آخر الأخبار

spot_img

رمادُ الجهات

“صحيفة الثوري” – ثقافة وفكر:

همدان زيد محمد 

تهذي الجهاتُ،

وفي انكسارِ الضوءِ،

ترتجفُ النوافذُ من غبارِ الذاهبينَ بلا دروبْ،

الوقتُ يمضغُ صمتهُ

مترنحاً بين المقابرِ والبيوتِ المطمئنةِ للخرابْ،

تُسدِلُ الأشجارُ ظلّ خيبتها،

وتلعنُ الريحَ التي نسيتْ مواسمها،

وصدى الصدى

يبكي على أطلالِ ضوءٍ

قد تخثّرَ في عيونِ السائرينَ بلا ذِهابْ.

***

كان الزمانُ

يُمسكُ المجهولَ من كفّيهِ،

يُجالسُ الحلمَ المعلّقَ في جراحِ السهلِ،

ينسجُ من غبارِ التيهِ أغنيةً

لمنْ ظلّوا،

ومنْ نسوْا في التيهِ أسماءَ الجهاتْ.

وفي المدى

يمضي المساءُ إلى احتمالاتٍ

تُحدّقُ في المدى،

وتظلّ ترقبُ ما تيسّر من حنينْ.

***

سقطتْ خُطانا في الفراغِ

ولم تجدْ أحداً هناكْ،

غيرَ ارتطامِ الصمتِ بالصمتِ المقيتْ،

ورجفةِ الأشياءِ

تنبضُ في انكساراتِ الظِلالْ.

البحرُ ظامٍ

يطوي الحنينُ على صليبِ الوقتْ،

يطلبُ نجمةً أُخرى

تُعلِّقَ حُلمهُ

فوق انتشاءِ الأمنياتْ.

***

يا موطنَ التعب المخبّأ في الترابْ،

يا قبلةً للماءِ

تُغني سُراةَ الحالمينْ عن السرابْ،

ماذا تبقّى منك غير الغيمِ ينأى عن ظلالِكْ؟

ونخلٍ شدّ كفّه نحوكَ يا جنوبُ ويا شمالكْ،

يُعيد ذاكرةً تهادت مثل سعفٍ

مالَ من تعبِ الفصولِ

وجفٌَ من أثرِ الغيابْ.

وحيدةً تمضي في دروب الحزنِ؛

هي البلاد

تبكي ظِلّها،

تظلّ تُصغي للغبارْ،

تجرُّ أنفاسَ مَن خفتت شُموسهمُ

ولم يعودوا للديارْ،

تُلقي عَباءتها على جُدرانِهم

فتسيلُ آلافُ الحَكايا في الجدار

– آه من وجعِ الجدارْ!

يصيحُ كم وهنت قوايَ من حملِ التذكّرِ

ومن ثِقلِ الحجار

أسألُ:

ما للبلاد؟!

كيف استحالَ إعصار الهتافِ إلى سكونٍ في الهواجسِ

تَخنق نفسها تلك الهواجسْ!

ذاهباتٍ في استدارةِ صمتِها،

كيف انتضت آهاتُ سكرتِها..

جفّت ملامحها

وجادَ الطلقُ عن موتٍ عتيق

حادت سفائنها بعد إرتفاع الموجْ،

وتاه في البحرِ الفنار

أيُّ حزنٍ ظلّ ينحِتُ

في جدر الصمت لذةَ موتها في الإنتظار؟!.

***

البلادُ…

ينمو الشقاءُ كطفلٍ في زواياها

يفرُّ إلى انتماءٍ بائسٍ يروي فصولَ الجوع فيها،

يعودُ صوبَ افتراقٍ قاطعٍ للدربِ

إلى أين انتضتْ أسفارها؟!

يرنو إلى وجهِ البلادِ،

ولا يراها!

والبلادُ بسِفرها

تطوي انتظارَ الحُلم في كفّينِ من شجنٍ ونار،

تهمسُ في الفراغِ:

هنا كنا،

هنا سنكونُ…

رغمَ الدمعِ،

رغمَ الغيمِ،

رغماً عن تفاصيلْ الجهاتِ؛…. عن وجع الجدارْ.

15 مايو 2025