صحيفة الثوري- كتابات:
اللواء/ علي حسن زكي
إن معاناة أبناء الجنوب الحياتية تزداد جحيماً يوماً تلو الآخر: الدولار في حالة ارتفاع مستمر وتوقعات باستمرار ارتفاع قيمته، ومعه تنحدر القيمة الشرائية للعملة المحلية إلى أدنى مستوياتها، ومع انحدارها تستمر الارتفاعات السعرية المخيفة، فقد وصلت أسعار المواد أرقاماً مفجعة، وفي مقدمتها المواد الغذائية الأساسية.
سعر القرص الروتي 100 ريال… حدث ولا حرج، فكم تحتاج الأسرة من أقراص للفطور والعشاء وبكم؟ وفي ظل انعدام ما باليد، ماذا عن بقية متطلبات العيش والحياة؟
يترافق هذا مع استمرار تدني مستوى دخل الفرد وراتب الموظف وعدم دفعه في موعده نهاية كل شهر، ومع انقطاعات الكهرباء والماء وتدهور بقية الخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى.
إن كل تلك المعاناة ليست نتاجاً لظروف طبيعية خارجة عن الإرادة، ولكن تأتي أغلبها – إن لم تكن كلها – في إطار سياسة ممنهجة تستهدف حياة الناس في معيشتهم وخدماتهم لإذلالهم وتركيعهم، وإشغالهم بأمورهم الحياتية ولصرف انتباههم عن عدالة قضيتهم ومشروعية حقهم في استعادة دولتهم الجنوبية كاملة الحرية والسيادة والاستقلال، والقبول بأنصاف الحلول، وفي سياق حسابات سياسية باتت أكثر من معلومة.
وفي ظل فساد يزكم الأنوف، ضاعت معه مئات الملايين من عائدات وموارد الثروات النفطية والغازية والمعدنية، والضرائب المحلية والعامة من الميناء والمطار، وكذلك الجبايات والدعم والمساعدات والمنح الخارجية وغيرها من العائدات والموارد الجنوبية الأخرى، إذ لو كانت حاضرة لما وصل الوضع إلى ما وصل إليه.
ولذا فإن إخراج الناس من معاناتهم وإنقاذهم من كارثة المجاعة – وفقاً لأحاديث عامتهم “العامة” من أيديهم بالنار – لا يتم بمجرد بيانات واجتماعات ودعوات، ولا بخطة… مئة يوم.
فمن لم يحل ذلك في مئة شهر أو أقل منذ تعيين وزراء حكومة الشراكة الثابتين بحكم المحاصصة والتمثيل على كراسي وزاراتهم، على مدى ثلاثة أو أربعة تداولوا رئاسة الحكومة حتى الآن، فكيف له أن يحلها في مئة يوم؟
وإن الحل بصورة عامة يتمثل في حكومة كفاءات مهنية تخصصية، لا وجود فيها للتدخل المركزي، وخالية من المحاصصة والتمثيل، بعدما ثبت فشل ذلك، مترافقاً مع مكافحة الفساد والعبث والاحتيال على المال العام، وصرف المرتبات والإعاشات بالدولار، وترشيد الإنفاق العام، وإصلاح الاختلالات المالية حيث وجدت، وفق سياسة اقتصادية رشيدة، والاهتمام بعائدات وموارد الجنوب الداخلية والخارجية سالفة الذكر، وإيداعها جميعاً دون استثناء في البنك المركزي أولاً بأول، وتوجيه مردوداتها لصالح تحسين معيشة الناس ودفع مرتبات الموظفين في مواعيدها، وإنفاذ مبدأ الرقابة والمساءلة والمحاسبة، والكل أمام القانون سواسية.
إن في كل ذلك أسس الحل، وما بقي تفاصيل، إن كانوا فاعلين.
وخلاصة القول: أحوال الناس لم تعد تحتمل المزيد، لم تعد تحتمل المماحكات والحسابات السياسية، فلقد بُحّت أصوات المحتجين في ميادين وساحات وشوارع النضال السلمي، وجفّت الأقلام، وامتلأت منصات ومواقع التواصل الاجتماعي والواتساب بالمقالات والمحادثات الرافضة لما وصلت إليه أحوالهم.
ولا حياة لمن تنادي… إن صبر الناس لن يطول… الجوع كافر.