آخر الأخبار

spot_img

عدن ليست غنيمة حرب بل مدينة تستحق الحياة

صحيفة الثوري- كتابات:

د. قاسم الهارش

لا نكتب اليوم من موقع خصومة، بل من موضع الألم، من قلب مدينة تتهاوى تحت وطأة الإهمال. عدن، التي كانت منارة للحضارة والمدنية، تحولت اليوم إلى مدينة منهكة، بلا كهرباء، بلا ماء، بلا دواء، بلا تعليم، وبلا أمل.

عدن لم تُهزم، لأنها لم تستسلم. لكن من هُزم هم أولئك الذين تصدروا المشهد، وتحدثوا باسم الناس، ثم تركوهم يتألمون وحدهم. خسرتم عدن لأنكم لم تحترموا تاريخها، ولم تصونوا تضحياتها، ولأنكم رأيتم السلطة مكسبًا لا مسؤولية.

عدن التي كانت من أوائل المدن العربية في التنوير، احتضنت الصحافة والمسرح والنقابات والمدارس، وصاغت الوعي الوطني، أصبحت اليوم ساحة للخراب. مؤسساتها مدمَّرة، خدماتها منهارة، وشعبها ضائع بين الفقر واليأس.

ما الذي قدمتموه؟ هل حفظتم كرامة الناس؟ هل وفرتم لهم أبسط مقومات الحياة؟ أم انشغلتم بتقاسم النفوذ، وتبادلتم اللوم، وتجاهلتم مسؤولياتكم؟

عدن ليست عبئًا كما تتعاملون معها، بل كنز وطني وتاريخي يحتاج إلى من يصونه. والمصيبة أن ما يحدث لم يكن قَدَرًا، بل نتيجة لفشل إداري وأخلاقي. أنتم لم تُهزموا في معركة عسكرية، بل في امتحان الضمير.

نقولها بوضوح: كفى تبريرًا وهروبًا من المسؤولية. عدن تنهك كل يوم، لكنها لا تموت، ولن تموت. وعدن ستنهض، لأن أهلها أوفياء، ويؤمنون بها، ومستعدون للتضحية من أجلها.

أما أنتم، فإن لم تملكوا رؤية للإنقاذ، فافسحوا المجال لغيركم، أو فارحلوا بصمت. ما تفعلونه ليس قيادة، بل عبء على المدينة.

عدن مدينة لا تُستعمل، بل تُخدَم. ولا تُخذَل، بل تُنصَر. وهي اليوم تنادي من يملك الشجاعة والضمير.