر يوم رحيله الفاجع في التاسع من يونيو المنصرم للعام 2025، ذلك لأنني وقتها نزيلاً في إحدى مستشفيات القاهرة بعد إجراء عملية للشرايين.

لقد كان لرحيله الأثر الكبير والحزن العميق في مشاعر وقلوب كل المناضلين والمواطنين الذين عرفوه مناضلاً مقداماً ومدافعاً أميناً عن حقوق المواطنين وحرياتهم، وله مواقف وأدوار وطنية مشهودة من خلال الذود عن أهداف ومبادئ ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين.

قاوم الظلم ورموز الاستكبار منذُ صباه، وذاق مرارة التعسف والقهر حينما أخذه النظام الملكي في عهد الإمام يحيى رهينة، رغم أن عمره كان وقتها لا يتجاوز العاشرة، فيما عُرف وقتذاك بـ(الرهائن) لضمان ولاء المواطنين والمعارضين لنظام الإمامة وإخضاعهم لحكمه، وظل رهينة لفترة من الزمن.

وعند قيام ثورة سبتمبر المجيدة وقيام النظام الجمهوري، كان من الشباب الذين ناصروا الثورة وآزروها من خلال النشاطات الجماهيرية المؤيدة للنظام الجمهوري والدفاع عنه، وبعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م وتشكيل المقاومة الشعبية للدفاع عن الجمهورية وعاصمتها صنعاء أثناء حصار السبعين يوماً الذي تكلل بالانتصار في ملحمة السبعين التاريخية.

كان الفقيد مسعد ناجي العولقي من الطلائع الأولى في تشكيلات المقاومة الشعبية في المناطق الوسطى، التي كان لها دور بطولي في الدفاع عن الثورة والجمهورية، وشارك مناضليها في التصدي لجحافل الملكيين في كل مواقع البطولة والشرف في نقيل يسلح وضواحي العاصمة صنعاء وغيرها من مواقع الاستبسال والبطولة إبان حصار السبعين.

وارتبط بعلاقات رفاقية وطيدة مع قائد المقاومة الشعبية في المناطق الوسطى الشهيد طاهر ناجي الظاهري، والشهيد القائد الشيخ عبد الجليل الصيادي، وعدد كبير من القادة والمناضلين الذين نالوا الشهادة وأولئك الأحياء الذين لا يزالون على درب النضال الوطني سائرين.

لقد امتاز الفقيد بصفاتٍ نضاليةٍ نادرة، جمع فيها بسالة المناضل الثوري سلوكاً وممارسة، وشخصية الواجهة الاجتماعية ذات الوزن الكبير في كل حضرةٍ وموقف، وبذل كل ما يمتلك من ماله وروحه في سبيل نصرة الخيارات والقيم الوطنية النبيلة، والمشروع الوطني الديمقراطي الحداثي الذي انتهجه الحزب الاشتراكي اليمني والحركة الوطنية الديمقراطية.

وكان يمكنه العيش برغد ورفاه، سيما وأنه من أحد كبار ملاك الأراضي، ولكنه فضّل النضال جنباً إلى جنب مع الجماهير الكادحة والمتطلعة للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية الحديثة.

إن سيرة حياته النضالية مليئة بالمآثر والتضحيات، وهو نموذجٌ للمناضل الصامد والمتمسك بالأهداف والمبادئ السامية التي آمن بها حتى آخر لحظة في حياته.

قاوم الظلم والحملات العسكرية البربرية التي كانت تُرسلها السلطات المتعاقبة في صنعاء في تلك المرحلة من التاريخ، وامتشق السلاح دفاعاً عن حريات الناس وحقوقهم في وجه البطش والتنكيل في مرحلةٍ تاريخيةٍ من الزمن.

