آخر الأخبار

spot_img

لا قداسة لشيوخ الخيانة

“صحيفة الثوري” – كتابات:

أحمد السلامي

أعرف أن الخيانة تكاد أن تكون القاسم المشترك الذي يجمع الانقلابي والشرعي في اليمن اليوم، والفرق بين مختلف الأطراف المتحاربة في هذا التوقيت ضئيل، ولكني تفاءلت وفرحت عندما قرأت منشورات ليمنيين يطالبون بعدم التغاضي عن المشائخ الذين تورطوا في خدمة الجماعة التي انقلبت على الدولة وفخخت المجتمع بالحرب الداخلية والخارجية، وجلبت إلى اليمن مختلف ألوان العدوان الأصفر والأخضر وأبو نجمة سدا*سية.

والدولة عندي ليست شرعية اللحظة الراهنة لأن هناك فارق كبير بين السلطة التي تحكم وبين الدولة، فالسلطة الحاكمة متحركة وزائلة والدولة ككيان باقية وراسخة، ومن يخون الدولة ويتآمر ضدها فإنه لا يخون السلطة الحاكمة (الشرعية) ولكنه يخون الكيان الذي تحكم السلطة باسمه وهو اليمن.

والمطالبة بمحاكمة المشائخ الذين خانوا الدولة وتحالفوا مع الانقلابيين يعني أن القبيلة لم تعد في الوعي الجمعي فوق الدولة، حتى لو أصبحت الدولة (رماد) لا بد من محاسبة ومعاقبة من يخون ومن يتحالف ومن يتآمر ضدها مع أنصار الفقر والجهل والتخلف. ويجب أن تجعل القوة الدستورية والشخصية الاعتبارية للدولة كل شيخ يحذر من الارتباط مع من يهددون استقرار ومستقبل اليمن. ويجب أن يعاد العمل بالقانون وتنفيذ الأحكام العادلة بعد إجراءات التقاضي المستوفية للشروط ضد كل من تثبت ضده تهمة الخيانة العظمى.

في المقابل ظهر من يتحدثون عن قداسة الشيخ القبلي وحقه في التنقل بين حضن الدولة ومن يعاديها، وهؤلاء مبررين دائمين لكل ما يضعف سيادة القانون. لكن رغم هشاشة الدولة ومحدودية نفوذها لا يجب أن تتهاون في فرض هيبتها في كل الظروف. فالقبيلة وإن كانت أمر واقع ولا يمكن تجاهلها ينبغي وقف استثمارها الأبدي كأداة للتمرد والخيانة، وللحد من نفوذ المشائخ ومبرر وجودهم من الأساس يجب تفعيل القضاء المستقل وتعزيز التقاضي العادل والشفاف في المناطق القبلية، وسيجد القبيلي في الدولة البديل الممتاز للشيخ النهاب الذي يستغل المجتمع ولم تعد له حاجة إلا بسبب الضعف والهشاشة الحاصلة في القضاء.

من ناحية ثانية يمكن الاستفادة من مشايخ القبائل الموالين للدولة ليكونوا جسراً بينها وبين المجتمع ولكن بشروط صارمة تحد من تشكل الولاءات المزدوجة، ومن المهم التركيز على نشر ثقافة المواطنة وتشكيل العبرة في الميدان بفرض عقوبات رادعة على من يثبت تورطهم مع جماعات معادية، وبدون استغلال العقوبات لتصفية حسابات سياسية، والقانون هو الحكم بين الجميع، والدولة حتى في أشد حالات ضعفها يجب أن تكون حازمة ولا تتهاون مع الخيانة، فلا قداسة لشيوخ باعوا الجمهورية لنظام الولاية ولا مكان لمن يبرر التآمر على الدولة لأنها دولة كل اليمنيين ومن يمس سيادتها بأي تهديد فإنه يستهدف عملياً كل مواطن.