آخر الأخبار

spot_img

الريال اليمني يواصل التدهور في عدن وسط ثبات قسري في صنعاء

عدن – صحيفة الثوري: 

سجّل الريال اليمني صباح اليوم الخميس تراجعًا جديدًا أمام العملات الأجنبية في العاصمة المؤقتة عدن، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة وغياب حلول مستدامة من قبل الحكومة المعترف بها دوليًا.

وبحسب مصادر مصرفية، بلغ سعر الدولار في السوق غير الرسمية 2540 ريالًا للبيع، و2523 ريالًا للشراء، فيما سجل الريال السعودي 666 ريالًا للبيع و664 ريالًا للشراء.

وفي صنعاء، ما يزال السعر المعلن لصرف الدولار مستقرًا عند نحو 538 ريالًا للبيع و535 ريالًا للشراء، بينما يستقر الريال السعودي عند 140.40 ريالًا للبيع و140 ريالًا للشراء، وفق نشرة محلية صادرة في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين.

لكن هذا “الثبات” لا يعكس جوهر التناقضات الاقتصادية في اليمن، بل يكشف عمق الانقسام النقدي والاختلال الهيكلي في أدوات السيطرة الاقتصادية شمالًا وجنوبًا.

كيف ثبت الحوثيون سعرًا وهميًا للدولار في صنعاء؟

اعتمدت جماعة الحوثي على أدوات قسرية وأمنية أكثر منها اقتصادية لتثبيت سعر صرف ثابت (530 ريالًا للدولار تقريبًا) في صنعاء، وأبرز تلك الأدوات:

1. منع تداول الطبعات الجديدة من العملة الصادرة عن البنك المركزي في عدن، مما خلق نوعًا من الانفصال النقدي بين الشمال والجنوب، مع تزايد تَلف العملة المتداولة شمالًا.

2. فرض سعر صرف رسمي على البنوك وشركات الصرافة، ومنع أي تعامل خارج هذا السعر، مع تغريم أو إغلاق المخالفين.

3. ضبط حركة العملة ومنع خروج الأموال من مناطق سيطرتهم.

4. استخدام موارد ضخمة من الجبايات، والتحويلات، والمساعدات الإنسانية، لامتصاص بعض الضغوط في السوق.

لماذا ترتفع الأسعار في صنعاء رغم انخفاض سعر الصرف المعلن؟

في الواقع، لا يعكس السعر الرسمي في صنعاء القيمة الحقيقية للعملة أو كلفة المعيشة، إذ يواجه المواطنون أسعارًا مرتفعة للسلع الأساسية، ويعود ذلك إلى:

1. ارتفاع السعر الحقيقي للدولار في السوق السوداء، خصوصًا في التحويلات والاستيراد.

2. الضرائب والجبايات المتعددة التي تفرضها الجماعة على التجار والمستوردين.

3. تعقيد حركة السلع والمنافسة المحدودة بسبب القيود المفروضة على النقل والتوزيع.

4. تسعير السلع بناءً على سعر الدولار الفعلي وليس الرسمي، لتعويض الخسائر أو الحفاظ على الأرباح.

لماذا تبدو الأسعار أقل في عدن رغم تراجع الريال؟

في عدن والمناطق المحررة، يُعد سعر الصرف معبّرًا بشكل واقعي عن وضع السوق، رغم ارتفاعه:

هناك منافسة مفتوحة نسبيًا، ونظام جبايات أقل شراسة، رغم وجود الفساد.

التسعير يتم وفق سعر صرف حقيقي، ما يجعل الأسعار أقرب إلى منطق السوق.

في بعض الحالات، تكون الرقابة مرنة ولا تُستخدم كأداة قسرية.

ويرى مراقبون ان السعر الثابت في صنعاء هو سعر قسري أكثر منه حقيقي، ولا يُترجم إلى انخفاض في أسعار السلع، بل على العكس، تعاني مناطق الحوثيين من مستويات أسعار أعلى رغم سعر الصرف المعلن.

أما في عدن والمناطق المحررة، فرغم تدهور الريال، إلا أن السوق أكثر واقعية وشفافية، ما يجعل الأسعار أقل نسبيًا، وإن كانت لا تزال بعيدة عن متناول الأسر ذات الدخل المحدود.

هذا التناقض الصارخ في بنية السوق بين المنطقتين لا يعكس فقط انهيار الاقتصاد، بل يُظهر انقسامًا نقديًا  يتعمق يومًا بعد آخر في ظل غياب أي أفق لحل سياسي أو اقتصادي شامل.