وفي هذا السياق والمناسبة، قد لا أستطيع أنا أو غيري من رفاق دربه أن نفي بسرد كل مآثره وصفاته وسيرته النضالية بالتفصيل الأكثر إنصافاً، ويمكنني إيجازها بالتالي:

• الفقيد مسعد ناجي العولقي من منطقة العود، قرية بيت العولقي، مديرية دمت، محافظة الضالع (توفى وعمره ما يقارب المائة عام).

• التحق في صفوف المقاومة الشعبية في نهاية الستينات من القرن الماضي، ثم في صفوف منظمة المقاومين الثوريين، إحدى تكوينات الحزب الاشتراكي اليمني منذ العام 1971.

• اشترك في صدّ الحملات العسكرية على المنطقة الوسطى التي حاولت قمع المد الثوري المتصاعد المناهض لنظام 5 نوفمبر، والتي دمّرت المئات من المنازل في عدد كبير من القرى، ونكّلت وشردت آلاف الأسر، وزجت بالآلاف من الوطنيين في غياهب السجون.

• وبسبب موقفه الوطني المقاوم للظلم والإرهاب، تعرّض منزله للتدمير في العام 1972م.

• تعرّض للمطاردات ومحاولات التصفية الجسدية، وتم اعتقاله وزُج به في السجن وتعرّض للتعذيب، ولم يُفرج عنه إلا في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.

• بعد خروجه من السجن، عاود نشاطه الجبهوي والجماهيري.

• كان عضواً جبهوياً بارزاً في إطار الجبهة الوطنية الديمقراطية، وذاعت سمعته العطرة بين الناس كمناضل ثوري باسل حتى إعلان الوحدة.

• تعرّضت عائلته للتشرد، مثلها مثل المئات من العائلات في المناطق الوسطى وبقية المحافظات التي شهدت الصراع المسلح بين الجبهة والسلطة حينذاك، واستقر بها الحال في العام 1982م في قرية العُقلة، مديرية الحُصين – محافظة الضالع، وهي إحدى القرى القريبة مما كان يُسمى (مناطق الأطراف قبل الوحدة)، عُرفت باسم عُقلة مُريس لترابطها الجغرافي والقبلي بمنطقة مُريس (بين شمال الوطن وجنوبه).

• واستقرّت عائلته في تلك القرية حتى إعلان الوحدة عام 1990.

• على يده التحق عدد من المناضلين والشباب إلى صفوف العمل الوطني والجبهوي، وكان يُعد أباً روحياً للمناضلين، وحظي بحب الناس واحترامهم، وظل حتى وافاه الأجل مرفوع الهامة والقامة، شامخاً جسوراً في كل منعطفات النضال الوطني المجيد، لم يخضع يوماً للتهديد أو الترغيب من قبل السلطات المتعاقبة، بل كان ثابتاً على نهجه الوطني وموقفه تجاه القضايا العادلة للشعب والوطن.

• أصيلاً في معدنه النضالي والاجتماعي.. كيف لا؟ وهو من عائلة وآل العولقي، ومن تلك الشرائح الاجتماعية والتقدمية التي لها باعٌ طويل في الساحة الوطنية في شمال الوطن وجنوبه، وتناسل أبناؤها وأحفادها في جينات امتزجت ثناياها بالنبل والشهامة والإباء، وسُقيت من مناهل الحب للوطن والشعب، وأصبح بعضهم قادة مرموقين في المجالات العسكرية والسياسية وغيرها، واستُشهد العديد منهم في واحات الوغى ومعمعان النضال الوطني والتحرري المجيد، مسطّرين بدمائهم أسمى آيات المجد والبطولة في سبيل تحقيق أهداف ومبادئ الثورة اليمنية.

تحية الإجلال والوفاء للفقيد المناضل مسعد ناجي العولقي في ذكرى مرور أربعين يوماً على رحيله،

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الخالدين الأبرار،

ولتبقَ صفاته ومآثره النضالية خالدة في وجدان الشعب وضميره، وساطعة في أزهى صفحات التاريخ.