الثوري – متابعات:
يواجه الآلاف من الصيادين اليمنيين وأسرهم، مخاطر الجوع، في ظل توقف مصادر دخلهم من مهنة اصطياد الأسماك على مدى قرابة الشهر، نتيجة العمليات العسكرية المتصاعدة في البحر الأحمر.
لم يعد بإمكان شريحة الصيادين في مياه البحر الأحمر، ممارسة أعمالهم على نحو اعتيادي، إذ باتت مخاطر الموت تحيط بهم من كل جانب، فضلًا عن الظروف الأمنية وتداعيات الحرب المندلعة منذ 2015، بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي، إضافة إلى الصدمات المناخية المتلاحقة التي أثرت على الشعب المرجانية، وجرفت البيئة الملائمة للأسماك.
دفعت الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن العابرة في البحر الأحمر صيادين يمنيين للرحيل عن ميناء الحديدة بحثا عن لقمة العيش في منطقة أخرى، بعد أن بات صيد الأسماك في هذه المنطقة بالغ الخطورة.
وتلقي الأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر بتبعاتها على أنشطة الصيد البحري في اليمن، لتضيف المزيد من المتاعب للصيادين الذين يعانون من انحسار أعمالهم وتضرر موانئ الصيد والقوارب بفعل سنوات الحرب التي مزقت البلاد.
وبينما لجأت شركات ملاحة عالمية إلى تغيير وجهات سفنها القادمة من آسيا إلى أوروبا لتدور حول أفريقيا في طريق رأس الرجاء الصالح عوضا عن قطع مضيق باب المندب للوصول إلى البحر الأحمر ومنه إلى قناة السويس، كشف الصيادون اليمنيون أن العمل في هذه المنطقة المضطربة بات مهددا للحياة.
وتبدي جمعيات عاملة في مجال الاصطياد السمكي قلقها ومخاوفها الشديدة جراء ما يتعرض له هذا القطاع من تدهور خطير، وسط توسع الأعمال العسكرية وانتشار البوارج والقطع الحربية في مياه البحر الأحمر وتأثير ذلك على مناطق الاصطياد في محافظات اليمن الشمالية الغربية مثل الحديدة وحجة ومناطق المخاء وذباب وباب المندب.
بدوره، كشف مدير عام مكتب الإعلام بمحافظة الحديدة علي الأهدل، أن غالبية سكان الحديدة يعتاشون على مهنة الاصطياد، بواقع أكثر من 300 ألف صياد، موزعين على مختلف مناطق المحافظة الساحلية».
وأضاف الأهدل، في حديثه مع «إرم نيوز»، أن «قرابة %60 من هؤلاء الصيادين، يعانون البطالة والتوقف عن ممارسة أعمالهم، نتيجة وضع ميليشيات الحوثيين ألغامًا بحرية بشكل عشوائي في معظم المناطق الساحلية الخاضعة لسيطرتهم، إلى جانب تثبيت ألغام بحرية قبالة الأماكن المهمة، مثل ميناء الحديدة، وميناء رأس عيسى، وأمام ميناء الصليف، في حين تنتشر الفرقاطات والسفن الحربية الدولية في الطرف الآخر من المياه الدولية».
ولفت إلى أن «نحو %40 من صيادي الحديدة، يمارسون مهنة الاصطياد في أطراف المياه، ولا يستطيعون الدخول إلى عمق البحر، فيما فضّل عدد منهم مغادرة الحديدة، بحثًا عن فرص عمل أخرى في مهنتهم التي يجيدونها».
وأشار الأهدل، إلى أن صيادي الحديدة، أصبحوا وأسرهم التي يعيلونها بين «مطرقة الجوع في المنازل، وسندان الموت جراء العمليات العسكرية المتصاعدة، ولم يعد أمامهم سوى بعض المناطق التي تخضع لسيطرة قوات خفر السواحل اليمنية الحكومية».
ويرى خبراء في الاقتصاد والبيئة أن هناك أضرارا بالغة للسفن الحربية المنتشرة في الممرات المائية، إضافة إلى الأضرار الناتجة جراء رمي الملوثات المختلفة في السواحل والمياه اليمنية والتي تسببت وفق بيانات رسمية في خسائر تقدر بنحو 420 مليون دولار، في حين يُقدر إجمالي تقييم الأضرار البيئية لسفن الصيد الأجنبية المخالفة بنحو 1.68 مليار دولار، إلى جانب الخسائر الناتجة من الصناعات والخدمات المصاحبة للنشاط السمكي والرسوم والعائدات والتي تصل إلى حوالي 100 مليون دولار، فضلاً عن ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والتسبب في زيادة الجوع جراء منع المئات من الصيادين من الاصطياد حتى لا يتعرضون لأي مخاطر أخرى. وعثر الخميس الماضي، قبالة مديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة على جثامين 8 صيادين من أبناء مدينة الخوخة، قُتلوا رميًا بالرصاص من قبل جهة مجهولة، بعد فقدانهم، خلال الأسابيع الماضية، عقب رحلة صيد.
بدورها، اتهمت جماعة الحوثيين «قوات دولية» في مياه البحر الأحمر، دون الإشارة إلى جنسيتها، بإطلاق النار على الصيادين الثمانية أثناء مزاولة عملهم في المياه الإقليمية.
يذكر أن عدة سفن في البحر الأحمر تعرضت لهجمات من قبل جماعة الحوثي التي تقول إن الهجمات تأتي ردا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر الماضي.
ووجهت الولايات المتحدة ضربات جوية على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة على تعريض حرية الملاحة للخطر وتهديد حركة التجارة العالمية.
فيما تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستخدام أمن البحر الأحمر لأغراض «دعائية» لا تمت بصلة لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة، وإنما تخدم «أجندة إيران وسياستها التوسعية في المنطقة».